نظرة تاريخية في ازمات الاقتصاد الفرنسي
نظرة تاريخية في الاقتصاد الفرنسي
فرنسا منذ مولد فرنسا الحديثة في مطلع القرن السابع عشر على يد ريشليو (1624-1642)، وهي تعاني من اقتصاد عليل. وقد كان ذلك سبباً في ظهور العديد النظريات الاقتصادية فيها مثل الحمائية ثم المركانتيلية ثم الثورة الفرنسية. فثبت فشلهم جميعاً. وفشلت فرنسا في استغلال الثورة الصناعية كما فعلت جارتاها بريطانيا وألمانيا.
وفي حلكة الأزمة الاقتصادية والسياسية لملكية يوليو، جاء إلحاح الجزائر على سداد فرنسا ثمن شحنات قمح. فقرر رئيس الوزراء بولنياك، مع شارل العاشر، حل العجز التجاري بغزو الجزائر في مايو 1830، إلا أن القرار لم يُنقذ الملكية التي سرعان ما سقطت بعد ستة أسابيع في ثورة يوليو 1830. فأتت الجمهورية الثانية لتواصل نهج الاستعمار كوسيلة لسد عجز الميزانية. لذا كانت فرنسا من الأعضاء الأساسيين في مؤتمر برلين (1884) لتقاسم أفريقيا. فقد اكتشفوا أن ثروات الشعوب المستعمَرة بلسم يخفى قصور وتشوهات الاقتصاد. ظلت الامبراطورية الاستعمارية لقرن من الزمان، حتى أنهتها الحرب العالمية الثانية، وجلبت "الجمهورية الخامسة" التي عاشت بما تبقى لها من خيرات المستعمرات، حتى جفت جميعاً. وعادت العيوب الهيكلية للاقتصاد الفرنسي للانكشاف، واتضح أن موارد الدولة لا تكفي لسداد التزاماتها.
لذلك فلابد من عقد اجتماعي جديد يحدد أنه مقابل تخفيض الضرائب على المواطن، فإن الدولة ستخفض من التزاماتها، مثل خصخصة التعليم والمرافق والتخلص من احتكار الدولة للأمن والسلاح. فتخرج الدولة من مهمة الشرطة والجيش، لصالح قوات خاصة مثل بلاك واتر، مثلاً، التي يملكها أحد كبار المنادين بالشعبوية. والدولة ستعطي كل مواطن مبلغ هو تكلفة تعليم الطفل. ويكون من حق المواطن استخدام القسيمة لدى المدرسة التي يختارها. نخفيض الالتزامات يعني تسريح ملايين من موظفي الحكومة ومنهم المدرسين. وهذا طبعا سيزيد من حدة المواجهة، إلى أن يقبل الشعب عقدا اجتماعيا جديدا يكون دور الحكومة فيه ضئيل جدا، أي أن مفهوم السيادة سيتلاشى، وهذا هو الهدف الأصلي للشعبوية.
لكي نكون عادلين، ففرنسا ليست وحدها. فمع تصاعد الشعبوية في أرجاء العالم، فإن شعوب الأرض قاطبة بصدد مراجعة عقودها الاجتماعية مع الأنظمة الحاكمة فيها. إلا أن قدر فرنسا، دوماً، أن تأتي في المقدمة. اربطوا الأحزمة، فنحن بصدد الإقلاع إلى المجهول.
كولبير والمركانتيلية والحمائية: http://bit.ly/2Pu8flI
