كتاب وآراء

عن خطاب ذى اللسانين: لماذا نجح محمد على فيما فشلت فيه النخب؟! … علّنا نستفيق !!

د. حازم حسني*
———————
لكل حاكم لسانان : لسان مخبوء فى فمه، لا يتحرك بكل ما يدور فى رأسه، ولا بكل ما يخفيه فى صدره، ولسان آخر أكثر خطراً مخبوء فى ضميره، يحرك إذا ما تحرك ألسنةً أخرى فى أفواه مريديه وداعميه المدافعين عنه وعن محاسن سلطانه ! … ما قد نسمعه من “شرشحة” و”ردح” وتدليس أصحاب هذه الألسنة “البروكسى” هو تعبير صادق عن حقيقة هذا الحاكم، وعن طبيعة نظامه، رغم كل أقنعة التعفف وحُسْن الخُلُق التى يضعها صاحب السلطان هذا على وجهه وعلى لسانه !

لم نسمع من صاحب السلطان هذا على امتداد فترة حكمه استهجاناً لهذا السقوط الأخلاقى، ولا هو عبر يوماً – ولو بكلمة واحدة – عن استنكاره لهذه الأساليب المنحطة التى تتناقض وأسطورة الرجل الخلوق، وخرافة صاحب اللسان العفيف “الصادق قوى” و”الشريف قوى إن شاء الله” ! … حديث أى إنسان هو ما ينطق به لسانه، وما يستحسنه مما تنطق به ألسنة أتباعه وحلفائه ورهطه الأقربين؛ وقديماً قال واحد من كبار الفلاسفة، الذين يعتقد صاحب السلطان أنهم ينهلون من حكمته، أن “تحدث كى أراك”، وقد أضيف من جانبى لما قال هذا الحكيم أن “لا تتحدث حين يتحدث باسمك آخرون، فقد أرى فى صمتك حقيقتك، وأكشف به خبيئة نفسك” !

من هم يا ترى – فيما نسمع وفيما نرى – أصحاب الألسنة التى تلهج باسم صاحب السلطان؟! .. ما هى القيمة الفكرية والأخلاقية لأولئك الذين يستشهد بهم صاحب السلطان على حكمته، وعلى شرعية حكمه، وعلى قوة واستقرار سلطانه؟! .. ماذا نعرف عن هؤلاء الأتباع غير أنهم فى كل واد يهيمون، أو عن هؤلاء الحلفاء الذين تعرف حقيقتهم كل رمال الصحارى وكل مياه المحيطات؟! .. ما هو مستوى الثقة فى شهادة أولئك أو فى شهادة هؤلاء أمام الناس وأمام التاريخ؟!

أَقَرَّ صاحب السلطان بتلك الحقيقة أو أنكرها، فقد نطق لسانه بما نطق به هؤلاء، وتلطخت صورته حين اختلطت بصورتهم، أما حقيقته التى جاهد لإخفائها فقد فضحتها حقيقتهم المكشوفة أمام كل الناس؛ فلا يلومنَّ صاحب السلطان إلا نفسه، ولا يبحثَنَّ عن خلاصه فيما رسمه له هؤلاء من تهويمات خرائطهم، أو فيما زينته له “حكمته” مما تيسر لهؤلاء من خبرة متواضعة فى رسم خرائط الحياة، ومن علم أكثر تواضعاً بأسرار قراءة خرائط التاريخ !!

رسالتى هذه هى مجرد مقدمة لحديث قد يطول لتعرية واقعنا وتجريده مما نخدع به أنفسنا، ولفهم ظاهرة محمد على التى ظنها بعض الطيبين انقلاباً على سنن الحياة وثورة على سنن التاريخ، وأخيراً للإجابة عن السؤال الذى يحير الكثيرين وهو : لماذا نجح محمد على فيما فشلت فيه النخب؟! … علّنا نستفيق !!

=======================

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى