كتاب وآراء

الجيش والحشد والحرس الثوري.. وورطة حرب اليمن؟

وفيق السامرائي*
29/8/2019
مواضيع متعددة نضطر الى اختصارها.
في 1965 التحقت بالكلية العسكرية، كانت الحياة فيها قاسية جدا، تدريبا، ضبطا، دراسة، التزاما..، في المحصلة كانت رائعة جدا، وكانت واجهة الجيش العراقي الذي أسسته القوات البريطانية بعد تحرير العراق من العثمانيين في الحرب العالمية الأولى وفقا للعقيدة العسكرية البريطانية، وكان جيشا رائعا نفخر به وامتداده الجيش الشجاع الحالي.
الفيلد مارشال مونتغمري (صورة المقال) قائد القوات البريطانية في مصر وشمال أفريقيا تمكن من الحاق هزيمة ساحقة بقوات المحور في الحرب العالمية الثانية، التي كان يقودها أبرز قادة جيش هتلر المارشال رومل، ومنذ كنت ملازما درست تاريخ حياة المارشال مونتغمري وعَلَقَ في ذاكرتي كيف كان يضع أمامه صورة القائد العدو الذي يواجهه ليدرس نفسيته.. وزرنا ميدان معارك العلمين في مصر. وكنت مولعا بدراسة تاريخ الحروب تحديدا وليس عناوين أخرى.
في إيران، خلال زمن الشاه لم يكن الجيش الإيراني كبيرا لكنه مجهز بأسلحة متطورة وقريب الى الأميركيين، وبعد الثورة أحيل الضباط الذين تزيد رتبهم عن عقيد إلى التقاعد وفَرَّ الموالون للشاه. وبسبب محاولات التمرد في مناطق مختلفة بوشر بتشكيل وحدات الحرس الثوري التي تطورت بشكل مذهل خلال حرب السنوات الثماني.
بصراحة، كانت تحركات الحرس الثوري مصدر قلق كبير للقيادة العراقية، وكانت معنوياتهم القتالية آنذاك عالية جدا، ويتمتعون بسرعة حركة وانتشار ومناورة وكتمان..
وكان الأميركيون متعاونين جدا مع العراق ضد الحرس الثوري، وفاترين تجاه كل نشاط ضد الجيش ظنا منهم انه جيش الشاه ويمكن ان ينقلب على الثورة، لكنه تغير ولاؤه بأسرع مما كانوا يظنون إلى أن اصبح والحرس حالة واحدة من حيث الولاء والتنسيق ومنفصلين تنظيميا.
(هذه العقدة بقيت على ما يبدو ملازمة للأميركيين في مقاطعتهم للحشد الشعبي رغم ما قدم من خدمة عظيمة للأمن الدولي في دحر داعش. وسيصلون الى المقارنة نفسها الى حد كبير).
ورطة حرب اليمن
لاشك في أن إيران قدمت وتقدم مساعدات عسكرية للحوثيين، ولا شك عندي على الأقل في أن أكثر من دولة خليجية قدمت لهم مساعدات مالية وعسكرية، وربما ان نسبة من غارات جوية لم تصب أهدافها (عمدا وبتوجيه وبرمجة)!
ومن المؤكد ان العراق أرسل ضباط ركن من الجيش والاستخبارات في الثمانينات لتدريب الجيش اليمني وان عددا من خبراء وضباط وقادة الصواريخ أرض ـ أرض العراقيين عملوا في اليمن بعد 2003، وقد تفاخر الرئيس علي عبد الله الصالح بعد تركه الرئاسة بأن الصواريخ التي أطلقها الحوثيون على السعودية كانت صواريخه.
نحو عشرين مليون قطعة سلاح موجودة في اليمن، طبيعة جبلية صعبة، قبائل، ولاءات، حوثيون، اخوان مسلمون مسلحون، قاعدة، دواعش، شعب صعب المراس، فقر شديد، عقائد دينية، اعتزاز قومي..، من يُصَدق أن وحدات من مجندين من المساكين والفقراء بقيادات غير ملازمة لهم تستطيع أن تسيطر على الوضع ليس الآن ولا بعد مئة سنة؟
إن وضعا كهذا لا تستطيع فرض السيطرة فيه إلا قوات نظامية متقدمة جدا من مئات الآلاف ولسنين طويلة مع قبول خسائر بالآلاف.
دون أي انحياز، ان التفاهم مع الحوثيين القوة الأقوى هو الطريق الوحيد لاعادة السلام في يمن موحد، وهذا ما أتوقع حدوثه بعد قتال الكر والفر بين مسلحي الشرعية أصدقاء السعودية، وأصدقاء الإمارات، وسقوط مناطق.
ورغم مرارة الذكريات، وخلاف من تدخلوا من الخليجيين في العراق سلبيا، لم يتدخل العراق ولا الحشد ولا حتى الفصائل المسلحة القريبة نفسيا إلى الحوثيين في اليمن.
شبابنا، لو تابع المعنيون باليمن مثلكم ما حدثت المآسي.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى