محمد علي اظهر انه يتمتع بذكاء فطري لديه خبرة بالواقع مقترنة بتأمل وتفكير وكلامه مليء بالتنظير والشروحات غير النخبوية

خالد فهمي*
محمد علي في فيديو النهار دا قال كلام مهم جدا وقدم أفكار ورؤى غاية في الأهمية عن تخيله للخروج من المستنقع ال احنا فيه بقى لنا سبعين سنة.
من أول فيديو ليه من أسبوعين كان واضح إن محمد علي لامس وتر حساس وبيعبر عن قضايا ملمسة مع الناس بطريقة فشلت كل نخبنا السياسية والثقافية في تحقيقه.
فعلى عكس النخب دي، ما طلعش محمد علي يتكلم عن الديمقراطية أو حقوق الإنسان أو التعذيب أو التزوير أو التوريث، إنما اتكلم عن الفساد والسرقة. السرقة ملمسة عند الناس أكتر من التعذيب ويمكن كمان أكتر من القتل. ولما تقترن السرقة بالفساد ولما يكون الفساد مش بس فساد نظام ولكن كمان فساد أشخاص بعينهم، ولما يكون رئيس الجمهورية هو أكبر فاسد وأكبر حرامي — دا كله بيسمع عند الناس وبيحز فيهم، خاصة لما يشوفوا الراجل، قصدي السيسي، بيعايرهم بفقرهم وبيلومهم على كربهم وفي نفس الوقت بيني قصور لنفسه ولعيلته.
كلام محمد علي مش كلام نظري. دا واحد ذكي ذكاء فطري، شغال في السوق بنجاح وعنده خبرة طويلة في التعامل مع الجيش ومؤسساته وشركاته. لكنها خبرة مقترنة بتأمل وتفكير، لإن كلامه مش بس سرد حكايات ونميمة. كلامه مليان شرح وتنظير، تنظير من أسفل، من الواقع، من الشغل، مش من كتب أو وثائق أو قوانين. وعلشان كده قادر يوصف ويشرح خطورة الفساد العميق في المؤسسات دي: فمثلا علشان ما فيش محاسبة ولا رقابة الهيئة الهندسية بتتربح بشكل خرافي على حساب القطاع الخاص، وكمان على حساب الوزارات والمصالح الحكومية.
وعلشان إيده في الشغل فهو عارف يشرح لنا إزاي إن المستفيد مش كتلة واحدة اسمها “الجيش”، إنما شريحة معينة في الجيش — كبار الضباط –، ومش كل الشريحة دي ولكن في لواءات عندهم قصور وعربيات وزملاء ليهم مش عارفين يعيشوا ولا يعلموا ولادهم كويس.
وطول الفيديوهات دي محمد على بيعرض أفكار سياسية غاية في الأهمية كتير من نخبنا مش عارفة أو مش قادرة تقولها، منها مثلا:
إن رئيس الجمهورية ما بيحكمش، لكنه بيدير. دي نقطة محمد علي رددها في كل فيديوهاته تقريبا: رئيس الجمهورية مدير، مش حاكم، والخلاف ال إحنا بندور حواليه المفروض يكون عن أسلوب الإدارة مش عن نظام الحكم.
إنه، بالتالي، رئيس الجمهورية مش إله ندين له بالولاء والطاعة، ولكنه موظف ممكن نعزله ونجيب غيره.
إن صاحب السيادة هو الشعب، مش الأجهزة السيادية.
إن طريقة كتابة الدستور تكون عن طريق لجان تنتخب جغرافيا مش لجان تعين فئويا.
إن منصب الرئيس المفروض يكون منصب شرفي وما يكونش له أي اختصاصات.
إن إدارة البلد المفروض تكون في إيد حكومة الشعب بيراقبها.
إن الشعب هو ال يقوم بأعمال الرقابة مش الرقابة الإدارية.
إن بالرغم من فساد السيسي وعيلته، إلا إن المشكلة هي إن النظام نفسه فاسد ولازم إعادة بناءه من أول وجديد.
دي كلها أفكار مهمة نابعة من الممارسة اليومية ومش نازلة من نخبة سياسية أو ثقافية أو عسكرية. وأعتقد إن دا السبب في إنها مسمعة مع الناس.
شكرا ليك يا محمد يا علي. منك نستفيد.