كتاب وآراء

عائلة سعيدة للإيجار

زينب علي البحراني

وداعًا أيها الماضي الذي كان فيه الإنسان مُضطرًا لتكبد الآلام النفسية بسبب أفراد أسرته المؤذين، أو أقاربه غير الودودين، أو حرمانه من فرصة الحصول على أصدقاء لُطفاء، لقد وجدت اليابان الحل بشركة “فاميلي رومانس” التي أسسها الشاب الياباني “إيشي بويتشي” في طوكيو، والتي تضم 1200 موظفًا وموظفة من مختلف الأعمار يلعبون دور أفراد العائلة المطلوبين من زوج، زوجة، ابن، ابنة، أبن وأم وأخت وغيرهم، مُقدمة خدمة استئجار الفرد المطلوب بالمواصفات المُفضلة.

إذا كُنت تشعر بتعاسة دفينة من سوء معاملة أبيك لك في طفولتك وشبابك؛ يمكنك استئجار أب يعاملك بمحبةٍ وحنان، يعتبرك ابنه المُفضل، يراعي مشاعرك ويدعم طموحاتك ويُساندها، وإذا كنت تشعر بالخذلان من ابنك الذي لا يُطيقك ولا يتكلم معك؛ يمكنك استئجار ابن طيب لطيف يُعاملك بمحبة ويُعاملك باحترامٍ وتقدير، أما إذا كنت تعيش حياةً خانقة مع زوجة تسيء معاملك في البيت وتُحرجك أمام الآخرين فيمكنك استئجار أخرى تُعاملك بحُب وشغف، وإذا كان لك أقارب يحولون حياتك إلى جحيم فربما حان الوقت للبحث عن آخرين يحولونها إلى جنة سعيدة.. لم يعُد الأمر مستحيلاً اليوم بوجود المال.

تنال تلك الخدمة في اليابان شعبية واسعة ونجاحُا كبيرًا، إذ هناك من يستأجرون ضيوفًا لحفلات الزفاف والجنازات أيضًا، ومن يستأجرون أحفادًا وحفيدات يتباهون بهم أمام الآخرين، وأصدقاء يذهبون معهم إلى كل مكان للتحسين من سُمعتهم الاجتماعية والظهور بمظهر المحبوبين المرغوبين من الآخرين، بل يصل الأمر لاستئجار زوج مزيف أو عروس مزيفة للمشاركة في حفل زفاف يظن الناس أنه حقيقي بينما هو ليس كذلك!

اقتبس مؤسس الشركة الفكرة من تجربته الخاصة، حين وجد نفسه يلعب دور أب لطفل عمره أربعة أعوام كانت أمه تربيه بمفردها ولم تتمكن من تسجيله في روضة الأطفال، فساعدها “بويتشي” عن طريق مرافقتها إلى الروضة المطلوبة وتقديم صورة العائلة المثالية أمام لجنة القبول فيها، ما أدى لقبول الطفل في النهاية، ثم تم تأسيس المشروع منذ أكثر من عشرة أعوام إلى أن صار يتلقى حوالى 250 طلبًا شهريًا، مع توقعات بأن يزداد الطلب أكثر فأكثر في المستقبل.

تمنع شروط الشركة تبادل القبلات ومختلف أشكال العلاقات الحميمة بين من يتم استئجارهم كزوج وزوجة أو كخاطب ومخطوبة وحبيب وحبيبة، لكن المُصافحة وأشكال الاقتراب الأخرى المعتادة في الأماكن العامة مقبولة، كما أن هناك قوانين أخرى تحكم الحدود في بقية العلاقات حماية للعاملين في هذا المجال من الاستغلال.

قد يبدو الخبر طريفًا لمن يرون الاحتياج لشيء كهذا غريبًا وغير مألوف، لكن خدمة كهذه تبدو فرصة رائعة لحياةٍ مُجتمعية أفضل ومشاعر أكثر سلامًا بعيدًا عن التوتر الإجباري الذي يتسبب به أشخاص يكون الإنسان مُضطرًا للتعامل معهم في حياته، وربما يؤدي للتحسين من تصرفات بعض البشر مع أهلهم وأقاربهم لئلا يستبدلوهم بآخرين مُستأجرين يُعاملونهم مُعاملة أفضل.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى