كيف تساهم تربية الحيوانات الأليفة في تحسين سلوك الأطفال
قالت أستاذة علم النفس بجامعة ميتشغان الأميركية إليزابيث أندرسون في كتاب نشرته عام 2008 “لا يوجد شيء مثل الكيمياء التي تجمع بين الحيوانات والأطفال، كأنها سحر له خصائص علاجية”.
وفي ستينيات القرن الماضي، لاحظ عالم النفس الأميركي بوريس ليفينسون أن الأطفال الذين يتعاملون مع كلبه أثناء حضورهم جلسات علاجهم من مشاكل في التواصل، يرتاحون نفسيا ويصبحون أكثر استرخاء وتتسارع معدلات تحسنهم، ومن هنا بدأ الاهتمام بالدراسات حول التأثير الإيجابي للكلاب على صحة الطفل ولياقته النفسية.
فالحيوانات الأليفة تقدم الرفقة والحب غير المشروط للأطفال، وتساعد المرضى، فماذا عن تجربة اقتنائها؟
تجربة تعليمية
أكدت 22 دراسة أن تعامل الأطفال مع الحيوانات الأليفة يلبي احتياجات جسدية ونفسية هامة، منها:
تعلم المسؤولية، فالطفل الذي يرعى حيوانا ويهتم بشؤونه ويلبي احتياجاته، يتعلم المسؤولية وإدارة الوقت منذ الصغر ليتمكن من القيام بمهامه، فتزداد ثقته بنفسه، ويصبح أكثر صبرا وحزما.
النشاط البدني، فالحيوان الأليف في المنزل يجعل الطفل يوظف طاقته الزائدة في المشي واللعب في الهواء الطلق مع حيوانه، تاركا الأجهزة الذكية التي تضيع وقته، وينجو من السمنة وأمراضها.
توصيل المعلومات، إذ تساهم الحيوانات الأليفة في تزويد الطفل بمعلومات ثمينة عن الحياة، كالتكاثر والولادة والأمراض والحوادث والموت، من خلال ما يراه ويعايشه من أحوال تمر بها.
التنبيه للمشاكل النفسية، فمع أن معظم الأطفال لطيفون مع الحيوانات الأليفة، فإن البعض قد يكون عنيفا معها، مما يجعلها سببا في التنبيه بوجود مشاكل لدى الطفل تستدعي زيارة الطبيب النفسي.
المساعدة على التعارف، إذ أثبتت دراسة كندية أجريت عام 1999 “أن أصحاب الحيوانات الأليفة كانوا أكثر انخراطا اجتماعيا”، حيث يتعارف الناس ويتجاذبون أطراف الحديث أثناء تمشية كلابهم.
تحسين المزاج وتقوية المناعة، فوفقا للبيطري الأميركي مارتي بيكر فإن “من لديهم حيوانات أليفة يضحكون أكثر”، كما أن “اختلاط الأطفال بالحيوانات يوفر لهم العلاج المناعي الطبيعي”.
تنمية الشخصية، فبحسب ما ذكره البيطري مايكل لاندا (من لوس أنجلوس)، “عندما يرتبط الأطفال بكلب أو قطة فإنهم يتعلمون التعبير عن أنفسهم أكثر، ويتعلمون بناء العلاقات بشكل أفضل”.
رأي الآباء
وفقا لبحث صدر عن مؤسسة “راند” الأميركية في سبتمبر/أيلول 2017، وجد الباحثون أن الأطفال الذين يعيشون مع الحيوانات الأليفة كانوا أفضل حالا من الأطفال الذين لا يملكون حيوانات أليفة. وأجاب آباء الأطفال الذين تربوا في أسر بها حيوانات أليفة، أنهم لاحظوا على أطفالهم عدة مزايا، منها:
- تحسن الصحة بشكل عام.
- التزام وطاعة أكثر.
- نشاط بدني أكبر.
- تقلب ومزاجية أقل.
- مشاكل سلوكية أقل.
- مشاكل تعليمية أقل.
الكلاب العلاجية
هي كلاب مدربة على مساعدة المعاقين والمرضى، وتشير الأبحاث إلى أن الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه تحسنوا بوجود كلب العلاج إلى جوارهم في العيادة النفسية، وأن نسب هرمون الكورتيزول قد بدت أكثر انخفاضا لديهم بعدما ساعد دعم الكلب العلاجي على إفراز الأوكسيتوسين أو هرمون الاحتضان، الذي يهدئ الجهاز العصبي ويزيد من معدلات الشفاء.
وفي الفيديو التالي، ستلاحظ أن الطفل كايل أصبحت لديه القدرة على السير لمسافات أطول بمساعدة كلبه.
|
كما أثبتت دراسات علمية عديدة أن التواصل مع الحيوان يساعد الأطفال المصابين بالتوحد ليصبحوا أكثر اجتماعية وانفتاحًا، شريطة أن يتفاعل الطفل مع الكلب وتتواصل حواسهما، حيث يحتاج بعض الأطفال إلى وقت للتعود على الحيوان والتغلب على الخوف منه بمساعدة وتدريب اختصاصي.
فصائل الكلاب الأكثر وفاء
وليست كل الكلاب مناسبة للمساعدة في علاج الأطفال، فهناك سلالات أشهرها: غولدن ريتريفر، لابلادور، كولي، بيغل، سان برناردو، غريت دان، وجيرمان شيبرد، تصلح لهذا الدور بعد اجتيازها تدريبات خاصة، وذلك لما تتمتع به من عدم عدوانية، وسرعة تعلم، والتزام بالأوامر.
نصائح ومحاذير
إذا طلب أطفالك كلبا أو قطة فالأفضل أن تحقق رغبتهم، ولكن بعد التأكد أن لديك الوقت والموارد المالية الكافية لرعاية الحيوان الأليف، لأن استضافته تحتاج إلى بيئة عائلية مستعدة لذلك.
فإذا قررت أن تربي كلبا، فلا بد أن تحدث المربي أو البائع عن أسرتك وسلوك طفلك، وأن تقضوا بعض الوقت مع الكلب قبل العودة به إلى المنزل. كما عليك أن تكتب قائمة بما ستحتاجه لرعايته، وتحدد مكان إقامته في المنزل، وتضع جدولا لتدريبه وتغذيته وتمشيته، وأن تدع طفلك يشارك في ذلك.
لكن هناك بعض المخاطر على صحة الطفل جراء تعامله مع الحيوانات، مثل:
- البكتيريا، فملامسة الحيوان وخدشه للطفل يمكن أن تنقل له بكتيريا تصيبه بأمراض جلدية.
- الطعام، فلمس الطفل طعام الحيوان قد ينقل له ميكروب السالمونيلا.
- الطفيليات، مثل الدودة الشريطية التي قد تنتقل من فضلات الحيوان إلى الطفل.
- العض، إذ يتسبب عض الحيوان للطفل في مخاطر تستدعي الإسراع بالذهاب به إلى الطبيب.
- التهاب الشعب الهوائية، وذلك من خلال وبر الحيوانات الذي ينقل بكتيريا تسمى “كلاميديا”.
ولتجنب هذه المخاطر وضمان الحفاظ على صحة الطفل، يجب على الأم القيام بالآتي:
- الإشراف، فلا تترك إطعام الحيوان وتنظيفه للطفل، وأن تمنع طفلها من تقبيل الحيوان.
- تنظيف الحيوان، إذ لا بد من الاهتمام بنظافة الحيوان وإعطائه عقاقير الوقاية من الأمراض.
- نظافة الطفل، فيجب الاهتمام بغسل يدي الطفل كلما تعامل مع الحيوان، وقبل تناول الطعام.
- تطهير المنزل، وذلك لتقليل فرص تلوثه بالبكتيريا التي تنتقل عبر الحيوان إلى أفراد الأسرة.