سفينة مهاجرين جديدة ترسو في لامبيدوسا في تحد آخر لوزير الداخلية الايطالي
رست سفينة إنقاذ تابعة لجمعية خيرية في أحد موانئ جزيرة لامبيدوسا الإيطالية على متنها 41 مهاجراً تمّ إنقاذهم في عرض البحر، هي الثانية التي تتحدّى محاولات وزير الداخلية اليميني المتطرّف ماتيو سالفيني إغلاق الموانئ الإيطالية في وجه المهاجرين.
وعلى رصيف الميناء، كان هناك حضور كثيف للشرطة بانتظار السفينة “أليكس” التابعة لمنظمة “مديتيرانيا” والتي ترفع العلم الإيطالي، ولم يُسمح لا لطاقمها ولا للمهاجرين وطالبي اللجوء على متنها بمغادرتها.
وكتب سالفيني على تويتر “لا أسمح بأيّ رسوّ لمن يهزأون تماماً بالقوانين الإيطالية ويساعدون المهرّبين”.
والشهر الماضي، وقّع سالفيني مرسوماً يفرض غرامات تصل إلى 50 ألف يورو (57 ألف دولار) على قبطان ومالك ومشغّل أيّ سفينة “تدخل المياه الإقليمية الإيطالية من دون إذن”.
وبعد وصول السفينة “اليكس” الى المرفأ، قال سالفيني إنّه قد يرفع الغرامة القصوى الى مليون يورو.
ونشرت “ميديترانيا” تغريدة طالبت فيها بإنزال من تمّ إنقاذهم، وقالت إنها أبحرت الى “المرفأ الوحيد الآمن للرسوّ”.
وأضافت “ركّاب القارب الغارق والطاقم منهكون (…) الأشخاص الذين تمّ إنقاذهم يحتاجون الى العناية (…) هذا موقف عبثيّ، وإطالة الانتظار قسوة غير ضروريّة”، مشيرين إلى حالة متعلّقة بـ”النظافة لا يُمكن احتمالها على متن السفينة”.
واحتجزت السُلطات الإيطاليّة في لامبيدوسا الأسبوع الماضي سفينة تابعة لمنظّمة الاغاثة الألمانية سي-ووتش تحمل عشرات المهاجرين، واعتقلت قبطانتها كارولا راكيتي لدخولها المرفأ بلا إذن.
وأمرت قاضية إيطاليّة هذا الأسبوع بالإفراج عن القبطانة لأنّها سعت لإنقاذ أرواح، ما أثار غضب سالفيني.
ولا تزال راكيتي تُواجه تحقيقين منفصلين بتهمة ممارسة العنف بحقّ سفينة حربيّة والمساعدة على الهجرة غير المشروعة، بعدما رست بالقوّة متحدّيةً سفن الجمارك الإيطالية.
ووصلت ايضًا الى المياه الإقليميّة قبالة لامبيدوسا سفينة ثالثة هي “الان كردي” التابعة للمنظمة الخيرية الألمانية “سي-آي” وعلى متنها 65 مهاجراً تمّ انقاذهم بعد غرق مركبهم قبالة ليبيا.
-“انعدام مسؤولية”-
وتظاهر أكثر من ثلاثين ألف شخص في نحو مئة مدينة ألمانية السبت تضامنًا مع قبطانة سفينة “سي ووتش” للمطالبة بتولّي أمور المهاجرين الذين تنقذهم منظّمات غير حكومية في البحر المتوسط، وفق المنظمين.
وتظاهر نحو ثمانية آلاف شخص في برلين وأربعة آلاف في هامبورغ، فيما جرت اعتصامات ومسيرات في نحو مئة مدينة في مختلف أنحاء ألمانيا.
وقالت راكيتي في رسالة للمتظاهرين في برلين إنّ “عمليّات الإنقاذ في البحر لا حدود لها، وكذلك تضامننا”.
وأضافت الشابّة الألمانيّة الموجودة حاليًا في إيطاليا “إنّ انعدام المسؤوليّة لدى دول أوروبّية أجبرني على التصرّف كما تصرّفت”.
وطالب وزير الداخليّة الالماني هورست سيهوفر نظيره الايطالي، في رسالة، بإعادة النظر بسياسته، وفق مصادر قريبة من الحكومة الالمانية.
وكتب الوزير الالماني “لا يمكننا أن نتحمّل مسؤولية بقاء سفن تقلّ ناجين لاسابيع في البحر المتوسط لمجرّد أنها لا تجد ميناء” يستقبلها.
ويتّهم سالفيني سفن الاغاثة التابعة لمنظمات غير حكوميّة بمساعدة المهرّبين، وقال إنّ السفينة “أليكس” ينبغي أن تُبحر باتّجاه فاليتا عاصمة مالطا، بعد نقل 13 شخصًا “من الضعفاء” الجمعة إلى لامبيدوسا وبقاء 41 شخصًا على متنها.
وطلبت مالطا بدورها من السفينة التوجّه إلى فاليتا لإنزال المهاجرين لكنّ منظّمة “مديتيرانيا” قالت إنّ الرحلة ستكون بالغة المشقّة.
وأظهرت صوَر عشرات المهاجرين وطالبي اللجوء وهم يُحاولون تجنّب أشعّة الشمس تحت بطّانيات على الجهة الضيقة من السفينة الشراعية البالغ طولها 18 مترا.
-رحلة الـ15 ساعة-
وكتبت أليساندرا شيوربا من منظّمة “مديتيرانيا” على تويتر “يستحيل في هذه الظروف مواجهة 15 ساعة من الإبحار. ننتظر ترتيبات من البحريّة الإيطاليّة أو المالطيّة لاستقبال هؤلاء الاشخاص الموجودين على متن المركب”.
وتضمّ مديتيرانيا أساسًا نشطاء من اليسار، العدوّ اللدود لسالفيني الذي ازدادت شعبيّة حزب الرابطة الذي يتزعّمه بسبب موقفه المتشدّد من سفن إنقاذ المهاجرين.
وبحسب استطلاع نُشر السبت في صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطاليّة فإنّ 59 بالمئة من الإيطاليين يؤيّدون قرار سالفيني إغلاق المرافئ بوَجه سفن المنظمات غير الحكومية.
وغرق مركب مطاطي أبحر من ليبيا وعلى متنه 86 شخصًا، قبالة السواحل التونسيّة الأربعاء. وقضى ركّابه جميعهم أو فقِدوا ما عدا ثلاثة.
وليبيا التي تشهد فوضى منذ سقوط معمر القذافي عام 2011 ومقتله، تشكّل نقطة عبور رئيسية للمهاجرين خصوصًا من إفريقيا جنوب الصحراء، في مسعى للوصول إلى أوروبا.