محاولات اللحظة الأخيرة لإنقاذ الاتفاق النووي مع ايران
يبذل الأوروبيون كل الجهود الممكنة لإنقاذ الاتفاق النووي مع ايران، لكن وزراء خارجيتهم استنتجوا خلال اجتماعهم الاثنين في بروكسل أن استحالة الالتفاف على العقوبات الأميركية لا تترك لهم فرصا كثيرة للتجاوب مع ما تطلبه طهران.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت بعيد وصوله الى بروكسل للمشاركة في اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي “إن الاتفاق لم يمت” والاتحاد الاوروبي يريد أن يعطي ايران “إمكانية العودة عن اجراءاتها الاخيرة التي تتعارض مع التزاماتها” الواردة في الاتفاق النووي.
من جهته أعرب وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان عن الأسف “لاتخاذ ايران قرارات سيئة ردا على القرار الاميركي السيئ بالانسحاب من الاتفاق وفرض عقوبات عابرة للحدود تضرب بقوة الميزات الاقتصادية التي كان يمكن لايران ان تستفيد منها عبر هذا الاتفاق”.
وتابع الوزير الفرنسي “نرغب بأن تعود ايران الى الالتزام بالاتفاق”.
ويعرب الأوروبيون عن اسفهم لقرار طهران إنتاج يورانيوم مخصب يتجاوز النسبة المسموح بها بموجب الاتفاق النووي الموقع مع القوى الكبرى عام 2015. في حين أن ايران تتوقع من الاوروبيين “إجراءات عملية وفاعلة ومسؤولة” لإنقاذ الاتفاق.
وقال المتحدث باسم الخارجية الايرانية عباس موسوي في بيان إن “أي توقع بأن تعود إيران إلى الظروف التي سادت قبل 8 أيار/مايو 2019 دون برهنة الأوروبيين عن إرادة سياسية وقدرة عملية” على تخفيف العقوبات، “هو توقع غير واقعي”.
واعلن المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية الاثنين إن إيران يمكنها “العودة إلى الوضع” الذي كان سائدا قبل إبرام اتفاق تموز/يوليو 2015 بشأن برنامجها النووي.
وقال بهروز كمالوندي في تصريح نقلته الوكالة الإيرانية الرسمية (إرنا) “إذا لم يرغب الأوروبيون والأميركيون في الإيفاء بالتزاماتهم، فنحن أيضًا، ومن خلال خفض التزاماتنا … سنعود إلى ما كان عليه الوضع قبل أربعة أعوام”.
وفي ختام الاجتماع قالت وزيرة الخارجية الاوروبية فيديريكا موغيريني “بالإمكان التراجع عن الاجراءات الايرانية وندعو سلطات ايران الى التراجع عن قرارها”، مضيفة “الاتفاق في وضع دقيق لكنني آمل بأن لا تكون ساعته قد حانت. من الضروري ان تتقيد ايران بالتزاماتها”.
ويأمل الأوروبيون إقناع الايرانيين برغبتهم بمساعدتهم عبر استخدام “إينستاكس” وهي آلية مقايضة للالتفاف على العقوبات الاميركية عبر تجنب استخدام الدولار الاميركي. وبواسطة هذه الآلية فإن ما تشتريه ايران من الاسواق الاوروبية يعوض عنه بشراء الاوروبيين منتجات من ايران بالقيمة نفسها.
والتزمت عشر دول أوروبية استخدام هذه الآلية على أن تنضم أيضا دول “غير عضو في الاتحاد الاوروبي” الى هذه المبادرة، حسب ما أعلنت موغيريني الاثنين، موضحة “أن التعاملات الأولى (مع ايران) هي حاليا قيد الانجاز”.
إلا أن دبلوماسيا اوروبيا رفيعا أعرب عن أسفه لعدم دعم ايطاليا وبولندا لهذه الآلية.
والوضع بات غاية في التعقيد : فالعقوبات الاميركية العابرة للحدود أجبرت الشركات الاوروبية على الانسحاب من ايران، حسب ما لاحظ دبلوماسي أوروبي.
ولم يعد بامكان ايران حاليا تصدير نفطها وحرمت من أهم مصدر دخل لها. فقد تراجعت الصادرات النفطية الايرانية من 1،5 مليون برميل يوميا الى 700 الف برميل ما يجعل الاقتصاد الايراني في ورطة كبيرة، حسب ما أفاد مصدر اوروبي.
وعلق وزير الخارجية الاسباني جوزيب بوريل الذي تم اختياره ليخلف موغيريني، على هذا الوضع بالقول “نحن لا نعترف بالعقوبات الاميركية العابرة للحدود”. ولا يزال بوريل بحاجة لمصادقة البرلمان الاوروبي على تعيينه بمنصب وزير خارجية الاتحاد الاوروبي.
وتابع “نحن نقوم بكل ما هو ممكن لإبقاء الاتفاق النووي مع ايران، ونعرف في الوقت نفسه أن هذا الأمر سيكون صعبا للغاية بسبب الموقف الاميركي”.
– خلاف كبير مع واشنطن-
وأكد بوريل موافقة بلاده على آلية إينستكس معربا عن الأمل “بأن تتيح هذه الآلية إجراء مبادلات تجارية مع ايران”.
لكنه في الوقت نفسه حذر من الدخول في دوامة الفعل ورد الفعل معتبرا أن “القرارات الاخيرة للسلطات الايرانية ليست نهائية” في إشارة الى زيادة نسبة تخصيب اليورانيوم.
من جهته قال جيريمي هانت أيضا “في حال استحوذت ايران على السلاح النووي فان دولا اخرى في المنطقة ستقوم بالمثل وسيصبح الوضع غاية في الخطورة”، مضيفا “أن ايران غير قادرة حاليا على انتاج سلاح نووي ونريد أن يبقى الشرق الاوسط خاليا من السلاح النووي”.
وفي إشارة الى الخلافات مع واشنطن قال هانت “نعتبر الولايات المتحدة حليفة لنا لكن الاصدقاء يمكن احيانا أن يختلفوا، والخلاف بشأن ايران هو احد خلافاتنا النادرة” مع واشنطن.
والمعروف ان هانت مرشح لخلافة تيريزا ماي في رئاسة حزب المحافظين والحكومة البريطانية، وهو ينافس بوريس جونسون المقرب جدا من دونالد ترامب على هذا المنصب.