كتاب وآراء

كيف تتعاملين مع “وهم” المرأة الأخرى في رأس زوجك؟

فاطمة همة*

علمي زوجك ان يستمتع بوجودك أنت بالذات في حياته، وان يستمتع باللحظات التي يكون فيها معك بشكل حقيقي دون إضاعة أي لحظة منها، بدلا عن العيش في الاوهام والتعلق بصورة ذهنية في رأسه عن امرأة أخرى.

كثير من الرجال يفكرون بالعلاقة مع امرأة ثانية بالحلال (أو بالحرام، أجارنا الله جميعا منه) ولكن هل تعلمين يا عزيزتي ما السبب الذي يدفعهم لذلك؟

السبب الرئيسي هو الوهم! نعم الوهم.
وأنت بإهمالك أحيانا تساعدين ذلك الوهم.
ولذلك يا عزيزتي عليك أن تنتبهي لهذا الموضوع وتتلافينه بالسرعة القصوى، وقبل فوات الأوان.

كيف يدفع الوهم الرجل للتفكير بامرأة أخرى غير زوجته؟
يرى الرجل غيرك من النساء في كل مكان: في محل العمل، والدراسة، والسوق، والحفلات، وتبادل الزيارات وغيرها كثير، والنساء اللواتي يراهن زوجك يكن عادة في افضل شكل وتانق وشياكة وعطور ولطافة وادب وغنج و..الخ، ولذلك تتشكل في ذهن الزوج صورة مثالية عن غيرك من النساء، خصوصا تلك التي يرى انه من الممكن ان يحصل عليها بطريقة ما، ويتكون عنده هذا الوهم ويترسخ في عقله عن طريق التفكير بها والاحلام و..الخ، وعن طريقك انت ايضا، للاسف!

كيف؟
كلما رأى زوجك منك تقصيرا او اهمالا او عدم اهتمام او لامبالاة ازاء شيء ما هو يحبه فانه يرجع الى (وهم المرأة الأخرى الرائعة) في داخل راسه ويحلم ويعيد التفكير بِه.

كيف تحلين هذه المشكلة الخطيرة على استقرارك وهنائك؟
الحل بسيط، وهو أنه يجب عليك ان تهتمي بزوجك، وان تتحدثي معه باستمرار، وتسحبي منه الحكي والكلام، لتعرفي ماذا يدور في ذهنه، وماذا يحب، وماذا لا يحب، وهكذا، واذا قصرتي في موضوع ما هو يحبه (الغنج، الكلام الحلو، الغزل، المدح، التأنق، التعطر، الدلع،…الخ) لا يجوز ان تطنشي على الموضوع، بل وضحي له القصة، فإذا كان لديك عذر قولي له مثلا: انك متعبة، او مرهقة، او موجوعة او.. او.. او.. الى غير ذلك من الاسباب. وليكن حديثك صادقا وحنونا ومتحببا ومتوددا له وبانكسار قليلا حتى يتعاطف معك ويفكر فيك بدلا عن التفكير بالوهم الذي في رأسه (عن المرأة الرائعة التي تعجبه) والتفكير في جهودك أنت في شغل البيت والمنزل والحقل أو الوظيفة، وتعبك، بدلا عن ان ينطوي على نفسه، ويفكر بواحدة موهومة أخرى تسره وتسعده وتمتعه و…الخ

من جملة الأمور المهمة التي يجب عليك توضحيها لزوجك بالطريقة المناسبة وفي الفرصة الممكنة ان الصورة في راسه عن غيرك من باقي النسوة هي وهم وليست حقيقة، وأن واقع النساء الأخريات اللواتي يراهن لدقائق قليلة ربما فقط بشكل جذاب لسن أحسن ولا أكثر بسطا وإمتاعا وتهنئة منك، كل ما في الأمر أنه رآهن في حالة لدقائق قليلة وهن مستعدات لها كل الاستعداد لكنه لو كان معهن لفترة أطول كما يعيش معك ليلا ونهارا لعرف ان الصورة في ذهنه هي مجرد وهم ضخمه وكبره كثيرا فقط. (كل الناس خير وبركة ولا يكن همك أن تثبتي أن الأخريات سيئات فهذا ليس صحيحا أخلاقيا، بل أنت تريدين الاحتفاظ بزوجك وأن يكون واقعيا في نظرته ليس أكثر وهذا حق لك وواجب عليك أيضا).

