بعد مقتل الطفل أحمد الزعبي: كيف يتعامل لبنان مع اللاجئين السوريين؟
أثارت قضية مقتل الطفل السوري أحمد الزعبي، البالغ من العمر 14 عاما واللاجئ في لبنان، بعد مطاردته من قبل شرطة بلدية بيروت غضبا وجدلا، على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل العديد من اللبنانيين والسوريين، وايضا الناشطين في مجال حقوق الإنسان في أنحاء العالم العربي.
وكانت الصحفية والناشطة الحقوقية اللبنانية مجدولين لحام، قد نشرت مقطعا مصورا، قالت إنه يظهر مطاردة شرطة البلدية في بيروت للطفل، داخل إحدى البنايات ليعثر عليه فيما بعد قتيلا في ظروف وصفت بالغامضة.
وأعاد ناشطون حقوقيون نشر المقطع، الذي نشرته لحام والذي يظهر مطاردة شرطة البلدية للطفل، وملاحقته داخل أحد المباني والعودة بدونه، لكن أسرة الطفل تمكنت من العثور على جثته متفسخة، بعد ثلاثة أيام من موته داخل فتحة تهوية (منور)، بأحد المباني في شارع تلة الخياط، حيث سقط من ارتفاع ستة طوابق لدى هربه من ملاحقة رجال الشرطة.
وتشير روايات الناشطين، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك سكان المنطقة، إلى أن الطفل السوري اللاجئ إلى لبنان كان يتكسب قوته من عمله كماسح أحذية، في شارع تلة الخياط ببيروت، لمساعدة والده الذي يعمل حمالا، وإخوته وهم ست بنات وثلاثة أولاد، وأنه كان يتعرض للملاحقة دوما من قبل دوريات شرطة البلدية.
ويقول ناشطون إن شرطة البلدية، اعتادت على ملاحقة أحمد بصورة دائمة، وأنها في كل المرات كانت تقوم بتحطيم صندوقة الخشبي وضربه، كما احتجزته ذات مرة، لمدة أربع وعشرين ساعة.
ونقل الناشطون عن عائلة أحمد قولها، إن قوات الأمن منعتها من تصوير جثة ابنها، في محاولة للتغطية على القضية، واتهامها للشرطة بالتسبب بوفاته، بدفعه من المبنى الذي احتمى به هربا منها، مطالبة بالتحقيق مع عناصر الأمن المتورطين في العملية.
وبدا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، مدى الغضب الذي اجتاح ناشطي حقوق الإنسان اللبنانيين وغيرهم، حيث صبوا جام غضبهم على ممارسات شرطة البلدية في بيروت، وممارساتها بشكل عام تجاه اللاجئين من سوريا والتي تبدو متشبعة بالعنصرية، من وجهة نظرهم .
وتفتح قصة مقتل الطفل السوري اللاجئ من جديد، ملف التعامل مع اللاجئين السوريين في لبنان، والذي أثار من قبل جدلا في عدة مرات.
ووفقا لمفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، فإن عدد اللاجئين السوريين المسجلين رسميا في لبنان، يقارب المليون شخص، وكانت العواصف الثلجية التي ضربت البلاد مؤخرا قد تركت آثار مأساوية، على سكان مخيمات اللاجئين السوريين، والذين يفتقدون إلى مقومات الحياة الأساسية.
ويشهد لبنان خلال الفترة الأخيرة، دعوات متتالية من قبل سياسيين، لضرورة عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، مع بدء تحسن الموقف هناك، وسط شكاوى متتالية، مما يوصف بالعبء الناجم عن استقبال أعداد كبيرة من اللاجئين السوريين، منذ احتدام الأزمة في البلد المجاور سنة 2011.
وكان آخر هذه الدعوات، ما جاء على لسان الرئيس اللبناني ميشيل عون، لدى افتتاحه القمة الاقتصادية العربية، التي شهدتها العاصمة اللبنانية، حيث دعا اللاجئين السوريين إلى العودة إلى بلادهم، قائلا إنه يتقدم بمبادرة لإعادة الإعمار تتضمن تأسيس مصرف عربي، لمساعدة المتضررين ، وموصيا القوى العالمية بـ “بذل كافة الجهود الممكنة”، من أجل عودة اللاجئين السوريين لوطنهم ” دون أن يتم ربط ذلك بالحل السياسي” هناك.
وفي الوقت الذي تبدي فيه عدة قوى سياسية لبنانية حماسا، للتسريع بإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن منظمات حقوقية لبنانية عبرت مرارا عن ريبتها مما يخطط للاجئين السوريين، مؤكدة على معارضتها لإعادة أي لاجئ سوري دون إرادته، ودون تقديم أي ضمانات دولية لحمايته.
وكانت ثلاث منظمات أممية، قد قالت في تقرير صدر مؤخرا عن أحوال اللاجئين السوريين في لبنان، خلال العام المنصرم 2018، أن 69 % من عائلات هؤلاء، يعيشون تحت خط الفقر، محذرة من أن أوضاعهم مازالت محفوفة بالمخاطر، وشارك في إعداد التقرير كل من المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة ( اليونسيف).