الأطماع التركية التوسعية: أنقرة تقرر إقامة “منطقة أمنية” في سورية تحت عباءة واشنطن
أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الثلاثاء أن أنقرة ستتولى إقامة “المنطقة الأمنية” في شمال سوريا التي اقترحها نظيره الأميركي دونالد ترامب.
وأدلى إردوغان بهذه التصريحات غداة مكالمة هاتفية مع ترامب في محاولة للتخفيف من حدة التوتر بعدما هدد الرئيس الأميركي بـ”تدمير” الاقتصاد التركي في حال هاجمت أنقرة القوات الكردية في سوريا.
وبينما رحبت تركيا بقرار واشنطن سحب قواتها من سوريا البالغ عددهم نحو ألفي عنصر، إلا أن مستقبل القوات الكردية التي تعتبرها أنقرة “إرهابية” وتدعمها الولايات المتحدة سممت العلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي.
وقال إردوغان إن المكالمة الهاتفية “إيجابية للغاية” مع ترامب في وقت متأخر الاثنين أكد خلالها “أننا سنقيم (…) منطقة أمنية بعرض 20 ميلا (30 كلم) على الحدود مع سوريا”.
وتأتي التطورات الأخيرة بعدما أعلن ترامب عبر “تويتر” الأحد أن الولايات المتحدة “ستدمر تركيا اقتصاديا في حال هاجمت الأكراد”، في تهديد أثار ردود فعل غاضبة في أنقرة.
وشن الجيش التركي عمليتين واسعتين في سوريا أطلق عليهما “درع الفرات” في 2016 و”غصن الزيتون” في 2018 لمواجهة المقاتلين الأكراد السوريين وعناصر تنظيم الدولة الإسلامية.
لكن العملية الأخيرة هدفت للقضاء على المكاسب التي حققها المقاتلون الأكراد في سوريا الذين يتولون ادارة أجزاء من شمالها منذ العام 2012.
وأثار نشر جنود أتراك وقوات متحالفة مع أنقرة في مناطق بشمال غرب سوريا اتهامات من بعض الأطراف لتركيا باحتلال عسكري.
وتجاهل إردوغان الاتهام قائلا إن “مقارنة الوجود التركي في سوريا بوجود أي دولة أو قوة أخرى يشكل إهانة للتاريخ ولحضارتنا”.
وقال “لو لم يكن لنا وجود هناك، ولو أدرنا ظهرنا لما يحدث وأغلقنا حدودنا وقلوبنا أمام الناس القادمين من هناك، فسيشكل ذلك خيانة لأنفسنا بكل تأكيد”.
– “منطقة أمنية” –
ويعيش في تركيا أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري. وقد دعت أنقرة لإقامة منطقة آمنة مدعومة بحظر جوي عند حدودها مع سوريا مشيرة إلى أن الهدف من ذلك هو حماية المدنيين من الهجمات الجوية والبرية.
وعرض الاقتراح آنذاك على الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما لتوفير مكان آمن للاجئين السوريين شرط تقديم واشنطن الدعم اللوجستي والجوي بينما توفر أنقرة الأمن على الارض، بحسب إردوغان.
وقال الرئيس التركي للصحافيين بعد خطاب أمام البرلمان “لقد فشل أوباما للأسف في اتخاذ الخطوات الضرورية”.
لكن عقب محادثات مع ترامب، قال إردوغان إن إعادة إحياء الخطة أمر ممكن وأنه من الممكن كذلك توسيع “المنطقة الأمنية” المقترحة البالغ عرضها 30 كلم.
ويمكن كذلك إقامتها بالتعاون مع التحالف الدولي المدعوم من واشنطن الذي يقاتل الجهاديين ويضم تركيا.
وقال إردوغان “بإمكاننا إقامة منطقة آمنة من هذا النوع إذا قدمت قوات التحالف، وخصوصا أميركا، الدعم اللوجستي والمالي”.
وأضاف أن “ذلك سيمنع بشكل كامل تدفق” اللاجئين.
لكن الرئيس التركي رفض أن يكون لوحدات حماية الشعب الكردية أي وجود في المنطقة المقترحة.
– “أحزنتني” –
وشكل الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية مصدر توتر رئيسيا بين أنقرة وواشنطن. وتعتبر الولايات المتحدة وحدات حماية الشعب الكردية قوة فاعلة في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية.
لكن أنقرة هددت بشن عملية عبر الحدود للقضاء على مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها فرعا لحزب العمال الكردستاني، الذي قاد تمرداً منذ عقود ضد الدولة التركية والمدرج على القائمة السوداء في تركيا والولايات المتحدة.
وفي واشنطن، سرت مخاوف من أن الولايات المتحدة ستترك الفصائل الكردية عرضة لهجمات مستقبلية ينفذها ضدها الجيش التركي الأقوى بكثير.
وقال إردوغان الثلاثاء إن تغريدة ترامب “أحزنتني وأصدقائي” لكنه أضاف أنهما توصلا إلى اتفاق “يحمل أهمية تاريخية” في مكالمة الاثنين.
وشدد على أن بلاده ستحل المشاكل مع ترامب “بروح التحالف” طالما أخذت واشنطن الحساسيات في بلاده في الحسبان.
وأثارت تغريدة ترامب غضبا في أوساط حزب المعارضة الرئيسي في تركيا حيث قال رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليشدار أوغلو “لا يمكن لأحد تهديد تركيا”.