كتاب وآراء

زيارة الرئيس السوداني الى سوريا غموض في الرسائل والأهداف والسياقات

دون سابق إنذار وفي صمت تمت زيارة الرئيس السوداني عمر البشير لدمشق يوم الأحد 16 ديسمبر 2018. هناك استقبل من مضيفه السوري الرئيس بشار الأسد. 

الزيارة استغرقت ساعات، واعتبرتها المصادر الرسمية السورية توطئة غير معلنة لاستئناف العلاقات بين دمشق والعواصم العربية التي قطعت في عام 2011 غداة اندلاع حركة الاحتجاجات الواسعة في سوريا تحولت إلى حرب أهلية تدور رحاها منذ حوالي ثماني سنوات. 

وطبقا لبيان الرئاسة السورية الصادر في ختام الزيارة فإن البشير أوضح لمضيفيه "أن سورية دولة مواجهة وإضعافها هو إضعاف للقضايا العربية". مشددا على وقوف السودان "إلى جانب استقرار سوريا وأمنها ووحدة أراضيها بقيادتها الشرعية والحوار السلمي بين كافة مكونات شعبها والحكومة الشرعية."

وفي الخرطوم تحدثت صيغة بيان صادر عن الرئاسة عن استمرار السودان في بذل الجهود "حتى تستعيد سوريا عافيتها وتعود إلى حضن الأمة العربية". 

وفيما ظلت الخرطوم تردد، منذ سنوات، وقوفها على الحياد في الصراع السوري وتطلعها إلى حل الأزمة عبر الحوار السلمي، جاء في البيان السوداني أن "الأزمات التي تعاني منها المنطقة العربية تتطلب إيجاد مقاربات جديدة للعمل العربي تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية".

أهداف الزيارة لم تتضح. ولم تساهم الصيغة العامة للبيانين السوري والسوداني في الكشف عنها. وإذا كانت الزيارة قد حظيت باهتمام وتعليقات متباينة في وسائل التواصل الاجتماعي فإنها قوبلت بصمت وتجاهل رسمي شبه متعمد من كل العواصم العربية.

أما جامعة الدول العربية، التي علقت عضوية سوريا فيها أواخر عام 2011، فتجنبت الخوض في الموضوع وكأنها غير معنية أو أن الزيارة لا تستحق تعليقا منها، علما أن حسن البشير، الذي زار دمشق قبل أكثر من عشر سنوات، بات اليوم أول رئيس عربي يزور دمشق بشكل رسمي منذ اندلاع الحرب الأهلية في البلاد عام 2011. 

واجتهد العديد من المحللين والمعلقين السياسيين في شرح أسباب ومرامي هذه الزيارة المفاجئة. واستقر رأي العديد منهم على أن الرئيس السوداني حمل رسائل إلى دمشق وشرع دمشق أبوابها أمام مسؤولي وقادة دول خليجية وعربية ليحذوا حذوه. وبالفعل قد لا تتأخر دولة الإمارات العربية في إعادة فتح سفارتها في العاصمة السورية حسبما أفادت به عدة مصادر لمراسل بي بي سي في دمشق. 

وسائل إعلام سورية رسمية استدلت على قرب حصول تغيير في طبيعة العلاقات السائدة بين دمشق والعواصم العربية بأن نقلت عن نائب وزير الخارجية السوري، فيصل مقداد، ترحيبه بأي خطوة من أجل أن تعيد كل الدول العربية، التي أغلقت سفاراتها بدمشق، العمل على الأراضي السورية. 

يشار إلى أن عددا من الدول العربية أغلقت سفاراتها في دمشق قبل ثماني سنوات باستثناء مصر والسودان والجزائر والعراق ولبنان وسلطنة عمان التي احتفظت بتمثيل دبلوماسي فيها.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى