الليرة السورية تدفع ثمن الأزمة اللبنانية
محمد صالح الفتيح*
في أواخر شهر سبتمبر/أيلول كان حديث المسؤولين اللبنانيين أن مخزون القمح يكفي لشهرين تقريباً. والغالب الآن أنه يقارب النفاذ، ولهذا يتحدث أصحاب المطاحن اليوم في لبنان عن ضرورة رفع سعر الخبز. وهكذا يصبح في لبنان مشكلة توريد قمح ومحروقات وقريباً جداً مواد طبية، وخلال أقل من شهر أزمة مواد غذائية متنوعة. ولكون هذه المواد، بمافيها المواد الأساسية من محروقات وقمح، تستورد من قبل القطاع الخاص (بدون أي دور للحكومة اللبنانية) والذي يعاني من صعوبات في الحصول على العملة الصعبة من المصارف اللبنانية لتغطية مستورداته، فهذا ما خلق الطلب الإضافي على الدولار في السوق السورية التي تشهد جموداً في حركة الاستيراد والتصدير (بفضل قرار الحكومة الأخير بإلزام المستوردين بوضع وديعة تعادل قيمتها 40% من قيمة رخصة الاستيراد). هذا ما جعل الطلب على الدولار يتضاعف في الأسواق السورية (خصوصاً حلب ودمشق في حين ظلت الأسعار في المنطقة الشرقية، مثلاً، متأخرة بشكل واضح) علماً ان مستوى الطلب الطبيعي على الدولار في سورية هو بحدود 15 مليون دولار يومياً. هذا ما يفسر تراجع قيمة الليرة السورية أمام الدولار بحوالي 30% خلال أقل من عشرة أيام.
ماذا يعني هذا بالنسبة لسعر الليرة السورية على المدى القريب؟ يعني أحد سيناريوهين. الأول هو تحسن سعر الليرة السورية بمجرد تراجع الطلب المفاجئ من السوق اللبنانية، وبالتحسن اقصد عودته إلى مابين 750 إلى 800 ليرة وذلك مقارنة بالمستوى الذي وصله اليوم وهو أكثر من 950 ليرة. ولكن للأسف مثل هذا السيناريو مرتبط أولاً وأخيراً بانتهاء الأزمة السياسية والمصرفية اللبنانية. وهذا ما يقودنا للسيناريو الثاني. إن نجاح القطاع الخاص اللبناني، والأحزاب اللبنانية المعنية بمنع تصاعد الأزمة السياسية وشراء ما أمكن من الوقت – واقصد تحديداً حزب الله – بتأمين جزء من متطلبات السوق اللبناني من السوق السوري، سواء من العملات الأجنبية أو المواد الاقتصادية الحيوية (محروقات وقمح ومواد غذائية) يعني تخفيف الضغط على الطبقة السياسية اللبنانية ومما يعني بالنتيجة إطالة الأزمة الحالية لأسابيع وأشهر مقبلة. مما يعني أن سعر الليرة السورية سيستمر بالانخفاض، ومما يعني أن السعر الطارئ الجديد قد يترسخ كأمر واقع جديد، خصوصاً إذا ما استنفذ المخزون السوري من العملات الأجنبية. وما يجب الإشارة إليه هو أن معظم حاجة السوق السورية من العملات الأجنبية تؤمن من تحويلات المغتربين وهذه التحويلات لن تزيد على المدى المنظور.
ولهذا بات من الضروري، وكإجراء سيادي عاجل:
أولاً، إغلاق الحدود السورية اللبنانية، الرسمية وغير الرسمية. وافتتاحها فقط بعد التأكد من توفر إجراءات رقابة صارمة على الحركة من سورية إلى لبنان.
ثانياً، فرض رقابة صارمة ومنع بيع العملات الأجنبية لغير السوريين.