مصنع ألبان في صحراء قطر لمواجهة المقاطعة
تعيش الأبقار في مصنع “بلدنا” للألبان في قطر في بيئة مكيفة ويتم التحكم بها، في مشهد يعكس الاجراءات التي قامت بها قطر لمواجهة ما تصفه ب “حصار” اقتصادي فرضته دول مجاورة بقيادة السعودية.
وفي الخامس من حزيران/يونيو 2017، قطعت السعودية والامارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. واتهمت الدول الأربع الدوحة بدعم جماعات إسلامية متطرفة، وهو ما نفته الإمارة الغنية بالغاز.
وكنتيجة مباشرة للأزمة، اضطرت الدوحة للبحث عن بدائل لواردات الغذاء إذ أوقفت كل الدول المنخرطة في الصراع صادراتها الغذائية لقطر.
وقبل الأزمة كانت قطر تعتمد بشكل كبير على واردات منتجات الألبان من السعودية، خصوصا الألبان.
وخلال أسابيع أعلنت الدوحة أنها استوردت أبقارا نقلت جوا من مختلف أنحاء العالم،
وستنهي مزرعة بلدنا هذا الأسبوع إدراج 75% من أسهمها في بورصة الدوحة، ما سيسمح للمستثمرين القطريين كبارا وصغارا، بامتلاك جزء من الشركة.
ويقول نائب رئيس مجلس إدارة “بلدنا”، رامز الخياط “دفعنا التزامنا بتزويد قطر بامدادات طازجة وثابتة من منتجات الألبان”.
وتلبي الشركة اليوم أكثر من 90% من احتياجات الألبان في الإمارة الخليجية الصغيرة من مزرعتها التي تبعد 55 كيلومترا شمال العاصمة الدوحة.
ويوجد 18 ألف بقرة ضمن القطيع الذين يتم تغذيته باستخدام قش مستورد من أوروبا والولايات المتحدة.
وتحظى الأبقار بالتبريد عبر نظام يتألف من مراوح عملاقة تقوم برش رذاذ على الأبقار بينما تتنقل بين حظائر التغذية والحلب.
– “أكثر استدامة”-
وبعد أكثر من عامين، تتطلع قطر إلى صناعة الألبان الناشئة للعب دور في تنويع اقتصاد البلاد بعيدا عن مجال الطاقة والغاز.
وسيتم إدراج أسهم بلدنا في البداية فقط للمواطنين القطريين والشركات، ولكن يأمل مدراء الشركة بجمع نحو 390 مليون دولار من عملية الإدراج.
وأكد خياط لوكالة فرانس برس أن إدراج الشركة في البورصة سيجعل من بلدنا شركة “اكثر استدامة، حتى في المستقبل بعد تخفيف الحصار غير المشروع”.
وترافق قطع العلاقات مع إجراءات اقتصادية بينها إغلاق الحدود البرية والطرق البحرية، ومنع استخدام المجال الجوي وفرض قيود على تنقلات القطريين.
وتقول قطر إنّها تتعرّض لعقاب جراء سعيها لانتهاج سياسة خارجية مستقلة، متهّمة الدول المقاطعة بمحاولة تغيير النظام فيها.
في الأيام الأولى بعد الأزمة الدبلوماسية، فرغت رفوف المحلات التجارية في البلد التي يقطن فيها 2,7 مليون شخص، من البضائع، وتخوّف السكان من نقص في الغذاء بعد إغلاق طرق الاستيراد.
ولكن الدوحة ردت بسرعة وأرسلت طائرات تابعة لمجموعة “الخطوط الجوية القطرية” لاستيراد المواد الغذائية من دول صديقة مثل تركيا وإيران والمغرب.
وقال مصدر مطلع على عملية الاكتتاب أن “هناك اهتمام كبير من المستثمرين الاستراتيجيين– وحصلوا على 23%” من الأسهم. ومن بين هؤلاء هيئة التقاعد الحكومي في قطر، وشركة تابعة لصندوق الثروة السيادي القطري.
وستحتفظ وزارة الصناعة القطرية ب “حصة ذهبية” من الشركة، ما يسمح لها بتعيين بعض المدراء ونقض بعض القرارات.
وتأمل الشركة في الاقبال على شراء 52% من الأسهم المتبقية في الأيام الأخيرة من الاكتتاب، الذي يغلق في 7 من تشرين الثاني/نوفمبر. وسيتم إدراجها في بورصة قطر في 11 من كانون الأول/ديسمبر المقبل.
وبحسب أم ار راغو، رئيس الأبحاث في المركز المالي الكويتي، فإن سياسات الدعم الحكومية ستجعل آفاق نمو الشركة أفضل نظرا “للدعم التنظيمي القوي بالإضافة إلى تقييمها المنخفض”.
وقال “من المتوقع أن تضع سياسات الدعم الحكومية الشركة في موقع تنافسي أفضل” في إشارة إلى اجراءات الدعم للشركة من قبل الحكومة في قطر مثل منح الأراضي.
وحظي الاكتتاب العام بكثير من الحضور الاعلامي، مع إعلانات على “يوتيوب” تظهر فيها عملية نقل للمواشي من طائرات شحن تابعة للخطوط الجوية القطرية إلى الحظائر الشاسعة في الصحراء.