المرأة التي رسمها زوجك في وهمه وخياله بانها جميلة ورشيقة وغنجة ولطيفة و…الخ هي ايضا تمرض وتتعب وتعرق وتغضب وتعصب وتتطلب طلبات للبيت والاكل والشرب واللبس والعطر والثياب و..الخ وانها لو كانت في وضعك لكان وضعها مثل وضعك بل ربما كان وضعك أنت احسن منها بكثير باعتبار أنك تزوجتي زوجك عن حب وقناعة وربما صار لكم أطفال تشدكم أكثر لبعضكم البعض.

أحيانا قد يكون مفيدا أن تذكري الزوج بأن الأموال التي سينفقها للوصول إلى امرأة أخرى يتوهم أنه سيكون سعيدا بها ومعها أكثر لو أعطاك هذه الأموال نفسها واشتريتي أنت بها الثياب الملونة والعطور و…لأسعدتيه وهنأتيه وسررتيه أضعافا مضاعفة عن أي امرأة يتوهمها!

لماذا؟

ببساطة لأنك أنت صرت تعرفين مفاتيح قلبه وبسطه وسعادته وتقبلتيها وتأقلمتي معها ولو وصل للمرأة التي يتوهمها في ذهنه سوف يستغرق معها وقتا طويلا حتى تصل إلى ما وصلتي أنت من معرفة به وبمفاتيح سعادته وهنائه.
من المهم أن توضحي لزوجك في اللحظات المناسبة أن "البسط" والسرور الذي سيحصل عليه من أي امرأة أخرى لن يكون بمقدار عشر ما يحصل عليه منك ومعك.
ليس هذا غرورا وتكبرا بل لأن المرأة الأخرى تحتاج إلى وقت طويل حتى تعرف كيف تبسطه وتسره، وهو كذلك سيحتاج إلى وقت طويل حتى يعرف تلك المرأة ماذا تحب وماذا لا تحب في اللحظات الخاصة وغيرها للحصول على السرور والسعادة. وليس معلوما أنهما سيتوافقان في هذا الموضوع وربما واجها مشاكل أكبر بكثير مما تعانيان أنتما منه، ومن الطبيعي أن المرأة الثانية سوف تكون أكثر تكبرا وعنادا وفوقية عليه منك، باعتبار أنه تذلل لها كثيرا حتى وصل إليها وقبلت به كزوجة ثانية أو كمحظية في علاقة غير علنية، وبالتالي لن تبذل عشر ما تبذلينه أنت له من أسباب السرور والهناء والسعادة.

إذا المرأة الأخرى التي يتوهمها زوجك بصورة مثالية هي امرأة مثلك ولن تكون افضل منك ولا اكثر بسطا وامتاعا منك. كل ما عليك القيام به ان تتلافي التقصير واللامبالاة وتتحدثي مع زوجك بلطف وتوضحي له حينما يتاح لك ذلك ان (الصورة الرائعة للمرأة الأخرى في ذهنه) ما هي الا وهم متضخم يجب عليه الانتباه الى انه وهم ازالته من الراس، وانك انت في حياته واقع أجمل بكثير من ذلك الوهم، بل وأجمل من جميع الاوهام النفسية التي قد توجد في الراس.
وفي الختام عليك يا عزيزتي أن تعرفي أن هناك مقولة مأثورة لكن الرجال لا يحبون أن يعرفوها ولا أن يقتنعوا بها مضمونها "إذا رأى أحدكم من امرأة ما يعجبه فليأت أهله فإنما هي امرأة كامرأة" ومحل الشاهد هو أن (المرأة كالمرأة) وبالتالي ليس منطقيا أن يتخيل زوجته التي سلمته روحها وجسدها وعواطفها ومشاعرها بأنها لا شيء (هذا إذا لم يتصورها كغول) وأن يتصور المرأة الغريبة التي لم يرها لأكثر من دقائق أو ساعات شيئا خارقا من السعادة والمتعة والسرور.

 

*باحثة ومستشارة أسرية

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى