كتاب وآراء

رد إيراني ذكي… ولكن لا نهاية قريبة

محمد صالح الفتيح*

في أعقاب اغتيال قاسم سليماني قلت أن إيران أذكى مما يتوقع كثيرون. منذ ساعات، أطلقت إيران موجتين من الصواريخ البالستية، على قاعدتين عسكريتين أميركيتين في العراق، وكذلك على القنصلية الأميركية في أربيل. حصيلة هذه الهجمات التي قيل أنها استخدمت عشرات الصواريخ هو مقتل ضابط عراقي واحد وجرح خمسة آخرين، بدون معلومات عن وقوع أي خسائر في صفوف الأميركيين.

من المفيد الإشارة هنا إلى حادثة اعتقال “نصر العبيدي”، أواخر الشهر الماضي. العبيدي كان متعاقداً يعمل مع القوات الأميركية في أعمال الإنشاءات وكان يستطيع الدخول إلى جميع القواعد الأميركية. وقد اعترف بعد اعتقاله من قبل قوة مشتركة أميركية ومن جهاز مكافحة الإرهاب العراقي، أنه قام بتقديم معلوماته إلى “كتائب حزب الله العراق” الذي كان ينفذ الضربات الصاروخية على القواعد التي تنتشر فيها القوات الأميركية والتي تتحصن في أجزاء محددة من تلك القواعد، أي على شكل قاعدة ضمن قاعدة. وهذا ما يفسر حصول 10 عمليات استهداف بالصواريخ دون وقوع أي قتلى أميركيين، إلى أن كانت الهجمة 11 على قاعدة K1 في كركوك والتي قادت إلى سقوط قتيل أميركي واحد.

الرئيس الأميركي استغل عدم وقوع أي قتلى أميركيين ليخرج منذ قليل ويقول All is well، كل شيء على ما يرام، وليرجح بذلك عدم حصول رد أميركي على الضربة الصاروخية الإيرانية (وهذا يؤكد ما قلته في حينه أن ترامب لا يرغب بالتصعيد العسكري، وأنه لم يكن هو صاحب القرار باغتيال سليماني، بل المؤسسة العسكرية والأمنية الأميركية).

ما حصل إذاً، بات يوصف بالتصعيد لأجل خفض التصعيد Escalation to de-escalate. ولكن الآن إلى أين؟ عدنا على الأغلب إلى المسار السابق منذ أسبوعين. لا يوجد ظرف دولي مناسب يسمح بعقد صفقة، والمظاهرات لا تزال مستمرة في العراق، والحكومة العراقية تترنح، وترامب ليس في وضع يسمح له الآن بالانسحاب من العراق. والميليشيات العراقية ستعود لتولي زمام التصعيد ضد الولايات المتحدة، والحركة الاحتجاجية. ويبقى الخاسر الأكبر هو العراق.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى