ماليزيا تكشف النقاب عن خطة خمسية للسيطرة على الفساد الحكومي
كشفت ماليزيا اليوم الثلاثاء النقاب عن خطة خمسية طموحة للسيطرة على الفساد المتفشي بين موظفي الحكومة وذلك بعد أشهر من التحقيق في فضائح فساد كلفت الحكومة الجديدة مليارات الدولارات بعد إسقاط الحكومة السابقة.
وأعلن رئيس الوزراء الماليزي مهاتير محمد عن الخطة التي تضمنت 22 استراتيجية و115 مبادرة في محاولة لضمان دولة خالية من الفساد وذلك من خلال تدابير لتعزيز الحكم الرشيد والمساءلة والشفافية.
وقال مهاتير محمد خلال حفل إطلاق الخطة الخمسية لأعوام 2019-2023 إنها تتركز على ستة مجالات مهمة في قطاعات الخدمة العامة منها المشتريات الحكومية وإنفاذ القانون وإدارة القطاع العام والقضاء والسياسة والأعمال.
وأشار إلى أن ماليزيا بحاجة إلى “أنواع عديدة من الاستراتيجيات والقوانين والقيود لكبح الفساد” قائلا “هذه الخطة تعتبر بيانا صارما من الحكومة الحالية في تعقب ومقاضاة المذنبين السابقين في حين سيواجه المخالفون حاليا ومستقبلا إجراءات أكثر صرامة”.
ومن أبرز مبادرات واستراتيجيات الخطة الجديدة وضع هيئة التدقيق الوطنية تحت اشراف البرلمان إضافة إلى تعزيز سلطة المجلس وتمكينه من إجبار الوزراء والموظفين المدنيين والمواطنين على المثول أمام لجان التحقيق لتقديم المعلومات والبيانات.
وشملت الخطة وضع المبادئ التوجيهية لدور حكومة تصريف الأعمال وتحديد مدة ولاية رئيس الوزراء وكبار الوزراء في الولايات كما تضمنت تقديم مقترحات لتعديل قانون مكافحة الفساد الماليزي وقوانين حرية التعبير والرأي.
واستعرضت الخطة تغييرات واسعة في عملية التعيين في المناصب الحكومية حيث يتطلب من المشرعين والوزراء وكبار المسؤولين الإعلان عن أصولهم المالية بشكل علني كما تم إدخال قوانين جديدة لتنظيم التمويل السياسي ومنع التدخل السياسي.
كما وضعت الخطة قيودا في تعيين السياسيين في مناصب رؤساء أو أعضاء في المجالس القانونية والمؤسسات المملوكة للدولة والشركات الحكومية حسب مؤهلاتهم الأكاديمية والمهنية كما سيتم إدخال سياسة تسمح فقط للدبلوماسيين المهنيين وغير السياسيين برئاسة البعثات الماليزية في الخارج.
ودعت الخطة إلى مراجعة مدونة أخلاقيات القضاة وذلك لحظر القضاة من قبول التعيينات في الكيانات التجارية كما سيتم إنشاء محاكم لقضايا الفساد الأكثر تخصصا بحلول نهاية عام 2020 وذلك لوجود قضايا متراكمة عديدة.
من جهته قال المدير العام لمركز الحكم والنزاهة ومكافحة الفساد الماليزي أبو قاسم محمد في خطاب له أثناء إطلاق الخطة إنهم قاموا بصياغة تدابير صارمة جدا في مكافحة الكسب غير المشروع وذلك بعد دراسة قضية صندوق التنمية السيادي (ون.إم.دي.بي) المغرق بقضايا الفساد.
وأشار إلى أن “الخطة الخمسية الجديدة ستعالج ممارسات عالية المخاطر لأنها متعلقة بالفساد الحكومي وموظفي الخدمة المدنية” مفيدا أن حوالي 40 بالمئة من المدانين بالفساد بين عامي 2011 و2015 كانوا موظفين مدنيين.
يذكر أن تحالف (الأمل) الحاكم تمكن في مايو العام الماضي من إسقاط حكومة رئيس الوزراء السابق نجيب عبدالرزاق بعد استياء المواطنين الماليزيين منه بسبب مزاعم عن سرقة نحو 5ر4 مليار دولار من صندوق (ون.إم.دي.بي) وهو صندوق حكومي أنشأه عبدالرزاق في 2009.
ويقول مسؤولون ماليزيون إن فضيحة الصندوق وضعت البلاد على خريطة الفساد العالمية حيث يخضع الصندوق لتحقيقات بشأن غسل الأموال في ست دول على الأقل من بينها الولايات المتحدة وسويسرا.
ومنذ صعود الحكومة الماليزية الجديدة للسلطة تعرض رئيس الوزراء السابق وزوجته وعدد من كبار المسؤولين في حكومته السابقة لعشرات من التهم الجنائية المتعلقة بالخسائر في الصندوق السيادي وكيانات حكومية أخرى. يذكر أن تصنيف ماليزيا في المؤشر الدولي لإدراك الفساد العام الماضي تراجع سبعة مراتب ليصل إلى المرتبة 62 من أصل 180 دولة مسجلة بذلك أدنى مستوى لها منذ بدء المؤشر في عام 1995 والذي تنشره سنويا منظمة الشفافية الدولية.