لست أمّا قاسية.. لماذا يجب أن يتقدم زوجك على أطفالك بقائمة الأولويات؟
يبدو الأمر في الزواج كما يقولون في الرحلات الجوية “ضع القناع الخاص بك أولا، ثم اعتني بطفلك”؛ فالعلاقة الصحية بين الأم والأب تسمح لهما بدعم الأطفال بشكل أفضل، ولها تأثير قوي على الاستقرار النفسي لأطفالهما.
تقول راشيل راينبولت، المدربة والكاتبة بالموقع التربوي “سيغ بيرنتنغ” (Sage Parenting)؛ “قد تسمعين من الجميع أنه لا ينبغي أن تأتي احتياجات الزوج أولا لأن زوجك بالغ، وقادر على تلبية احتياجاته الخاصة، في حين أن الطفل يعتمد عليك بالكامل لتلبية احتياجاته. ولكن هذا غير صحيح، حيث يمكنك الاستثمار في زواجك كما تستثمرين في أطفالك، وكما في نفسك”.
وتضيف “بالتأكيد، هذا هو جوهر العلاقة الأسرية السليمة؛ من الأفضل أن تستثمري مواردك من الاهتمام والطاقة والمال والوقت في خلق حياة تتغذين فيها أنت وزوجك وأطفالك جميعا”.
بدورها، تقول ميل روبنز محررة في مجلة “سكسيس” (Success)، مخاطبة الزوجات؛ “إذا كنت تضعين زوجك في المرتبة الأخيرة، بعد أطفالك وصديقاتك وعملك، فتأكدي من أنه يضعك في المكانة نفسها وأبعد”.
وتضيف “إذا وضعت زوجك أولا، فسيستمر زواجك؛ لذا امنحيه الاهتمام والجهد اللذين يستحقهما. سيعيش أطفالك معك عقدين فقط، وعندما يغادرون يكون زوجك هو من تبقى. وإذا كان هو أولويتك الأخيرة فسيكون الجلوس معه في منزل هادئ أشبه بالجلوس مع شخص غريب”.
تقول روبنز “الزواج القوي هو أصح شيء يمكن أن تقدميه لأطفالك؛ فأطفالك يشعرون بالأمان والمحبة عندما يرون والدين يعملان كفريق واحد، يهتم أحدهما بالآخر، ويظهر أحدهما الاحترام والمودة للآخر”.
العلاقة بين الوالدين هي في الواقع أساسية في تربية الطفل؛ يتعلم الأطفال العلاقات، وحل النزاعات، والتواصل، والتفاوض، والاحترام، وتقسيم العمل وغيرها من المهارات فقط من خلال مراقبة تفاعل آبائهم، وسيستخدمون هذه المعرفة في حياتهم حينما يكبرون. إنه درس جيد للأطفال كي يدركوا أن أولياء أمورهم يعطون الأولوية لعلاقاتهم، وأنهم قادرون على التعامل مع الاختلافات في الرأي، لأن هذا يعطي الأطفال صورة واقعية لعناصر العلاقة المستدامة.
قائمة الأولويات
تقول ليندا وتشارلي بلوم الزوجان المؤلِّفان لكتاب “أسرار الزواج العظيم” في مقالهما على موقع “سيكولوجي توداي”؛ إن جعل أطفالك محور كل شيء ليس فكرة جيدة، من الطبيعي والمفيد للآباء والأمهات أن يجعلوا رفاهية أطفالهم أولوية قصوى، ومع ذلك فإن جعل احتياجات الزوج تابعة لاحتياجات الأطفال يمكن -كما اكتشف كثيرون- أن تؤدي إلى عواقب غير متوقعة:
عندما يصبح أطفالك مركز الكون الخاص بك يتم تأجيل دورك كزوجة، وتصبحين أنت وزوجك مشغولين للغاية في التركيز على كل شيء ما عدا بعضكما البعض، ومن ثم تستقرين على هذا الروتين على افتراض أنها مرحلة وستمر، ولكن فجأة سيرحل أطفالك إلى جامعاتهم وحياتهم الزوجية الخاصة، وحينها ستجدين نفسك وحيدة لا تشعرين بشيء تجاه رفيق حياتك.
عندما تجعل الأطفال مركز الكون فإنهم يتحولون إلى أشخاص بالغين يعتقدون أنهم مركز الكون، ومن ثم سيصابون بالأنانية وعدم تقدير الآخرين.
عندما يجعل أحد الشريكين -أو كلاهما- سعادة الأطفال أولوية على صحة الطرف الآخر، فإنه يتعرض لخطر إهمال احتياجات الزواج، وعند القيام بذلك، يعزز مشاعر الاستياء والإهمال والغربة.
إذا كنت تريدين أن يكبر أطفالك ويتزوجون ويعيشون في علاقات صحية، فيجب أن تعطي لهم المثال وتعلميهم كيف يبدو الزواج الناجح. يعلم الجميع أن الأطفال يشعرون بمشاعر الوالدين ومواقفهم أكثر مما يعبرون عنه ظاهريًّا.
يمكن للآباء غير السعداء وغير المحبين أن يقودوا أطفالهم إلى استنتاج مفاده أن الزواج يجعل الناس غير سعداء، وإذا كانت خلافاتهما تتركز حول تربية الأطفال فسيشعر الأطفال بأنهم مصدر عدم رضا آبائهم.
زواجك المستقر في المقدمة
تقول روبنز إن وضع زواجك أولاً أمر سهل حقا، كل ما عليك فعله هو إيجاد طرق صغيرة تجعل زوجك يشعر بالاعتزاز؛ “الحياة أصبحت تطغي عليها التكنولوجيا، وإن لم يكن لديك بعض التركيز وتحديد ما أولوياتك فلن يمكنك إنقاذ زواجك”.
بدورها، تقدم هيذر مورجان شوت في مقالها بعنوان “لماذا أضع زوجي دائما قبل أطفالي” المنشور على موقع “يور تانغو”؛ بعض الطرق التي نجعل بها زواجنا أولويتنا القصوى:
– كوني سعيدة دائما برؤية زوجك، حضري له القهوة كل صباح، رتبي غرفة نومك دائما، واجعليها منطقتك الخاصة.
– لا تتخليا عن تشابك الأيدي كلما سنحت الفرصة، واستخدما نصوص المغازلة المرسلة عبر التليفون المحمول كل يوم. قولي لزوجك “أحبك” أمام الأطفال يوميا.
– خططي لعطلات زوجية خالية من الأطفال، اتركيهم مع والدتك أو صديقتك التي لديها أولاد في مثل عمرهم أو مع جارتك التي تثقين فيها ساعتين كل أسبوع.
– احترمي احتياجات زوجك (وهو سيفعل الشيء نفسه)، في بعض الأحيان تحتاج الأم إلى الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية وحدها، أو يحتاج الأب إلى قضاء ليلة مع الأصدقاء. نحن نقدر احتياجات الشريك الآخر بدافع الحب والاحترام. هذه الأمور البسيطة تجعلنا آباء أفضل وشركاء أفضل أيضا.
– قدري زوجك (وهو سيرد الجميل)، بمعنى أن تكوني معجبة بما يفعله زوجك والدور الذي يقوم به في الحياة، وأن تقومي بمدحه أمام الآخرين، وأمام أبنائك بشكل خاص.
وتنصح هيذر الزوجات في نهاية مقالها قائلة “يجب عليك أنت وزوجك أن تمثلا جبهة واحدة دائما، لا سيما أمام الأطفال، لا نحاول أبدا أن نصبح الوالد المفضل من خلال تلبية ما يريده أطفالنا حتى لو كنا نعتقد أنه غير صحيح. يجب أن نتفق في ما يجب أن نقوله لأطفالنا حتى لا يشعرون بالارتباك، الأفضل أن يشعروا بالأمان مع نظام ثابت. لكن الأهم من ذلك، أننا نظهر لهم أننا متحدون في القرارات التي نتخذها، فضلا عن إظهار دعم واحترام لا لبس فيهما لبعضنا البعض”.