تحقيقات

التبغ.. خطر صحي وبيئي ممتد وجهود محلية ودولية تتصدى

من زهراء الكاظمي

الكويت – 30 – 5 (كونا) -— نحو صحة وبيئة أفضل تنطلق الجهود الدولية الرامية لمكافحة تدخين التبغ عبر حملات تنادي بأحقية تمتع الناس كافة بالصحة والعافية والتوعية بمخاطره ووضع سياسات فعالة للحد من استهلاكه وتسريع هذه الجهود كجزء من استجابتها لخطة التنمية المستدامة لعام 2030.
ولا تخفى الاثار الضارة للتدخين على المدخنين ومن حولهم ومنها سرطان الرئة والأمراض التنفسية المزمنة والربو والالتهاب الرئوي والتهاب الشعب الهوائية والسل وغيرها من الامراض التي تتطلب ضرورة اتخاذ تدابير للنهوض بصحة الافراد والاطفال وحمايتهم من اضرار الدخان.
ولا تقتصر خطورة التدخين على صحة الانسان فحسب بل تمتد اثاره الضارة الى البيئة حيث يتسبب بتلوث الهواء ويشكل خطرا داخل الأماكن المغلقة حيث يحتوي على أكثر من سبعة الاف مادة كيميائية تظل عالقة في الهواء لمدة تصل إلى خمس ساعات تهدد الافراد بخطر الاصابة بالامراض المذكورة وغيرها مثل قصور وظائف الرئتين.
وبمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التبغ الذي يصادف في ال31 من مايو من كل عام والذي يحمل شعار (التبغ والصحة الرئوية) هذا العام قالت المدير العام للعلاقات العامة والإعلام في الهيئة العامة للبيئة شيخة الابراهيم لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس ان هذه المناسبة تسعى للفت النظر العالمي نحو الآثار السلبية والضارة للتبغ والتدخين وآثاره السيئة على الصحة العامة.
واضافت الابراهيم ان الهيئة قطعت شوطا كبيرا في الحد من ظاهرة التدخين في وسائل النقل العام والأماكن العامة المغلقة وشبة المغلقة ولا يسمح اليوم بالتدخين الا في الأماكن المخصصة لذلك.
وقالت ان الهيئة تجدد نداءها الدائم بأهمية التعاون وتفعيل إجراءات المكافحة والسيطرة على “هذا الوباء الخطير” الذي يتسبب بوفاة ملايين الاشخاص وتعرضهم للخطر والامراض سنويا بحسب منظمة الصحة العالمية فضلا عن تضرر البيئة كالتلوث والحرائق.
واوضحت ان قانون حماية البيئة رقم (42) لسنة 2014 وتعديلاته يعد طفرة في العمل البيئي على كافة المستويات ويتضمن القانون المادة (56) الخاصة بالتدخين وتنص على “حظر التدخين مطلقا في وسائل النقل العام وفي الأماكن العامة المغلقة وشبه المغلقة الا في الأماكن المخصصة لذلك”.
واشادت الابراهيم بجهود كل من ساهم في اعداد واقرار هذا القانون الذي يسعى للحفاظ على البيئة من التلوث بكافة اشكاله.
وافادت بأن الهيئة دشنت جهودها في مواجهة التدخين بوضع وتنفيذ خطة إعلامية طموحة لنشر وشرح القانون والتوعية بمواده في وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وبمشاركة كافة جهات الدولة سواء من القطاع الخاص أو الحكومي حيث نجحت في جعلهم شركاء حقيقيين في تطبيق مواد القانون البيئي والتي تغطي كافة الجوانب.
وذكرت ان الهيئة قامت بتنظيم ندوات وورش عمل ومحاضرات توعوية لكافة شرائح المجتمع في أماكن تواجدهم داخل المجمعات التجارية والأسواق وجميع الأماكن الحكومية والقطاع الخاص اضافة الى قيامها بحملات توعوية بمشاركة ضباط قضائيين وشرطة البيئة فضلا عن تنظيم حملات لضبط المخالفين وتحرير المخالفات.
ومن جانبه قال مدير ادارة شرطة البيئة العقيد الدكتور حسين العجمي ل(كونا) انه منذ صدور القانون حماية البيئة وتعديلاته وانشاء ادارة شرطة البيئة عام 2015 حتى الان تم تحرير اكثر من 12 الف مخالفة تدخين شاملة الافراد والجهات الحكومية والمجمعات التجارية.
واكد العقيد العجمي ان منع التدخين يشكل ترسيخا لمفهوم الحفاظ على حق الانسان في بيئه سليمة ومنع تعدي الاخرين على صحة الانسان.
وذكر انه ومن خلال الحملات تم ضبط عدد من المسؤولين والموظفين في عدة دوائر ومؤسسات خدمية وتحرير مخالفات بحقهم نتيجة لعدم التزامهم وعدم درايتهم الكاملة بالاماكن المخصصة للتدخين لافتا الى ان المكان العام حق للجميع ويحظر به التدخين سواء كان مغلقا او شبه مغلق.
واكد انه بالرغم من عدم التزام البعض فإن نسبة الوعي ازدادت بسبب الحملات المستمرة والردع القانوني للتدخين حيث ان عام 2018 سجل 3200 مخالفة تدخين مقارنة بعام 2017 التي وصلت الى نحو 6000 مخالفة.
ولفت الى أن بعض الظواهر الاجتماعية السيئة قلت وتلاشت بعد منع التدخين في الاماكن المغلقة وشبه المغلقة مثل المشاجرات في المجمعات والتجمعات الشبابية للمراهقين في الاسواق التجارية وانخفاض نسبة الحرائق في المنشأت التجارية او الحكومية.
وذكر ان عقوبات التدخين تبدأ من 50 دينارا الى 100 دينار ويقوم المخالف بدفع الغرامة وفقا للمادة (56) في مبنى الهيئة أو عبر موقعها الالكتروني خلال مدة لا تزيد عن 15 يوما أو تحال بعدها للنيابة العامة في حال عدم الدفع.
وقال ان رمي اعقاب السجائر تعتبر مخالفة بيئة اخرى وفق المادة (33) من القانون البيئي الخاصة برمي المخالفات بالاماكن غير المخصصة وعقوبتها تصل الى غرامة 500 دينار.
واوضح ان المسؤولية القانونية تقع على ولي الامر في حال ضبط الاحداث او الاطفال الذين يدخنون في اماكن مغلقة أو شبه المغلقة لافتا الى ان القانون يشمل ايضا الشيشة الالكترونية بجميع انواعها وكل ما يندرج تحت مسمى السجائر الالكترونية.
واكد العقيد العجمي استمرار شرطة البيئة وهيئة البيئة في تنظيم حملاتهما التوعوية الخاصة بهذا الشأن فضلا عن حملات رصد مخالفي القانون.
بدوره قال استشاري الطب المهني والبيئي المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة الدكتور احمد الشطي ل(كونا) ان الكويت تحتفل بهذا اليوم الى جانب اكثر من 190 دولة حول العالم وتهدف منظمة الصحة العالمية في هذا اليوم للتوعية بمخاطر التدخين على الرئة واضراره على صحة الاشخاص المحيطين بالمدخنين ومكافحته بكل اشكاله.

واضاف الدكتور الشطي ان التدخين يقتل نصف الاشخاص المدخنين وان التبغ بكل انواعه سبب رئيسي للموت والاعتلال والفقر وهو من اكثر الاخطار على الصحة العامة والتي شهدها العالم على مر التاريخ.
ولفت الى انه يموت بسببه في كل عام نحو ثمانية ملايين شخص على الاقل واكثر من خمسة ملايين ممن يتعاطونه او سبق تعاطيهم واكثر من 600 الف من غير المدخنين المعرضين لدخانه غير المباشر.
وذكر أن الوفاة المبكرة لمن يتعاطون التبغ تحرم اسرهم منهم ومن دخلهم وتزيد تكاليف الرعاية الصحية وتعوق التنمية الاقتصادية.
واوضح ان التدخين منتشر في الكويت بين الشابات بنسبة 3ر8 بالمئة وبين الشباب بنسبة 2ر23 بالمئة وبين البالغين الذكور 2ر38 بالمئة والنساء 3ر3 بالمئة مبينا انها احصائيات موثوقة بحسب دراسة انتشار ظاهرة التدخين بين اليافعين بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية “ما يتطلب ضرورة التوعية والمكافحة”.
وعن العبء الاقتصادي للتدخين في الكويت ذكر ان الكلفة المباشرة للتدخين تبلغ حوالي 159 مليون دينار وكلفة مرضى التدخين حوالي 166 مليون دينار منها فقدان الانتاجية اما الكلفة الناتجة عن الوفيات فتصل الى 112 مليون وثمن التدخين غير المباشر 82 مليون وفي حال اضافتها للتدخين المباشر يصبح الاجمال 519 مليون دينار.
واشار الى الاحصائيات التي تم جمعها وتحليلها عام 2017 والخاصة بمعدلات وفيات التبغ لكل مئة الف بينت ان بين النساء 6 حالات وفاة لكل مئة الف وبين الرجال 49 لكل مئة الف.
وذكر ان معدل وفيات الرجال في الكويت بسبب التدخين اكثر من البحرين وعمان وقطر والسعودية والامارات وان سبب الوفاة بامراض القلب والشرايين بنسبة 60 بالمئة والسرطان بنسبة 16 بالمئة مبينا ان الكويت تصرف 4 بالمئة من معدل الدخل القومي على خدمات الصحة.
واكد ان للكويت انجازات تسجل في مكافحة التدخين حيث تم توفير عيادات الاقلاع عن التدخين في كل محافظات الكويت والمناطق الصحية بالاضافة الى عيادة في الجمعية الكويتية لمكافحة التدخين واخرى في المركز الطبي الصناعي في منطقة الشعيبة وهي من ضمن توجيهات الاتفاقية الاطارية.
وقال ان 21 من دول العالم لديها مثل هذا التوجه وتمثل 15 بالمئة من سكان العالم ولكن لا يوجد اي نوع من خدمات المساعدة للاقلاع عن تعاطي التبغ في ربع البلدان منخفضة الدخل.
