السياسة التحريرية للوسيلة الاعلامية تتبع للجهة المسيطرة بقوة (المال)، أو (السلاح)، وتنسحب على المصطلحات وحجم التغطية وحتى حجب التغطية
ماهر مونس*
صحفي سوري
تجسّد العملية العسكرية التركية، مثالاً واضحاً لشرح معنى مصطلح “السياسة التحريرية”
نرى تغطيتين متباينتين بشكل واضح، ومتعارضتين حدّ التضاد.
الفريق المؤيد للعمل العسكري التركي: الجزيرة (قطر)، تلفزيون سوريا (المقرّب من أنقرة)، أورينت، وبكل تأكيد الإعلام التركي.
يُقابله الفريق المعارض للعمل العسكري التركي: العربية (السعودية)، سكاي نيوز (الإمارات)، القنوات المصرية الحكومية، وشاءت الأقدر أن تلتقي المصالح (الإعلامية) ليكون الإعلام الحكومة السوري، وربما لأول مرة منذ سنوات طويلة، يتقارب في سياسته التحريرية، مع السياسات التحريرية السعودية المعارضة لتركيا بشكل عام، وان اختلفت بالمطلق السياسة الحكومية السورية مع السياسة الحكومية السعودية.
الفريق الأول يقول مثلاً عن الهجوم التركي “عملية نبع السلام” وعن المقاتلين الأكراد “ميليشيات” وعن فصائل المعارضة “الجيش الوطني”.
الفريق الثاني يقول عن ذات الهجوم بأنه “عدوان تركي”، وعن المقاتلين الأكراد “قوات سوريا الديمقراطية” وعن فصائل المعارضة “ميليشيات أردوغان”.
وبكل تأكيد، لا نستغرب تغيّر المصطلحات مع تغيّر الاصطفافات السياسية.
ظهر الاختلاف قبل ذلك في الخلاف القطري السعودي في الخليج العربي، لكن بقي الخطاب الخليجي بشكل عام موحّد -إلى حدّ ما- اتجاه سوريا، وعاد وافترق مرة أخرى فيما يخص شمال شرق سوريا.
السياسة التحريرية للوسيلة غالباً ما تتبع لجهة الدولة الممولة أو المُسيطرة على هذه الوسيلة، بالقوة الناعمة (المال)، أو القوة الخشنة (السلاح)، وتنسحب على:
1- المصطلحات.
2- حجم التغطية.
3- حجب التغطية.
4- التوازن.
وغيرها من العوامل التفصيلية المتعلقة باختيار الضيوف، والصور المرافقة، والاستمالات العاطفية.. وحتى نوعية الموسيقى المستخدمة والأغاني المرافقة.. الخ.
شخصياً، دائماً وأبدا، وفي كل قضية، أنصح (كمتلقي) بمتابعة ثلاث وسائل إعلامية على الأقل: موالية لحدث ما، ومعارضة له، ووسيلة أجنبية قد تبدو حيادية وغير معنية بشكل مباشر في تغطية هذا الحدث.
الأمر صعب نعم.. لكن الحصول على أكبر قدر من الحقيقة في هذه الأيام.. ليس بالأمر السهل..