دمشق تعد استقبالا حاشدا للاجئين عائدين الى سوريا
من خلف زجاج داكن، ينظر لاجئون سوريون من داخل حافلة بدهشة الى حشد ينتظرهم في الخارج على مرأى من جنود روس، هم العائدون إلى بلدهم بعد سنوات من هروبهم الى لبنان المجاور خوفاً من المعارك.
عند نقطة جديدة يابوس الحدودية مع لبنان، يترجّل نحو خمسين سيدة وطفلا ومسنا من ثلاث حافلات، قبل أن يتجمّع حولهم أطباء ومتطوعون يقترحون تقديم الرعاية لهم ويسألونهم عمّا يريدونه من مأكل ومشرب. ويبدون هم مرتبكين بعض الشيء لرؤية كل هذا العدد من الأشخاص حولهم.
وشهدت وكالة فرانس برس الاستقبال الاثنين في إطار جولة نظمها الجيش الروسي بالتنسيق مع السلطات السورية لصحافيين من حوالى عشرين وسيلة إعلام أجنبية.
وقال أيهم النصار خلال توزيعه بطاقات الهاتف الخلوي المسبقة الدفع بإيعاز من السلطات على القادمين "اللاجئون جزء من عائلتي. جميعنا سوريون ونتمنى عودتهم الآن بعدما استتب الهدوء" في سوريا.
على مقربة منه، كان نحو ثلاثين مراهقاً يرتدون سترات زرقاء يرددون شعارات داعمة للرئيس السوري بشار الأسد ولـ"وحدة" سوريا، ملوحين بالأعلام السورية.
وبدت الشابة راما (21 عاماً) التي وضعت نظارة شمسية عصرية وزينت وجهها بمساحيق تجميل وارتدت حجابا زهري اللون، سعيدة بالعودة الى بلادها. وقالت لوكالة فرانس برس "قالوا لنا إنه أعيد بناء الجامعة وعلينا الآن إعادة بناء قريتنا ومنزلنا".
تحت أشعة شمس حارقة، قال الطبيب غياث عبد الرحمن الذي كان ينتظر وصول الحافلات تدريجياً، "يعود اللاجئون طواعية. الوضع الآن هادئ للغاية في سوريا. هم يريدون المساعدة في إعادة إعمار بلدهم وهذا أمر هام جداً بالنسبة لهم".
– "واجب أخلاقي" –
في دمشق، أكد وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف الذي يترأس هيئة تنسيق حكومية لعودة المهجرين من الخارج تم تشكيلها حديثاً للصحافيين، أن "على كل سوري أن يشارك في عملية إعادة الاعمار"، مضيفا "إنه واجبهم الأخلاقي".
وقال مقتبساً كلاما للرئيس بشار الأسد "النصر لن يتحقق بالكامل إلا مع انتهاء عودة اللاجئين".
وتسبب النزاع الذي تشهده سوريا منذ آذار/مارس 2011، بنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها. وتقدر الأمم المتحدة وجود 5,6 مليون لاجئ سوري، غالبيتهم في الدول المجاورة لا سيما لبنان والأردن وتركيا.
ولتحقيق عودة اللاجئين، تحتاج سوريا وفق ما يقول نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد، وهو عضو في هيئة التنسيق الحكومية، الى "مساعدة حلفائنا".
وتشكل إعادة اللاجئين السوريين محور مبادرة اقترحتها موسكو على واشنطن الشهر الماضي، وتنص على إنشاء مجموعتي عمل في الأردن ولبنان، تضم كل منها بالإضافة الى ممثلين عن البلدين، مسؤولين من روسيا والولايات المتحدة.
وتحاول روسيا حالياً لعب دور محوري في إعادة اللاجئين الى بلدهم بعدما قدمت منذ بدء النزاع دعماً دبلوماسياً وسياسياً واقتصادياً لدمشق. وساهم تدخلها العسكري منذ نحو ثلاث سنوات في تغيير موازين القوى على جبهات عدة لصالح القوات الحكومية التي باتت تسيطر على أكثر من ستين في المئة من مساحة البلاد.
وعاد مئات السوريين خلال الأشهر الماضية من لبنان الى سوريا، واستقر العديد منهم في منازلهم قرب دمشق، بحسب ما قالت وكالة الأنباء السورية الرسمية "سانا".