مؤتمر حول التمييز ضد المسلمين في دول الاتحاد الاوروبي يحذر من تفاقم الظاهرة
حذر مؤتمر استضافته العاصمة البلجيكية بروكسل بعنوان (معالجة التعصب والتمييز ضد المسلمين في الاتحاد الاوروبي) من تفاقم ظاهرة التمييز ضد المسلمين ووصولها مستويات خطرة تستدعي بذل جهود كبيرة لمعالجتها.
وقالت مفوضة شؤون العدل في الاتحاد الاوروبي فيرا جوروفا في كلمة افتتاح المؤتمر مساء امس الاثنين ان عدد مواطني دول الاتحاد من المسلمين بلغ نحو 25 مليون نسمة "وينظر إليهم كأشخاص مختلفين".
وشددت جوروفا على القول "يتعين علينا جميعا مواجهة هذا السلوك المتكرر لأنه خطر ومسمم لمجتماعتنا العلمانية الحديثة والمتسامحة".
ونقلت عن بيانات نشرها (مركز بيو للابحاث) ان نسبة 50 في المئة من سكان 11 دولة عضوة في الاتحاد الاوروبي لا ترغب في قبول مسلم كفرد من افراد اسرهم وفي بعض الدول ارتفعت هذه النسبة الى 80 في المئة.
ولفتت كذلك الى ابحاث اعدتها (وكالة الحقوق الاساسية) في الاتحاد الاوروبي والتي اظهرت ان واحد من كل ثلاثة مسلمين في اوروبا شعروا بالتمييز ضدهم اثناء بحثهم عن وظائف اذ رفضت اغلب الجهات مقابلتهم لاسيما النساء منهم.
ودعت الى وضع مبادرات وانظمة من اجل ايجاد حل مناسب للمشكلة واستدركت متسائلة "كيف نرعى حس انتماء يسمح لكل مسلم ومسلمة بعيش حياته في الاتحاد الاوروبي الى جانب بقية الأديان".
وقال مدير (وكالة الحقوق الاساسية) مايكل أوفلاهيرتي في كلمته "لدينا مشكلة غاية في الجدية في الاتحاد الاوروبي واتمنى ان يؤدي هذا المؤتمر الى ان نكون اكثر جدية بشأن معالجتها".
وأتبع أوفلاهيرتي ان "الوضع سيئ جدا إذ كنت في احدى العواصم الاوروبية في الاسبوع الماضي وقال لي ممثل عن احد الجماعات الاسلامية ان الامور ازدادت خطرا على المسلمين الان الى حد جعلهم يفكرون في الهجرة".
وأكد على استعداد (وكالة الحقوق الاساسية) لدعم المسلمين في مواجهة الهجمات التي ترتكب بحقهم وتعبيرات الكراهية.
واعلن ان الوكالة أسست أول قاعدة بيانات متخصصة تتعلق بكراهية المسلمين تتضمن احدث استطلاعات الرأي والقضايا القانونية والتقارير ذات العلاقة مبينا ان قاعدة البيانات اصبحت متاحة على شبكة الانترنت منذ الثالث من ديسمبر الجاري.
واوضح ان المسلمين يثقون ثقة كبيرة بالدولة الاوروبية وبمجتمعاتها ومؤسساتها وهي ثقة تفوق تلك التي لدى عامة السكان.
وكشف عن ان (وكالة الحقوق الاساسية) سوف تصدر قريبا استطلاعا للرأي وبيانات تفند ادعاءات تعزو ارتفاع الجرائم بدافع معاداة السامية في اوروبا الى هجرة اعداد اكبر من المسلمين إليها معلقا بالقول "هذه كذبة".
من جهتها قالت المندوبة الدائمة لمنظمة التعاون الاسلامي في الاتحاد الاوروبي السفيرة عصمت جهان في كلمتها في المؤتمر ان "التعصب الديني والتمييز بكافة انماطه وبخاصة ضد المسلمين في تزايد على مستوى العالم ليس فقط في اوروبا".
ورفضت جهان رفضا قاطعا أية محاولة لربط الدين والمسلمين بالارهاب ووصفت ذلك بالتصرف "غير المسؤول" محذرة من ان ذلك يشل المجتمع.
ودعت النائبة الاولى برئيس البرلمان الاوروبي مالريد مكغينيس الى تواصل وحوارات اكثر بين اتباع مختلف الاديان والمعتقدات.
ولفتت الى ان المسلمين يشكلون نسبة خمسة في المئة من سكان اوروبا في الوقت الحاضر وانه من المتوقع ان تصل هذه النسبة الى عشرة في المئة بحلول العام 2050.
وقال رئيس (مجلس المسلمين الايرلنديين للسلام والاندماج) الشيخ الدكتور عمر القادري في مداخلته في المؤتمر ان "المسلمين جزء من اوروبا اليوم واوروبا الغد .. نحن لسنا اعداء ولكننا حلفاء وشركاء".
واستدرك بالقول "يسعى الكثير منكم الى معالجة خطاب الكراهية ضد المسلمين والتمييز والتعصب ضدهم عبر تطبيق انظمة وفرض تشريعات .. وعلى الجهة المقابلة يلتزم القادة المسلمين مثلي والمجتمعات المدنية بالعمل من اجل مجتمع اوروبي يعكس قيم التعددية وعدم التمميز والتسامح والعدالة والمساواة بين المرأة والرجل".
وفي تصريح خاص لوكالة الانباء الكويتية (كونا) على هامش جلسات المؤتمر قال احد مؤسسي (مركز الاصلاح الفكري والبحث) في مدينة غينت البلجيكية ابراهيم بوظريف ان المؤتمر يعد مبادرة جيدة جدا ويظهر ان السلطات مثل المفوضية الاوروبية تستمع الى مشاكلنا ولكن السؤال هو ما الذي سيحدث بعد ذلك".
واتبع قائلا "نعتقد انه ليس لدى الدول الغربية صورة جيدة عن الاسلام لذلك فإننا نلقي محاضرات وخطب ونزور المدارس من اجل شرح الممارسات الجيدة للمسلمين والاسلام".
وفي تصريح مماثل ل(كونا) اشادت ممثلة (التحالف ضد كراهية الاسلام والمسلمين في ألمانيا) نينا موه بقرار الاتحاد الاوروبي تعيين منسق للتعامل مع كراهية المسلمين في اوروبا واصفة إياه بأنه مؤشر مهم جدا.
واوضحت ان غالبية المنظمات المنضمة الى (التحالف ضد كراهية الاسلام والمسلمين في ألمانيا) هي غير مسلمة.
من جهتها قالت أنا ستامو من (رابطة مسلمي اليونان) في تصريح ل(كونا) ان "هذا النوع من الاجتماعات أساسي للمنظمات المدنية لأن عقدها هو السبيل الوحيد الذي يمكننا من تمرير رسائلنا لحكوماتنا".
ووصفت هذا المؤتمر بأنه "اكثر من مهم ويتعين ان يعقد بشكل دوري لأن الامور تتغير بسرعة".
واصدرت (الشبكة الاوروبية ضد العنصرية) وتحالف آخر لمنظمات المجتمع المدني المناهضة لرهاب الاسلام (اسلاموفوببيا) عددا من التوصيات للمؤتمر لمعالجة القضية والتي تضمنت اعداد وتمويل برامج ومشاريع طويلة الامد تتصدى لكراهية الاسلام.
وحضر المؤتمر اكثر من مئة ممثل عن سلطات وطنية وعن مؤسسات المجتمع المدني ومؤسسات اكاديمية ودينية اضافة الى ممثلين عن منظمات دولية وأخرى تابعة للاتحاد الاوروبي.