قيادة جديدة للوكالة الدولية للطاقة الذرية مع تأجيج واشنطن للتوتر بانسحابها من الاتفاق النووي بين ايران والمجتمع الدولي
ستلم الدبلوماسي الأرجنتيني رافايال غروسي الاثنين رسميا منصبه كمدير عام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ يتوقع أن يشغل ملف برنامج إيران النووي الحيّز الأكبر في مهمته.
وأبلغ غروسي الصحافيين الاثنين أنّ البرنامج النووي الإيراني يبقى “أولوية” للوكالة وأنه يعتزم السفر لإيران “في المستقبل القريب نسبيا”.
– من هو رافايال غروسي؟ –
سيكون رافايال غروسي، سفير الأرجنتين في الوكالة، أول مدير للوكالة الدولية للطاقة الذرية من اميركا الجنوبية.
سبق وشغل غروسي مناصب رفيعة في الوكالة بين عامي 2010 و2013، ما وضعه على تواصل مع المسؤولين الإيرانيين حينما تكثفت المفاوضات الدولية حول الأنشطة النووية للجمهورية الإسلامية.
وقال السفير الفرنسي السابق لدى طهران فرانسوا نیکولاد إنّ غروسي سيكون بوسعه الاستفادة من “خبرة كبيرة في مسائل الانتشار” النووي.
وتابع “أنه شخص ذو كفاءة عالية جدا يأتي من بلد مهم في المجال النووي”.
وقال دبلوماسي يعمل في فيينا حاليا، فضّل عدم ذكر اسمه، إنّ غروسي من المتوقع أنّ يجلب “الكثير من الطاقة والابتكار” إلى منصبه، مع التركيز بشكل خاص على تعزيز المساواة بين الجنسين داخل الوكالة وتعزيز دور الطاقة النووية في مكافحة تغير المناخ. وسيخلف غروسي الياباني يوكيا أمانو الذي توفي في تموز/يوليو عن عمر يناهز 72 عاما.
في حين يعتقد أن الولايات المتحدة ضغطت لصالحه، إلا أن دبلوماسيين يقولون إن غروسي شدد على إيمانه بأهمية حيادية الوكالة.
– أزمة إيرانية في الأفق –
يتولى غروسي منصبه وسط أزمة متصاعدة حول البرنامج النووي الإيراني.
والوكالة الدولية مكلّفة مراقبة تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة التي أبرمت في العام 2015 وتبدو على شفا الانهيار.
ودون ذكر إيران بالاسم، أبلغ غروسي الصحافيين أن نهجه في التفتيش سيكون “حازما وعادلا”، وتابع أنّ “المفتش ليس صديقا”.
وكان غروسي قال في وقت سابق الاثنين في أول خطاب له أمام الدول الأعضاء إنّ الوكالة الدولية هي فقط التي بوسعها أن “تقدم هذا التأكيد الموثوق بأن لا يحوّل أحد المواد النووية لصنع أسلحة نووية”.
والجمعة المقبلة، يجتمع دبلوماسيون من إيران والأطراف الأخرى المتبقية في الاتفاق، بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا، في فيينا لمناقشة سبل المضي قدماً في الاتفاق المتداعي.
ومنذ ايار/مايو الفائت، بدأت طهران في اتخاذ سلسلة من الخطوات التي تنتهك التزاماتها بموجب الاتفاق، مع إجراء آخر محتمل في أوائل كانون الثاني/ يناير.
وتصر إيران على أن لها الحق في القيام بذلك ردا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في العام 2018 وإعادة فرض عقوبات تكبل الاقتصاد الإيراني.
وقال علي فايز الباحث في المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات إنّ الاتفاق قد ينهار في غضون أسابيع.
وأضاف أنّ “الإجراءات التي يسهل الرجوع عنها وغير المثيرة للجدل بدأت تنفد من ايدي الإيرانيين”.
وتابع فايز أنّ أي تحرك إيراني جديد لخرق الاتفاق قد يدفع في النهاية الدول الأوروبية الموقعة عليه لإطلاق “آلية حل النزاعات” المنصوص عليها في الاتفاق، وهو ما قد يؤدي للاستئناف التلقائي لعقوبات الأمم المتحدة على إيران.
ويتضمن الاتفاق آلية لتسوية المنازعات تنقسم بين عدة مراحل. ومن شأن مسار قد يستغرق أشهراً أن يقود إلى تصويت مجلس الأمن الدولي على إمكانية أن تواصل ايران الاستفادة من رفع العقوبات الذي أقر إبان توقيع الاتفاق.
وقالت كيلسي دافنبورت من “رابطة مراقبة التسلح” إن عودة فرض تلك العقوبات ستكون بمثابة “الضربة القاضية” للاتفاق.
وقال فايز إنه إذا حصل هذا السيناريو “سنواجه أزمة عدم انتشار (نووي) كبيرة بمعنى أن الروس والصينيين أعلنوا بالفعل أنهم لن يعترفوا بعودة (العقوبات)” على إيران.
ويتوقع البعض أنه بموجب هذا السيناريو ستنسحب إيران من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية ( معاهدة عدم الانتشار).
– موقع غير معلن –
وحدثت مواقف خلافية أخرى بين إيران والوكالة خلال الأشهر الأخيرة.
وكانت الوكالة حضّت إيران على تفسير وجود آثار لليورانيوم في موقع لم تعلن عنه طهران من قبل.
وفيما لم تكشف الوكالة عن اسم الموقع، الا ان مصادر دبلوماسية ذكرت سابقا ان الوكالة تطرح اسئلة على طهران تتعلق بموقع ذكرت اسرائيل انه جرت فيه نشاطات ذرية سرية سابقة.
كما وقع حادث نادر أواخر تشرين الاول/أكتوبر مع منع طهران مفتشة لفترة وجيزة من مغادرة البلاد.
ولاحقا سمحت طهران للمفتشة بالعودة إلى فيينا، لكنّ الوكالة اعتبرت ما جرى انذاك بأنه “غير مقبول”.
وقررت إيران سحب اعتماد المفتشة التي وجد بحوزتها آثار مادة متفجرة، بحسب سفير إيران لدى الوكالة كاظم غريب عبادي.
وقال دبلوماسي مقيم في فيينا إنّ إيران تلقت دعما قليلا في هذه المسألة “حتى من الدول التي تتعاطف معها عادة”.