الولايات المتحدة تضرب به عرض الحائط: الدول المتبقية في الاتفاق النووي الإيراني تؤكد التزامها به
أكدت الدول الموقعة على الاتفاق النووي الإيراني — باستثناء الولايات المتحدة التي انسحبت منه — انها لا تزال ملتزمة به في أعقاب محادثات في فيينا الجمعة في حين تعهّدت طهران مواصلة التخلي عن التزاماتها الواردة فيه.
وشارك مندوبون من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والصين وروسيا وإيران في الاجتماع.
ومنذ ايار/مايو، بدأت طهران اتخاذ سلسلة من الخطوات المخالفة لالتزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق بما في ذلك زيادة تخصيبها لليورانيوم، مع إجراء آخر محتمل في أوائل كانون الثاني/ يناير.
وتصر إيران على أن لها الحق في القيام بذلك ردا على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق في العام 2018 وإعادتها فرض عقوبات تكبل الاقتصاد الإيراني.
ومنذ الشهر الماضي، بدأت الأطراف الأوروبية في الاتفاق طرح إمكانية إطلاق “آلية حل النزاعات” المنصوص عليها في الاتفاق، وهو ما قد يؤدي للاستئناف التلقائي لعقوبات الأمم المتحدة على إيران.
وقالت هيلغا شميد التي ترأست الاجتماع، إن المشاركين حضوا إيران على اتخاذ “جميع الخطوات اللازمة نحو التنفيذ الكامل لالتزاماتها النووية وتجنب المزيد من الخطوات التصعيدية”.
وتابعت كبيرة مسؤولي الاتحاد الأوروبي في بيان “أكد جميع المشاركين الأهمية الرئيسية للتنفيذ الكامل والفعال من جانب جميع الأطراف وكذلك تصميمهم على مواصلة جميع الجهود للحفاظ على الاتفاق”.
وعشية الاجتماع، اتهمت بريطانيا وفرنسا وألمانيا إيران بتطوير صواريخ بالستية قادرة على حمل رؤوس نووية، وذلك في رسالة إلى الأمم المتحدة.
ورفض وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف هذه الاتهامات معتبرا أنها “زيف يائس”.
وبعد المحادثات، قال كونغ فو الذي قاد الوفد الصيني في الاجتماع للصحافيين إن جميع الأطراف لا تزال ملتزمة بالاتفاق وإنه لم يتم تفعيل “آلية حل النزاعات”، التي تعارض بكين إطلاقها.
وقال الدبلوماسي الرفيع إنه “على جميع الدول الامتناع عن اتخاذ خطوات قد تعقد الوضع بشكل إضافي”.
وأضاف أن “رفع هذه المسألة لمجلس الأمن الدولي لا يصب في مصلحة أي جهة سوى لربما الولايات المتحدة”.
ولم يدل باقي المندوبين بأس تصريحات لدى مغادرتهم.
من جهته، قال الممثل الدائم لروسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا السفير ميخائيل أوليانوف على تويتر إن المشاركين في الاجتماع لا يزالون “متحدين بشكل كامل في دعمهم والتزامهم” بالاتفاق رغم “جميع الصعوبات والخلافات”.
– “دوامة” –
وقال محللون إنه إذا تم إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة وانهار الاتفاق، يمكن لإيران أن تنسحب أيضا من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
وأفاد علي فايز الباحث في المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات وكالة فرانس برس “ليس من الواضح ما إذا كان الأمر سيكون مجدياً”.
لكنه حذر من أن خطر انهيار الاتفاق آخذ في الازدياد لأن “الإجراءات التي يسهل الرجوع عنها وغير المثيرة للجدل بدأت تنفد” من أيدي الإيرانيين.
وقال “إن الجانبين عالقان في دوامة تصاعدية يصعب للغاية تخيل أنهما سيخرجان منها”.
والأحد، حذّر رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني من أنّ طهران قد “تعيد النظر جديا” في التزاماتها تجاه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، المشرفة على الاتفاق النووي إذا لجأت الاطراف الاوروبية الموقعة على الاتفاق إلى آلية حل الخلافات.
وتحاول الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، إنقاذه عبر خلق آلية للتبادل التجاري الشرعي لكن جهودها لم تكلل بالنجاح حتى الآن. وهو ما زاد من استياء الجمهورية الإسلامية.
ويتزايد قلق الأطراف الأوروبية من تراجع طهران عن التزاماتها.
ويتضمن الاتفاق آلية لتسوية النزاعات تنقسم على عدة مراحل. ومن شأن مسار قد يستغرق أشهراً أن يقود إلى تصويت مجلس الأمن الدولي على إمكانية أن تواصل ايران الاستفادة من رفع العقوبات الذي أقر إبان توقيع الاتفاق.
وقال فايز إنه إذا حصل هذا السيناريو “سنواجه أزمة كبيرة بمعنى أن الروس والصينيين أعلنوا بالفعل أنهم لن يعترفوا بعودة (العقوبات)” على إيران.
وأضاف أنه في النهاية الطريق إلى حل دبلوماسي سيعتمد على الخطوات المقبلة لواشنطن خصوصا إذا كانت مستعدة لتخفيف محاولاتها لمنع مبيعات النفط الإيراني، الذي يشكّل مصدر دخل أساسي للبلاد.
وصرّح أن “الأطراف المتبقية في الاتفاق أثبتت أنها غير قادرة على مد إيران بأي مجال للتنفس”.
والأربعاء، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن طهران مستعدة للعودة إلى طاولة المفاوضات إذا تخلت الولايات المتحدة أولا عن العقوبات.