مصر

هل هناك ضرورة للتعليم “العالي” في مصر؟

هاني الحسيني*
يبدو أن الحكومة المصرية تعتقد بضرورة خفض مستوى تعليم غالبية المواطنين.
دلائل ذلك : الخفض المتواصل للإنفاق الحقيقي على الجامعات العامة، وتركها للتدهور. ربما يتم إنشاء جامعات وكليات جديدة، لكن الإنفاق يتركز في أعمال الإنشاءات دون التجهيزات المتطورة، وكذلك هناك إفقار واضح لهيئة التدريس مما يؤدي لهجرة أفضل العناصر.
في المقابل هناك ترويج للتعليم الجامعي الخاص، والذي يغري القادرين على الدفع رغم مستواه الرديء.

هناك إذن إتجاه واضح لخفض مستوى التعليم الجامعي، يبدو أنه متعمد.
ربما يكون هذا الاتجاه مبرراً، لعل مصر في احتياج لكتبة وعمال وصنايعية وليست في احتياج لمتعلمين على مستوى أعلى.

لكن دعونا ننظر للتغيرات الحادثة في سوق العمل المحلي والإقليمي والعالمي.

معظم المهن التقليدية تتغير طبيعتها.
الطبيب يحتاج لمعرفة أكبر بالعلوم الاساسية والتكنولوجيا. وهو ما يستتبع تعليماً أكثر عمقاً وأقل اعتماداً على اكتساب الخبرة بالممارسة.
المهندس يتعامل مع نظم أكثر تعقيداً ويحتاج بالتالي لمعرفة مركبة، المهندس المدني مثلاً يحتاج لفهم أكبر لعلوم المواد.
المعلم يواجه بأطفال قادرين على الاطلاع على العالم كله.

ومهن جديدة تنشأ
بين مهن تتعلق بحركة الأموال الافتراضية (بدلاً من المحاسبة التقليدية)، ومهن ترتكز على تحليل البيانات وتحليل فكر وتصرف مجموعات الناس، ومهن تتعامل مع تكنولوجيا متغيرة لا يمكن لمن يمارسها أن يركن لإتقانه استخدام بضع أدوات عمل، لأن الأدوات التي يتقنها اليوم لن تكون سائدة خلال سنوات قليلة.

كي ينجح الفرد في سوق عمل سريع التغير كهذا يحتاج لأمرين:
1- اتقان أساسيات علم أو مهنة وليس مجرد أدواتها.
2- المقدرة على التعلم المستمر، وفهم عملية التعلم.
ولا أظن أن تعليم مدرسي أو متوسط يمكن أن يكسب الفرد أياً منهما.

مصر بالذات تملك اساساً قوة بشرية سريعة التزايد، وتفتقر للكثير من مصادر الثروة الأخرى. بالتالي فليس لدينا إلا رفع قيمة هذه الثروة البشرية.
فلا غنى عن التعليم العالي رفيع المستوى.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى