كتاب وآراء

استقرار الخطر: حقايق لا يمكن انكارها في الشأن المصري

محمد جابر*

 

 

استقرار الخطر:

في حقايق مش ممكن انكارها في الشأن المصري:

١- مصر فيها زلزال ديموغارفي رهيب متمثل في أن في عشرات الملايين من الأطفال/الشباب محتاجة تستوعب بمعنى أنها تاكل وتلبس وتتعالج وتتعلم وتشتغل وتنتج وتمثل (يكون لها صوت يعني) والي حاصل اقل بكتير من المطلوب.

٢- مصر فيها أزمة عدالة توزيعية مستفحلة جدا وبتزيد لأن قلة مرتبطة بالاقتصاد العالمي أو الدولة العميقة فقط هي الي أوضاعها الاقتصادية ثابتة أو بتتحسن والأغلبية الكاسحة من الناس بتتراجع.

٣- مصر بتغطي جزء كبير جدا من موازنتها واحتياجاتها بالدين، والدين وعبء الدين بيزيد مش بيقل، بل بيزيد بمعدلات متزايدة.

المواضيع دي مش محل مناقشة قوي لأن لو ١٠٠ مؤسسة وتصنيف ومؤشر بيقولوا أن في تحسن في المطلق أو نسبي والحقيقة الي كل الناس تقريبا شايفاها وعارفاها وعايشاها غير كدة يبقى دي ارقام جوفاء ملهاش أي لازمة.

لو حطيت ١ و٢ و٣ جنب بعض يبقى قطعا الأوضاع مرشحة للانفجار في أي وقت طال أو قصر والانفجار ده مش في صالح أي حد لانه بيرجع البلد كلها لورا جدا وهي اصلا مش ناقصة.

المؤامرات الخارجية (لو في حد فاضي أو مهتم اصلا ببلد متراجعة التأثير متأزمة داخليا تماما) والصراعات الداخلية (جوا النظام أو بين النظام والاسلاميين … الخ) تفاصيل غير مهمة وغير مؤثرة على المدى البعيد ويمكن حتى على المدى المتوسط.

مفيش حل للمعضلة دي والهروب من الطوفان القادم بلا شك دلوقتي أو بعد حين غير الاعتراف بالحقيقة اولا والشغل بهمة وشفافية وصبر وفي إطار توافقي على وقف النزيف بداية ثم الخروج من الأزمات دي تدريجيا وعلى مدار سنوات من الكفاح ثانيا. قطعا مش الحل تبني سياسات تؤدي لتفاقم الأزمات دي ولا الحل إنكارها ولا الحل محاولة القفز عليها. ومهما تم من اسكات أو تخويف أو خداع حقيقة الأوضاع وتفاقم الأزمات اقوى من الجميع. كمان كل محاولات الالتفاف دي ملهاش أي نتيجة غير أن الانفجار يكون اقوى واعنف لما يحصل.

في بلاد تانية تعرضت لحاجات مشابهة وبعضها خرج منها أو بيخرج منها ومش شرط الحل يكون ثورة أو إصلاح ولا يكون ديمقراطية تمثيلية أو نخبوية دولاتية لكن الاكيد إن الحل اولا ارادة في اتجاه معاكس لأسباب الأزمات اصلا وثانيا منهج واضح ورؤية متماسكة لعلاجها.

من منطلق اناني بحت وكواحد برجوازي حريص على مصالحه هو وأسرته على المدى القصير والمتوسط والبعيد مش ممكن اتعامى عن الأزمات دي واتجهالها واعتبر أن ده نوع من أنواع الحكمة لان ده هو العبط بالف ولام التعريف.

واظن أن اغلب الناس – بعيدا عن العواطف والميول الفكرية – مش عايزة حاجة غير إرادة ورؤية سليمة وتيجي ازاي ومن مين وفي أي ظروف وملابسات مش فارقة قوي في التحليل الأخير. وغالبا الناس – أو أغلبها على الاقل – بتفضل الإصلاح والبناء بهدوء وإتزان عن التغييرات الحادة والعنيفة.

وده بيفسر ببساطة شديدة ليه قطاعات واسعة جدا من الناس ممكن تؤيد ثم تعارض وتفوت ثم تتململ وتمشي جوا الحيط ثم جنب الحيط ثم تغلي ثم تفور ثم تنفجر تماما وممكن كمان تجيب عاليها واطيها أو تقفز في المجهول وممكن طبعا تخاف و/أو تتراجع ولو لوقت. لكن في النهاية يظل كل ده – في غياب احساس عام بأن في إرادة ورؤية للخروج بجد من الأزمات – في إطار وضع مرشح للانفجار في أي لحظة وده ملهوش أي دعوة بالاستقرار … ده ممكن نسميه “استقرار الخطر”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى