إيران.. مكافحة الفساد تطال نوابا بالبرلمان
وفي إطار تلك الحملة اعتقل النائبان فريدون أحمدي ومحمد عزيزي، بتهمة الإخلال بسوق السيارات وزعزعته، وأودعتهما سجن إيفين شمالي طهران بعد عجزهما عن توفير كفالة مالية قدرها عشرة مليارات تومان (860 ألف دولار).
وبعد مكوثهما 72ساعة بالسجن، تم الإفراج عن النائبين إثر تدخل مباشر من رئيس البرلمان علي لاريجاني وهيئة رئاسة البرلمان، وحضرا جلسة علنية اليوم التالي، مما أثار انتقادات واسعة لدى الرأي العام الإيراني.
وكشف عضو لجنة التخطيط والموازنة بالبرلمان حسين علي حاجي دليكاني عن الاتهامات الموجهة لزميليه، وقال “إن أطرافا اشترت ستة آلاف سيارة من شركة سايبا، وبعد استلامها خمسة آلاف سيارة واجهت مشكلة باستلام الباقي، وبعد مراجعتها نائبا برلمانيا لمساعدتها في حل المشكلة، أحال هذه الأطراف إلى النائبين عزيزي ومحمدي، ومن هنا بدأت القضية باتهامهما بإجراءات غير قانونية للإفراج عن الألف سيارة الباقية”.
وأضاف دليكاني أن هناك اتهامات بشراء النائبين المذكورين كميات من المسكوكات الذهبية وستعلن المحكمة حكمها بالقضية، مشيرا إلى أن علاقة شركتي “إيران خودرو” و”سايبا” بالحكومة وراء بعض الاتهامات الموجهة لهما.
أما المتحدث باسم لجنة مراقبة سلوك النواب بالبرلمان محمد جمالي نوبندكاني فكشف عن لقاء هيئة رئاسة البرلمان برئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي للحديث عن ملف النائبين الموقوفين، مؤكدا أنه “لم يصدر حكما ضدهما بعد”.
وعن كيفية مزاولة عملهما تحت قبة البرلمان المرحلة المقبلة، قال نوبندكاني أنهما سيواصلان حضور جلسات البرلمان العلنية واجتماعات اللجان الداخلية، بناء على مفاوضات هيئة رئاسة البرلمان مع السلطة القضائية.
وأضاف أنه يحق لهما الحضور في البرلمان حتى صدور الحكم النهائي ضدهما، على أن تتخذ الجهات المعنية قرارها حول عضويتهما بالسلطة التشريعية.
كما اعتقلت السلطة القضائية هاشم يكه زارع الرئيس التنفيذي لشركة “إيران خودرو” بعيد إقالته بتهمة قضايا فساد إداري واقتصادي، في إطار حملة تشنها السلطة القضائية منذ أشهر لمكافحة الفساد، حيث ألقت القبض خلالها على عدد من كبار المسؤولين في بعض الوزارات والمنظمات الحكومية الأخرى، لا سيما رئيس منظمة الخصخصة عبد الله بور حسيني الذي اعتقلته قبل أيام.
رئاسة البرلمان تدخلت للإفراج عن النائبين بعد اعتقالهما |
تباين
وانقسم الإيرانيون حيال هذا الملف، بين من يرى ضرورة توقيف النائبين المتهمين حتى صدور الحكم النهائي عليهما، وبين من ينتقد السلطة القضائية ويعتبر أنها أساءت التعاطي مع مثل هذه الملفات قبل إدانة المتهمين.
واعتبر مسعود بزشكيان نائب رئيس البرلمان تصرف السلطة القضائية في إلقاء القبض عليهما “غير منطقي وتشويه سمعة البرلمان والحكومة”. وتساءل عن مبررات سجنهما “هل كان من المقرر أن يهربا حتى يتم سجنهما؟”.
في المقابل، بعث أحمد توكلي المرشح الرئاسي السابق رسالة لرئاسة البرلمان حيث انتقد توسط لاريجاني للإفراج المؤقت عن النائبين المتهمين، وعبر عن أسفه “لإعادة المتهم إلى البرلمان للتصويت على مصير الشعب، في حين يخلع المتهم بقضايا فساد مالي بالدول الغربية”.
وتساءل المرشح الرئاسي السابق عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام برسالته “هل من المصلحة أن يوصي رئيس البرلمان بالنائبين اللذين كانا على علم بالاتهامات المالية القذرة الموجهة إليهما منذ عامين؟”. وأكد أن هذين النائبين استغلا نفوذهما لصالح المجرمين الخائنين والمخلين بسوق السيارات وباتا شريكين في جرائمهم؟”.
واعتبر توكلي في تغريدة على تويتر “تساهل البرلمان مع النائبين المتهمين بالفساد إجراء غير مقبول على الإطلاق”. وأوضح أنه طالب لاريجاني بتعديل القوانين الداخلية للسلطة التشريعية ومنع المتهمين بالفساد والخيانة من الحضور تحت قبة البرلمان حتى أن تثبت إدانتهم أو تعلن براءتهم.
عواقب العقوبات
يُذكر أنه بعد مغادرة الشركات الأجنبية المنتجة للسيارات إيران -عقب عودة العقوبات الأميركية على طهران- قررت الأخيرة تقنين بيع العربات حسب أرقام الهوية الوطنية، واشترطت عدم شراء الزیون سيارة خلال العام الماضي ولا يحق للشخص شراء أكثر من سيارة واحدة.
ويتهم بعض الإيرانيين، الحكومة ببسط قبضتها على قطاع السيارات من خلال دعمها اللامحدود للشركات المحلية، وفرض ضرائب باهظة على استيراد السيارات الأجنبية، مما جعل القطاع حكرا على شركتي “إيران خودرو” و”سايبا” اللتين يرى الزبائن إنتاجاتهما لا ترقى للمستوى المنشود.
ويرى متابعون للشأن الاقتصادي بإيران أن هناك مافيا وعصابات فساد تحول دون تطور قطاع صناعة السيارات بالبلاد، وتتجدد المطالبة الشعبية في إيران بين الفينة والأخرى على منصات التواصل بالسماح للقوات المسلحة لتولي صناعة السيارات.