الأسد والشرق .. حربٌ بلا رصاصة
دمشق – كامل صقر: بينما يرمي الرئيس ترامب حلفاءه من الأكراد في فرن السياسة عالي الحرارة، وبينما كان يتابع الرئيس التركي اجتياحه لما يقول أنها معاقل الأكراد، وفيما يكتفي الأوروبيون بالتنديد والوعيد، يظهَر الرئيس السوري بشار الأسد بأنه المدافع الأكبر عن الأكراد وطوق النجاة الوحيد بالنسبة لهم، تلك تبدو حقيقة يعترف بها ترامب نفسُه في آخر تغريدة له عندما يقول: “دع سورية والأسد يحميان الأكراد ويحاربون تركيا من أجل أرضهم”. ولأجل الصدفة، فإنّ رتلاً عسكرياً سورياً متجهاً نحو منبج، التقى أمس رتلاً أمريكياً مغادراً سورية. وحدها صَيحات الجنود السوريين كانت تقول ما تقولُه للمنسحبين.
أما الأوروبيون فلن يستطيعوا هم أيضاً إنكارَ هذه الحقيقة حتى وإن كان مذاقها مُرٌّ وعلقم، “الأسد هو حامي الأكراد”، كم تبدو تلك المعادلة مؤلمة للكتيبة الأوروبية الغارقة في تفسير ما يحدث.
لم يُعلن الأسد الحرب على أردوغان، اكتفى بإرسال قواته العسكرية إلى الشمال حيث مسرح الحرب، وهذا كان بحدّ ذاته كافياً لمواجهة الجيش التركي دون إطلاق رصاصة واحدة لأن مجرد انتشار الجيش السوري شمالاً يصنع قواعد اشتباك جديدة أو بتعبير أدقّ يصنع قواعد فضّ اشتباك. وهنا عمق الحكاية التي سيروي تفاصيلَها المنتصرونُ فيها فقط.
المؤكد الآن، أن شروط الجغرافيا المطلوبة لإقامة حكم ذاتي كردي قد انتفت نهائياً من استمارة المشروع الانفصالي الذي قدّم أوراقه في إضبارة شبه رسمية ذات يوم، والمؤكد أيضاً أن انتشار الجيش السوري في جميع مساحات الشرق صار مسألة وقت لا أكثر. ولسان دمشق يقول: تتغير الرمال بفعل الرياح لكن الصحراء تبقى ثابتة.