صحة وغذاء

ابتكري نمط حياة يناسبك.. لا تحتاجين أن تكوني جميلة لتتصالحي مع جسمك

لا شيء أسوأ من أن تنظري لنفسك في المرآة وأنت لا تحبين مظهرك، حيث يبدو لك أن بطنك منتفخ وذراعيك وفخذيك عريضان جدا ولا ترين أيا من مقومات الجمال. لكن، يجب ألا تقعي في فخ الاعتقاد بأنك تفشلين بتحقيق رغبتك بأن تكوني جميلة.

وتشير التقديرات إلى أن النساء في جميع أنحاء العالم يشعرن بعدم الرضا عن مظهرهن، فما الذي عليهن القيام به لتحقيق المصالحة مع شكلهن؟

وتقول الكاتبة كاميلا سيرينا في تقرير نشرته مجلة “فوشيا” الإسبانية، “من المؤكد أنك استغرقتِ سنوات من عمرك وأنت تنظرين إلى نفسك من خلال أعين الآخرين. لقد تعلمت ذلك من ثقافة الحميات الغذائية، التي تعدك بتقليص كتلة العضلات والساقين واليدين، لكن عندما تنظرين إلى نفسك في المرآة لفترة من الوقت ستلاحظين أنك تعانين من وزن زائد على عدة مستويات”.

 ثقتك بثقافة الحميات الغذائية تجعلك تعتقدين أن جسمك هو المسؤول عن مظهرك (دويتشه فيلله)
ثقتك بثقافة الحميات الغذائية تجعلك تعتقدين أن جسمك هو المسؤول عن مظهرك (دويتشه فيلله)

ليس صوتك الحقيقي
تتلقى معظم النساء هذه الأفكار من البيئة المحيطة بهن، فالصوت الذي يهمس لك بأنك تعانين من الوزن الزائد والدهون المتراكمة على مستوى ساقيك أو خصرك، ويجعلك تتساءلين عما إذا كان عليك تنحيف بطنك، ليس هو صوتك الحقيقي.

الجسم يعمل مثل شبكة مترابطة، لكنه قد يتحول أيضا إلى مصدر لعدم الرضا، لأنك لا ترين أنه ذو قيمة إلا عندما يصبح شكله كما تريدين. ويحدث هذا عندما تثقين بثقافة الحميات الغذائية التي تجعلك تعتقدين أن جسمك هو المسؤول عن مظهرك، ويتفاقم عندما تفشل الحميات بمساعدتك في تحقيق رغبتك بأن يكون مظهرك أفضل من السابق.

اعتادت العديد من النساء النظر إلى أجسامهن من مسافة بعيدة مثل شخص يقيم شيئا ليس ملكه، وبمرور الأيام يتفرد العقل بدور القيادة. وعندما يصبح العقل هو المسؤول عن تقييم الذات، يصبح بمثابة زعيم مستبد، وذلك لكونه مجرد آلة تؤلف القصص لإخبارك بما يحدث حولك، فإذا حدثك مثلا عن أشياء تتعلق بفشلك، ستختلقين لنفسك أدلة تثبت ذلك.

 عندما يصبح العقل هو المسؤول عن تقييم الذات، يصبح بمثابة زعيم مستبد (غيتي)
عندما يصبح العقل هو المسؤول عن تقييم الذات، يصبح بمثابة زعيم مستبد (غيتي)

الحميات الغذائية تبيع الحلول
القطيعة بين العقل والجسم تجعل الحياة أكثر صعوبة، فعندما تتناولين الطعام مثلا فقط لأن عقلك أملى عليك ذلك يصبح العقل على هذا النحو مصدرا للارتباك. هذا هو السبب الذي يجعل النساء يحاولن التحكم بطعامهن، لكنهن سرعان ما يشعرن باليأس بسبب عدم تحقيق مبتغاهن.

هذا التشابك، يسمح لصناعة الحميات الغذائية ببيع الحلول التي تشكل في الواقع جزءا من المشكلة. فغالبا ما تتبع النساء هذه الحميات، لأنها توهمهن بأنهن سيتمكنّ من السيطرة على الوزن، وهو الأمر الذي تتوق إليه جميع النساء.

لن تتمكني من الحصول على المظهر الذي تحلمين به لأن نظرتك إلى نفسك سلبية، وهذا ليس ذنبك لأنك مثل أي كائن بشري آخر تؤمنين بالقصص التي يبتكرها الآخرون لك ويخبرونك بأن الجسم هو أهم شيء وأن الحصول على جسم رشيق أصبح ضرورة اجتماعية. في المقابل، يجب عليك أن تحبي نفسك كما أنتِ وتتقبلي عيوبك.

 الأدلة تشير إلى أن المرأة التي تنتقد جسدها دون هوادة تصاب بمعدلات عالية من القلق (غيتي)
الأدلة تشير إلى أن المرأة التي تنتقد جسدها دون هوادة تصاب بمعدلات عالية من القلق (غيتي)

عيش الحاضر بكل طاقتك
من الضروري أن تتخلي عن الاعتقاد بأن الجسد هو الذي يعكس مظهرك، لأنك بهذه الطريقة تحرمين نفسك من عيش الحاضر بكل طاقتك. سيهرب منك الحاضر وستعانين من القلق وسيتشتت انتباهك أكثر.

ولن تشعر المرأة التي لا تعرف كيفية التحكم بحياتها ولا تثق بجسدها بالكامل، بأنها قادرة على مواجهة تحديات الحياة، إذ تشير الأدلة إلى أن المرأة التي تنتقد جسدها دون هوادة وتربط قيمتها بمظهرها، لديها معدلات أعلى من القلق والتوق للكمالية، وسيكون أداؤها الرياضي والأكاديمي أقل من الآخرين.

وتنصح الكاتبة بعدم الثقة في المستقبل الذي تعدك به ثقافة الحميات الغذائية، لأن البهجة التي تعتقدين أنك ستحصلين عليها من خلال الحصول على جسم نحيف بعيدة المنال. واخترعي لنفسك قصة الاقتناع والاكتفاء ابتداء من اليوم. وعليك ابتكار نمط حياة يناسبك ولا يسلط عليك أي ضغط لتتمكني من مواكبة العالم من حولك، ثم يجب أن تكوني تلك المرأة التي تنتمي لذاتها وليست تلك التي تتأثر بالآخرين.

 لا تفكري في الجمال، بل ابحثي عن اللغز الذي بداخلك لتتعرفي على نفسك مرة أخرى (غيتي)
لا تفكري في الجمال، بل ابحثي عن اللغز الذي بداخلك لتتعرفي على نفسك مرة أخرى (غيتي)

الجمال خارج القوالب الضيقة
جسمك هو حليفك وصديقك الحميم، الذي لن تتمكني من معرفة ذاتك من دونه. وإذا تضررت علاقتك بجسمك فلن تحتاجي لأن تجدي نفسك جميلة لعلاج علاقتك به. ويجب ألا تقعي في فخ الاعتقاد بأنك فشلت مرة أخرى، لقد أدركت ذلك بما فيه الكفاية مع مئات الوجبات التي جعلت جسدكِ منهكا. ويجب أن ترضي بفشلك وتكوني قادرة على السيطرة على نفسك، رغم أنه لم يوضح لك أحد أن الحميات الغذائية يمكن أن تفشل، نظرا لأن محاربة الجوع هي بمثابة معركة ضد التطور.

لا تفكري في الجمال، بل ابحثي عن اللغز الذي بداخلك لتتعرفي على نفسك مرة أخرى. وإذا كنت لا ترين جسمك جميلا، فلا تشعري بالإحباط، فربما تحتاج عيناك لبعض الوقت لاستيعاب مفاهيم الجمال الموجودة خارج القوالب الضيقة حول “المظهر الصحيح”. وسيكون جسمك حليفك الأفضل للتنقل في هذا العالم الغريب، لأنه يحتوي على معلومات لا يملكها أحد.. إنه في الواقع أعمق معجزة لديك.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى