القدس وإسطنبول.. عشق يسكن قلب فنانة مقدسية
أيام وربما ساعات تفصل الفنانة المقدسية سندس الرجبي عن وضع مولودها الأول الذي استبقته بولادة وافتتاح معرضها الفني “مدينتي” في المركز الثقافي التركي بالقدس المحتلة.
غزلت بأناملها 35 لوحة لمدينتي القدس وإسطنبول تعبيرا عن حبها لهما، وكانت البذرة الأولى للمعرض عام 2015 عندما زارت مدينة إسطنبول للمرة الأولى في حياتها ولاحظت حينها تشابه المدينتين في نواحٍ كثيرة، أبرزها العمران والفن وبعض العادات والتقاليد.
عادت الفنانة إلى القدس، وبدأت باستطلاع آراء مقدسيين زاروا إسطنبول وأتراك زاروا القدس، فجمعت انطباعات إيجابية، من بينها ملاحظة الجميع تشابه العمران التاريخي في المدينتين والحب المتبادل بين الشعبين الفلسطيني والتركي، مما دفعها لخطو خطوة أخرى إلى الأمام والبحث عن إمكانية تبني فكرة المعرض الفني.
ساعدها برج اللقلق للعمل المجتمعي في البلدة القديمة على توفير المواد الخام اللازمة لرسم اللوحات، وتبنى المركز الثقافي التركي الفكرة، وباشرت سندس رسم لوحاتها واستغرق ذلك عاما كاملا.
الخزف الذي يزين أماكن عدة في المسجد الأقصى، بالإضافة إلى المقدسات الإسلامية والمسيحية وأسواق القدس العتيقة، ومساجد إسطنبول وبعض الأختام العثمانية عناوين تضاف إلى أخرى غيرها حملتها لوحات الفنانة الرجبي، وتنقلت بينها للشرح عن كل منها لزوار المعرض بالقدس.
“قبل عام ونصف العام افتتح المعرض ذاته في زيتون برنو بإسطنبول، وذهلت حينها بالإعجاب العميق الذي أبداه الأتراك باللوحات، ودفعهم ذلك لشراء بعضها، وها أنا أفتتح المعرض اليوم في مسقط رأسي بالقدس، ولهذه المناسبة وقع خاص في نفسي”.
شراكة تاريخية
يقول رئيس بلدية “زيتون برنو” مراد آيدن -الذي افتتح المعرض في شتاء 2018- إن إسطنبول والقدس مدينتان مقدستان ترتبطان ببعضهما منذ مئات السنين، ولن تتغير هذه الشراكة التاريخية مهما كان اتجاه الحضارة الإنسانية.
“بهذا المعرض أضفنا خطوة أخرى إلى الجسر الصلب بين إسطنبول والقدس، وتمكنا من خلال الفنانة سندس الرجبي من تعزيز العلاقات بين مدينتين إسلاميتين عظيمتين”.
في القدس تنقل الفنان المقدسي طالب دويك بين لوحات تلميذته منبهرا بمهارتها العالية في استخدام الألوان المائية، وقال للجزيرة نت إن “نجاحات الفنانين تقاس بالمعارض الفردية لا الجماعية، عملت وسندس على مدار عامين في تزيين مدارس القدس بجداريات تتحدث عن الهوية والوطن والمقدسات، وسعيد بأنني ضيف على معرضها اليوم”.
لم يتردد الفنان دويك في التعبير عن أسفه لعدم وجود حاضنة لفناني القدس، مؤكدا أنهم يصنفون ضمن الفئات المهمشة التي لا تحظى بأدنى مقومات الدعم اللازمة للتطور وإقامة المعارض التي تعبر عن آمال الفنانين وآلامهم.
ويقول مازن الجعبري -وهو أحد زوار المعرض المقدسي- إن الفنانة أهدته قبل نحو عام لوحة تحتوي على صورة المسجد الأقصى والسور من جهة باب الرحمة (المنطقة الشرقية) وأبهر حينها بتفاصيلها، لكنه لم يتخيل أنه سيزور معرضا لها بهذه الضخامة.
تفاصيل ملهمة
“أسكن في البلدة القديمة وأزور المسجد الأقصى باستمرار، وأرى منذ صغري نقوش الخزف باللون الأزرق الباهت والقاتم، لكنني تفاجأت بتسليط الفنانة الضوء بلوحاتها على الألوان الأخرى في الزخارف الخزفية، ومنها الأصفر والبرتقالي وغيرها.. اهتمت سندس بالتفاصيل الدقيقة، وهذا شيء ملهم”.
ولدت الفنانة سندس الرجبي في مدينة القدس عام 1991، والتحقت بقسم الفنون التشكيلية في جامعة النجاح الوطنية، وتخرجت فيها عام 2014، وفي عام 2017 سافرت إلى تركيا، وهناك تعمقت في فن الخزف والسيراميك بمدينة إزنيق.
حازت الفنانة المقدسية على جوائز عدة، من بينها حصولها على المرتبة الخامسة في مسابقة الملتقى العربي للفنانين التشكيليين الشباب بمدينة تطوان المغربية عام 2016.
المصدر “الجزيرة”