شاهد.. شابة أردنية تطوّع الأحرف العربية بالمجوهرات
دأبت العشرينية رزان باسم القاطنة في العاصمة الأردنية عمان على إعادة إحياء اللغة العربية بطريقتها الخاصة، إذ حوّلت الأحرف إلى مجوهرات، فجسّدت عمليا احتفالها بيوم اللغة العربية الذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر/كانون أول كل عام.
تروي باسم بداية شغفها بالأحرف للجزيرة نت بزياراتها المتكررة لبيت جدها ومشاهدة الأحرف تزين جدرانه، حيث تجد خالها الخطاط، قائلة “لفتتني عبارات مثل البسملة ولفظ الجلالة مما جعلها تعلق بذاكرتي، حين كبرت درست هندسة عمارة، شعرت بأنني أتعلق بالألوان وشكل الأحرف”.
وتضيف أن الحروف تبدو أشبه بمغناطيس يشدها إلى اللافتات وشكل الخطوط المعلقة في الشوارع وبخاصة اليدوية، مما دفعها للاستفسار عنها، ووجدت إجابات لأسئلتها إبان دراستها تاريخ المباني في تخصصها، إذ خاضت رحلتها باستكشاف المساحات المعمارية مثل تلك الموجودة في المطارات والشوارع.
وتؤكد باسم أن ما دفعها لصنع المجوهرات المزخرفة بالعربية هو اعتياد الناس على رؤية الخطوط ذاتها في الكتب وواجهات المطاعم والملابس، مما أشعرهم بأنها مستهلكة، فبات البعض يكره اللغة بشكل عام، “هذا دفعني لتصميم الأحرف بطريقتي، بطابع هندسي معماري، وأوظفها في مجال المجوهرات لتتميز أكثر وتحافظ على قيمتها”.
البدايات
شعرت رزان بالخوف في بداية فكرتها، إذ استشارت المقربين منها وأساتذتها الذين درسوها الخط العربي، ثم عرضت المجموعة الأولى من تصاميمها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، “كنت خائفة لأن الطريقة جديدة وتتعلق بالمجوهرات، غير أن ردة فعل الناس كانت جميلة، ومعظم من يطلبون مني أعمالي خلفيتهم شبيهة لخلفيتي من ناحية أنهم مهندسون ومصممون مرتبطون بالحرف العربي”.
وتشير إلى افتقار العالم العربي للخطوط المستخدمة عبر المواقع الإلكترونية، أو التصاميم المستخدمة في الموضة، مقارنة باللاتينية التي تبدو أكثر انتشارا ووفرة، وتقول “أحيانا أشعر أن اللغة مظلومة، إذ يخجل الناس من التحدث بها، نحن العرب يجب أن يكون لدينا فخر أكثر بلغتنا، هناك الكثير من المصطلحات غير الموجودة إلا فيها، لو أننا استبدلنا الكلمات الإنجليزية بالعربية سنريهم جماليتها”.
كيفية عملها
تتحدث باسم عن تأثير الموسيقى على عملها، حيث إن حبها للمسرح بشكل عام وللرقص التعبيري بشكل خاص دفعاها لتخيّل الحروف كفرقة موسيقية تحاول الاندماج مع بعضها لاستخراج عبارات وكلمات، “أبدأ الرسم على الورق لأتحكم بتعديلها بشكل أفضل، ثم أنتقل للحاسوب لأرسمها بدقة وبعدها أرسلها للمشغل”.
وتتابع “عملت في البداية بدبي ثم انتقلت للعاصمة الأردنية عمان، وقدمت على منحة الاتحاد الأوروبي التي حصلت عليها، وأفادتني في كيفية التعامل مع الزبائن وكيفية البدء في مشروعي “هارموني” الذي يعني التناغم المتمثل في الحياة من حولنا مثل فريق كرة القدم أو جسم الإنسان أو الطبيعة والأشكال”.
وصنعت رزان تناغمها بين الحرف العربي والأشكال الهندسية بمجموعتها الأولى، في حين ركزت الثانية على أبيات شعرية لمحمود درويش والحلاج وغيرهما، قائلة “أربطها مع الآلات الموسيقية وأحوّلها إلى قطع مجوهرات، ومستقبلا أود ربطها بالتكنولوجيا، وأعمل حاليا على بحث حول ربط المجوهرات بالمجال الطبي، حيث يمكن للناس الاستفادة منها وظيفيا بالإضافة لكونها عنصرا جماليا”.
التكنولوجيا واللغة
تعتقد باسم أن التكنولوجيا لا تؤثر على اللغة العربية إذا كانت المشاريع مدروسة بشكل صحيح، فعدد كبير من الأشخاص يستخدمون العربية من خلال إظهارها بطريقة جميلة تحيي الحرف، و”هذا يدخل بمجال الموضة والأزياء، هناك الكثير من الأجانب يطلبون الحروف العربية، إذا عملنا بطريقة صحيحة يمكننا أن نوصلها لتصبح عالمية”.
شاركت المهندسة في معارض ومسابقات في الأدن وخارجه، وكانت مشاركتها الأولى في معرض بالشارقة في الإمارات يعنى بتصاميم مستوحاة من عناصر موجودة في الحضارة الإسلامية، مثل الأشكال الهندسية الموجودة في المساجد والمباني الإسلامية.
وشاركت في المعرض بتصاميم مستوحاة من الصلاة، وشكلت منها لوحات فسيفسائية، ثم شاركت في ورشة حيث تعلمت كيف تصنع الفسيفساء، وأنشأت جدارية وأقامت معرضا في أكثر من مكان، كتركيا وإيطاليا، شارك فيه أكثر من 10 مصممين.
وتتابع أنها شاركت كذلك في مسابقة عام 2017 أقيمت للمرة الأولى في العالم العربي وهي “أفضل مئة ملصق عربي” التي أقامتها الجامعة الألمانية بالقاهرة، حيث “كان ملصق لي أحد الملصقات الفائزة في المسابقة”.
وتعبر باسم عن استيائها من كون يوم اللغة العربية مقتصرا على وجوده في “الرزنامة”، إذ إن الكثيرين لا يعرفون عنه شيئا، “أرجو أن يكون هناك تسليط ضوء بشكل أكبر عليه مثل الورشات أو المشاركات من جهات متعددة كالمدارس والجامعات، وأتمنى أن أشارك في هذه النشاطات”.