وذكر ان منظمة الصحة العالمية اعلنت التزامها بمكافحة تعاطي التبغ على الصعيد العالمي من خلال الاتفاقية الاطارية الخاصة بذلك وهي من اكثر المعاهدات التي حظيت بالقبول بتاريخ الامم المتحدة حيث يتجاوز عدد الاطراف فيها اكثر من 168 طرفا مما يشمل اكثر من 89 بالمئة من سكان العالم.
وقال ان هذه الاتفاقية تتركز في نحو ستة تدابير يمثلها البرنامج وتشمل رصد تعاطي التبغ وسياسات الوقاية وحماية الناس من الدخان وعرض المساعدة للاقلاع عن التدخين والتحذير من اخطاره وحظر الاعلان والترويج عنه وزيادة الضرائب عليه منوها بجهود للكويت الحثيثة في هذا الشأن والتي لها انجازات وحضور على المستوى الاقليمي والعالمي.
وافاد الدكتور الشطي بان زيادة الضرائب تعد سببا في تقليل نسبة التدخين حيث ان زيادتها بنسبة 10 بالمئة تقلل استهلاكها بنسبة 4 بالمئة في البلدان مرتفعة الدخل و5 بالمئة في البلدان منخفضة الدخل.
واعتبر ان الضرائب وسيلة نادرة التطبيق حيث ان هناك فقط 23 بلدا على مستوى العالم يمثل اقل من 8 بالمئة من سكان العالم تتجاوز فيها الضرائب المفروضة على التبغ نسبة 75 بالمئة من سعر البيع بالتجزئة وفي البلدان التي توفر فيها المعلومات تفوق فيها ضرائب التبغ نحو 175 مرة قيمة الانفاق على مكافحة التبغ.
وقال ان حظر الاعلان والترويج للتبغ يعد ايضا حلا وله دور كبير في خفض الاستهلاك بنسبة تصل الى 7 بالمئة كما ان نسبة الانخفاض قد تصل الى 16 بالمئة في بعض البلدان لافتا الى ان حظر الاعلان والترويج لم يطبق حتى الان الا في 24 بلدا ما يمثل 10 بالمئة من سكان العالم مبينا ان الكويت من الدول التي التزمت بذلك.
واوضح ان وضع التحذيرات المناسبة والصور على علب السجائر هي من الاساليب والادوات التي تقلل من نسب التدخين حيث توضح اضراره واثاره الصحية في خطوة لاقناع المدخن وغير المدخن للاقلاع عن التدخين وتلافيه بالقرب من الاطفال وغيرهم.
وأكد استمرار الدراسات الخاصة بهذا الشأن لكل من البرازيل وسنغافورة وكندا وتايلند والتي اثبتت زيادة وعي المجتمعات “لكن وضع التحذيرات المصورة لا يطبق الا في 30 بلدا اغلبها من متوسطة ومنخفضة الدخل اي ما يمثل 14 بالمئة من سكان العالم” مشيرا الى ان 37 بلد نفذوا خلال العامين الماضيين حملة واحدة لمكافحة التدخين.
واضاف الشطي ان السجائر الالكترونية هي اسلوب جديد للترويج وهناك زيادة في التدخين لهذا السبب بين الشباب خصوصا في المرحلتين الدراستين المتوسطة والثانوية.
ورأى ان الانتشار الواسع يتطلب اصدار تحذيرات اكثر والاستعداد لمكافحتها بشكل اكبر لمنع المراهقين من استخدامها لافتا الى انه لا يوجد سبب لتدخين السجارة الالكترونية.
وحول التدخين السلبي او ما يسمى التدخين بالاكراه أو اللاإرادي قال انه بسبب تأثير المدخن على غير المدخن وهو الذي يملأ المجمعات والمطاعم والاماكن المغلقة وتشمل الشيشة وغيرها.
وقال ان الدخان المستنشق يحتوي على التبغ 4 الاف مادة كيماوية منها 250 على الاقل مادة ضارة و50 مسرطنة ولا يوجد اي مستوى مأمون لدخان التبغ غير المباشر ويعد سببا منتشرا في اصابة البالغين بأمراض القلب والتنفسية والسرطان والموت المفاجئ للاطفال الرضع.
وذكر ان نصف الاطفال يتنفسون هواء ملوثا بدخان التبغ في الاماكن العامة واكثر من 40 بالمئة من الاطفال يدخن احد والديهم على الاقل مبينا ان دخان التبغ غير المباشر يسبب اكثر من 600 الف حالة وفاة مبكرة سنويا يشكل منها الاطفال 28 بالمئة من الوفيات.
وافاد بأن التبغ هو سبب لاكثر من مئة مليون وفاة في القرن ال20 واذا استمر التدخين بهذا الشكل سوف يسبب وفاة مليار شخص في القرن ال21 بحسب الدراسات وفي حال لم تتم مكافحة الوفيات ذات الصلة بالتبغ ستزيد الى اكثر من ثمانية ملايين وفاة في عام 2030 وستكون اكثر من 80 بالمئة منها في البلدان منخفضة الدخل.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى