إيران والإمارات.. تطبيع اقتصادي وتوقعات بارتفاع المبادلات التجارية
توقعت أوساط اقتصادية إيرانية ارتفاع حجم التبادل التجاري بين طهران ودبي خلال المدة المقبلة، في وقت احتلت فيه الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية في سلم أكبر مصدري البضائع إلى إيران بعد الصين خلال فصل الربيع الماضي.
وأعلنت العلاقات العامة للجمارك الإيرانية في أحدث تقرير لها، أن الصين والعراق وتركيا والإمارات وأفغانستان تشكل الدول الخمس الأوائل في استيراد البضائع الإيرانية غير النفطية خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الإيراني الجاري (ما بين 21 مارس/آذار و22 أغسطس/آب).
وبينما أعلنت أن التبادل التجاري الإيراني خلال الأشهر الخمسة الماضية تجاوز 35.5 مليار دولار، أكدت أن البلاد حققت دخلا بلغ 17.8 مليار دولار في الفترة ذاتها من تصدير البضائع غير النفطية التي تقدر بأكثر من 60 مليون و737 ألف طن.
وأوضحت منظمة الجمارك الإيرانية في تقريرها أن صادراتها غير النفطية إلى الصين والعراق وتركيا والإمارات وأفغانستان حققت خلال الأشهر الخمسة الماضية عوائد بلغت 13 مليار و377 مليون دولار، في حين بلغت إيرادات البلاد خلال المدة ذاتها 14 مليونا و126 ألف طن بقيمة 17 مليارا و739 مليون دولار.
وختمت تقريرها بالإعلان أن واردات الجمهورية الإسلامية من الصين والإمارات وتركيا والهند وألمانيا بلغت 12 مليارا و280 مليون دولار منذ 21 مارس/آذار حتى 22 أغسطس/آب الماضي.
خفض التوتر
توقع الباحث الاقتصادي مسعود طاهري مهر زيادة حجم التبادل التجاري بين طهران ودبي مقارنة مع العام الماضي، في ظل عزم قيادات البلدين خفض التوتر والتعاون في مجال ضمان الأمن واستقرار المنطقة.
وكان رئيس رابطة التجار الإيرانيين في الإمارات عبد القادر فقيهي قال الشهر الماضي “لمسنا انفتاحا في الإمارات لاستئناف أجواء التجارة مع إيران”، مضيفا أنه وفقا لتوجيهات المسؤولين في دبي سوف تتم إعادة منح التجار الإيرانيين التأشيرات التجارية.
وأشار مسعود طاهري مهر إلى أن إيران تسعى لزيادة صادراتها إلى الإمارات خلال العام الجاري، وكشف عن تراجع صادرات بلاده غير النفطية خلال العام الإيراني الماضي بنسبة 11% مقارنة مع العام الذي سبقه.
وعن عزم بلاده إرسال ملحق تجاري إلى الإمارات، قال الناشط في منظمة تنمية التجارة الإيرانية إن الأمر يرتبط بطبيعة مستقبل العلاقات بين الجانبين، وإن طهران لم تتخذ قرارا بعد بإرسال ملحق تجاري للإمارات.
وأضاف طاهري مهر أن حجم التبادل التجاري بين إيران والإمارات بلغ خلال العام الماضي 11 مليار دولار منها 6 مليارات دولار صادرات إيران إلى جارتها الجنوبية.
وختم بالقول إن مقصد أغلبية الصادرات الإيرانية كان الإمارات، وإن جزءا آخر من صادرات بلاده يتم تصديرها مجددا من الجارة الجنوبية إلى دول أخرى، في حين أكد أن الكثير من البضائع التي تستوردها طهران من مدينة دبي هي من صادرات الدول الأخرى إلى الإمارات.
أرقام وإحصائيات
ووفق تقرير غرفة تجارة وصناعة العاصمة طهران، فإن الصادرات الإيرانية إلى الإمارات خلال فصل الربيع الماضي بلغت أربعة آلاف و161 ألف طن من البضائع بقيمة مليار و555 ميلون دولار.
في المقابل، احتلت الإمارات المرتبة الثانية في سلم أكبر مصدري البضائع إلى إيران بعد الصين.
وتشير الإحصاءات الإيرانية إلى استيراد 793 ألف طن بقيمة مليار و535 ميلون دولار من دبي خلال الفترة ذاتها.
وتتحدث الإحصاءات الإيرانية عن استيراد طهران 10% من كل وارداتها من الإمارات العربية المتحدة، في حين تصدر نحو 15% من كل صادراتها عن طريق الأخيرة.
من جانبه، توقع الرئيس السابق لغرفة التجارة الإيرانية الإماراتية المشتركة مسعود دانشمند، أن يبلغ حجم التبادل التجاري بين بلاده وجارتها الجنوبية في المرحلة المقبلة 20 إلى 25 مليار دولار.
مسعود دانشمند أوضح أن رؤوس الأموال الإيرانية تشكل 10% من الاستثمارات في الإمارات.
وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري الراهن بين إيران والإمارات يتراوح بين 10 و15 مليار دولار، في حين كانت الأرقام تشير إلى 30 مليار دولار حتى قبل فرض العقوبات الأميركية على إيران.
ويشير مراقبون في إيران إلى أن المبادلات التجارية بين طهران ودبي تتجه نحو التطبيع بعدما شهدت فتورا خلال الأعوام الماضية، متأثرة بتطورات الحرب السعودية الإماراتية على اليمن وقطع الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع طهران، على خلفية مداهمة محتجين إيرانيين غاضبين مقر السفارة السعودية في طهران، عقب إعدام الرياض رجل الدين الشيعي نمر باقر النمر عام 2016.
وقال مصدر إيراني فضل عدم الكشف عن هويته، إنه لم يعد بإمكان الإمارات تصدير أكثر من 20% من نفطها من ميناء الفجيرة، مما يعني أنها مضطرة للتعاون مع إيران لتصدير نفطها عبر مضيق هرمز.
وأضاف المصدر أنه رغم تراجع المبادلات الثنائية بين إيران والإمارات إثر عودة العقوبات الأميركية عام 2018 على إيران، فإن استهداف ناقلات النفط في المياه الإقليمية الإماراتية قبل أشهر حث أبو ظبي أكثر من أي وقت مضى على تعزيز علاقاتها مع طهران.
وكانت الإمارات قد حولت بوصلتها نحو إيران بعد قطيعة استمرت لسنوات، حيث التقى قائد خفر السواحل الإماراتي العميد مصباح الأحبابي بقائد حرس الحدود الإيراني العميد قاسم رضائي الشهر الماضي، وتحدث الجانب الإماراتي عن ضرورة التنسيق المتواصل بين طهران وأبو ظبي لضمان سلامة الملاحة في المنطقة.