اليمن

الهدنة الهشة لا تختلف كثيرا عن الحرب في اليمن بسبب التحالف والتغاضي العالمي

أطباء يمنيون يعالجون امرأة اصيبت برصاصة في قرية الدريهمي الى الأطراف الجنوبية للحديدة في 22 كانون الثاني/يناير 2019.

 

 

 

يحاول مسعفون إنقاذ حياة فتاة في العشرين من عمرها بعد إصابتها برصاصة قناص في رأسها في مدينة الحديدة رغم الهدنة التي تم التوصل إليها بصعوبة بين القوات الموالية للحكومة المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين.

وتبدو فرص استمرار الهدنة التي تم التوصل إليها في كانون الاول/ديسمبر الماضي برعاية الأمم المتحدة ضئيلة بسبب عدد من الخروقات.

تقع الحديدة على البحر الأحمر ويمر عبر مينائها نحو 70 بالمئة من الواردات اليمنية والمساعدات الإنسانية، مما يوفر شريان حياة لملايين من السكان الذين باتوا على حافة المجاعة.

ويجد سكان المدينة أنفسهم عالقين بين هدنة تتخللها اشتباكات متقطعة أو حتى حرب شوارع حال انهيار الاتفاق.

ويؤكد علي حسن مرزوقي “لا يوجد هدنة. عندنا رصاص”.

وتم نقل ابنته حياة إلى مستشفى ميداني في قرية الدريهمي على الأطراف الجنوبية للمدينة بعد أن أصابتها رصاصة طائشة في رأسها بينما كانت تجلس في المنزل.

ويروي الطبيب عايد ناصر نائب مدير مستشفى الدريهمي أن المصابين يأتون يوميا إلى المستشفى منذ دخول التهدئة حيز التنفيذ يصابون ب “(رصاص) القناصة، عبوات ناسفة، ألغام و الهاون.”

وتسقط قذائف هاون باستمرار على المخيمات قرب الحديدة والتي يقطن فيها النازحون الذين تعاني غالبيتهم من سوء التغذية.

ويشير محمد صالح (46 عاما) في مخيم في بلدة الخوخة القريبة “قبل وقف إطلاق النار، تضرر منزلي. وبعد الهدنة، تضررت خيمتي. لم يتغير أي شيء”.

ويتخوف الكثيرون في المخيم من العودة إلى بيوتهم وأراضيهم الزراعية حتى بعد التهدئة، متهمين المتمردين الحوثيين بزراعة الألغام والعبوات الناسفة، عقابا لهم على فرارهم إلى مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا.

– دوامة الصراع-

AFP / صالح العبيديجنود من التحالف العسكري في اليمن يقفون امام مستشفى في مدينة الحديدة في 22 كانون الثاني/يناير.

وزارت فرانس برس الحديدة الأسبوع الماضي في إطار رحلة نظمها التحالف العسكري بقيادة السعودية والإمارات الذي يقاتل المتمردين الحوثيين.

ولوحظ في عدة مستشفيات حول المدينة انخفاض أعداد القتلى منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ، ويشعر الصيادون المحليون بأمان أكبر يمكنهم من الخروج إلى البحر، وتمكن موظفو المنظمات الإغاثية من الوصول إلى مناطق تعاني من الجوع كان من الصعب من قبل الوصول إليها.

ولكن الاشتباكات تركت انطباعا قاتما لدى الكثير من السكان والمسؤولين العسكريين الذين قابلتهم وكالة فرانس برس بأن التهدئة ستنهار على الأرجح، ما سيدفع بالحديدة إلى موجة جديدة من النزاع ستعجل بالمجاعة.

ويقول آدم بارون، خبير في شؤون اليمن في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية “مع أن اتفاق التهدئة جلب في البداية بعض الأمل والارتياح، في ظل شبح استئناف القتال، خاصة مع سير عملية التهدئة ببطء في أفضل الحالات”.

وكان مبعوث الامم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أكد في مقابلة صحافية الإثنين أن الجداول الزمنية لتنفيذ اتفاقات السويد حول الحديدة وتبادل الاسرى، مدّدت بسبب “صعوبات على الارض”.

أكّد غريفيث في حديثه لصحيفة “الشرق الاوسط” السعودية أن الجنرال الهولندي باتريك كمارت، كبير المراقبين الأمميين في اليمن المكلف مراقبة انسحاب المتمردين من المدينة، سيغادر منصبه.

وذكر سكان في المدينة لوكالة فرانس برس أن الحوثيين يقومون باستغلال التهدئة لتعزيز مواقعهم داخل المدينة مع استقدام حاويات شحن وحفر أنفاق ووضع قناصة داخل احياء سكنية ذات كثافة سكانية عالية، فيما يعتقد أنه استعدادات لاستئناف القتال.

ويؤكد مايكل نايتس من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أنه “سيتعين على التحالف والحكومة اليمنية التأقلم مع مناخ دولي لا يرحم حال استؤنفت المعركة”.

وبحسب نايتس فإنه “على الرغم من أنه يبدو أن الحوثيين يسعون عمدا إلى انهيار وقف إطلاق النار عبر القيام بغارات استفزازية.. فإنه على الأرجح سيتم توجيه اللوم الى التحالف حال تقدموا في الحديدة”.

وطالب نواب أميركيون بمساءلة أكبر للسعودية بسبب حملتها العسكرية في اليمن بعد أن سلط مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في اسطنبول الضوء على دور الرياض في النزاع اليمني.

ولكن على الأرض، يعرب مقاتلون في صفوف القوات الموالية للحكومة عن احباطهم بعد توقف تقدمهم عندما اقتربوا كثيرا من ميناء المدينة الاستراتيجي.

وتعد السيطرة على ميناء الحديدة خطوة هامة قد تغير اللعبة، وتجبر الحوثيين على الخضوع أخيرا.

وأكد مقاتل في صفوف الحكومة اشترط عدم الكشف عن اسمه “لدينا قوة بشرية وقوة نارية والمعنويات”.

وتابع “نقوم بكل ما بوسعنا للسيطرة على أعصابنا” بسبب التهدئة، بينما أصر مقاتل آخر على أن الحل الوحيد هو العمل العسكري، وهو شعور يشاركه به الكثيرون.

وتساءل “حتى لو مات 50 ألف شخص (حال استئناف القتال)، وماذا بعد؟”.

وأضاف “عندما نقطع العصب الرئيسي عنهم، سنقضي عليهم إلى الأبد”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى