علوم وتكنولوجيا

“ملابسك دائما قديمة”.. خطة مصممي الأزياء لجعلك فريسة للموضة

تمتلئ خزانتك بالعشرات من قطع الملابس، لكنك لا تكتفي أبدا وتبحث عن المزيد، تنفق الكثير من الأموال شهريا للحصول على قطع جديدة ومختلفة، ويؤنبك ضميرك على تلك الأموال، وعلى تحولك إلى مستهلك شره لا تكف أبدا عن اقتناء المزيد.

آن الأوان لأن تتوقف عن لوم نفسك، فالذنب كله لا يقع على عاتقك، لكنها خطة تمارس عليك وأنت الضحية، خطة تحمل اسم “الموضة السريعة”.

مؤامرة “الموضة السريعة”
تتعدد وتختلف تعريفات الموضة السريعة وفقا للقائمين عليها أو المستفيدين منها أو حتى المستهلكين، لكن لكي تستطيع -كمستهلك واع- معرفة أبعاد تلك المؤامرة، يجب أن تعرف بالضبط السياق الذي ظهرت فيه هذه الظاهرة.

استمرت صناعة الأزياء حتى منتصف القرن العشرين في أربعة مواسم في السنة: الخريف والشتاء والربيع والصيف، كما أورد مقال منشور في موقع “ذا غود ترايد” (The good trade)، مما يعني أن المصممين في بيوت الأزياء الراقية كانوا يخططون لكل موسم مسبقا.

ألقت الثورة الصناعية بظلالها على صناعة الموضة، ومع تسارع وتيرة الإنتاج ظهر ما يسمى بالموضة السريعة، وفي الوقت الحالي أصبحت العلامات التجارية للأزياء السريعة تنتج حوالي 52 موسما متناهي الصغر في السنة، أي “مجموعة” واحدة على الأقل كل أسبوع.

تؤكد الكاتبة والخبيرة في ثقافة المستهلك إليزابيث كلاين، أن متجر “زارا” (Zara) يورد لفروعه المتعددة قطعا جديدة كل أسبوعين، واليوم تحصل شركات مثل “أتش آند أم” (H&M) و”فورإيفير21″ (Forever21) على شحنات يومية من قطع جديدة، بينما تعرض متاجر “توب شوب” (Topshop) حوالي 400 طراز (موديل) جديد في الأسبوع على موقعها الإلكتروني.

ذلك التسارع في الإنتاج هدفه الإيقاع بالمستهلك فريسة لأصحاب الصناعة، إذ تتكفل القطع المتغيرة يوميا بإشعاره أن ملابسه دائما قديمة، وأنه بحاجة دائمة ومستمرة لدفع المال من أجل مواكبة الموضة المحدودة الجودة.

 الضغط الهائل لمواكبة أحدث العروض يمكن أن يكون عبئا ماليا (الجزيرة)
الضغط الهائل لمواكبة أحدث العروض يمكن أن يكون عبئا ماليا (الجزيرة)

جرائم بيئية للموضة
تعتبر صناعة الأزياء بوجه عام مذنبة بارتكاب العديد من الجرائم ضد الإنسان والبيئة على حد سواء، لكن ذلك يتجلى بوضوح في صناعة “الموضة السريعة”.

تستخدم “الموضة السريعة” تكرار الموضة والإنتاج السريع والمواد ذات الجودة المنخفضة، من أجل تقديم قطع غير مكلفة للجمهور، ولسوء الحظ ينتج عن هذا تأثيرات ضارة على البيئة والإنسان.

صناعة الأزياء هي ثاني أكبر صناعة ملوثة للبيئة في العالم، وبحسب قناة فرانس 24 فإن مخلفات قطاع الملابس تزيد على خمسة ملايين طن سنويا.

رصد تقرير لشركة الاستشارات الإدارية “ميكنسي آند كومبني” (McKinsey & Company) تضاعف عدد الملابس المنتجة سنويا منذ عام 2000 متجاوزا مئة مليار قطعة لأول مرة في عام 2014، أي ما يعني 14 قطعة ملابس جديدة لكل شخص على الأرض.

واستحوذت الولايات المتحدة على الحصة السوقية الكبرى من الأزياء السريعة، طبقا لبحث مجلس القطن الدولي للبيئة ومؤسسة كوتون إنكوربوريشن البيئية، حيث يفضل 88% من الأميركيين استخدام الأزياء السريعة دون اكتراث للبيئة و49% من الإيطاليين و46% من الأوروبيين و27% من المكسيكيين و25% من الهنود و21% من الصينيين الأكثر اهتماما بالبيئة.

وغالبا ما ينتهي المطاف بثلاثة أخماس القطع المنتجة في المحارق ومدافن النفايات خلال عام واحد من صنعها، كما أن المستهلكين -بوتيرة سريعة- يتخلصون من القطع التي ارتدوها بإلقائها في مدافن النفايات أو التبرع بها للجمعيات الخيرية، بحسب “تيكستايل توداي” (Textile today).

 صناعة الأزياء هي ثاني أكبر صناعة ملوثة للبيئة في العالم (مواقع التواصل)
صناعة الأزياء هي ثاني أكبر صناعة ملوثة للبيئة في العالم (مواقع التواصل)

4 مواسم لا تكفي
مع تغير الموضة بوتيرة سريعة، لم يعد يكفي تحديث خزانة الملابس الخاصة بك كل موسم، بل يمكن أن يتحول الأمر بالنسبة لمحبات الموضة إلى هوس يعد فيه ارتداء القطعة أكثر من مرة واحدة خيارا غير مطروح.

محاولة البقاء على قمة ثورة الموضة جعلت من عاشقات الموضة العصريات أكثر عرضة للتنازل عن جودة الملابس التي تصنعها الموضة السريعة، وكذلك عن المكان الذي يشترون منه، وفقا لمقال منشور في مجلة “غالديم” (Galdem).

ويشير كاتب المقال إلى أن الضغط الهائل لمواكبة أحدث العروض يمكن أن يكون مدمرا ماليا ومرهقا عاطفيا، وتصبح محاولة المواكبة في حد ذاتها عبئا بسبب الحجم الهائل من الخيارات المتاحة كل أسبوع.

ويشير صناع الموضة والمختصون إلى أهمية وعي المستهلك وعدم الانجراف وراء الموضة السريعة التي تؤثر سلبا على سلوكه وعلى البيئة، وتغيير رؤيتنا للموضة وتعريفنا لما هو مرفوض أو مرغوب فيها.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى