تونس

موجة غضب في البرلمان.. هل أخطأ الغنوشي بزيارته تركيا؟

تحول البرلمان التونسي من فضاء لسن التشريعات إلى ما يشبه “حلبة صراع” بعد المطالبة بتغيير جدول أعمال الجلسة العامة اليوم الأربعاء لإضافة نقطة تتعلق بمساءلة رئيس البرلمان راشد الغنوشي حول فحوى زيارته الأخيرة لتركيا ولقائه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وتأخر اليوم النظر في مناقشة مشاريع قوانين تتعلق ببعض القروض، لفسح المجال أمام جلسة المساءلة التي شهدت انقساما حادا بين نواب اتهموا الغنوشي بالاصطفاف وراء الرئيس التركي وضرب السيادة الوطنية، وبين آخرين رفضوا تلك الانتقادات “المفتعلة”.

وأثارت زيارة رئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي السبت الماضي إلى تركيا لمقابلة الرئيس أردوغان جدلا كبيرا لدى الأوساط السياسية، خاصة أنها تأتي بعد يوم فقط من رفض منح الثقة لحكومة الحبيب الجملي.

هجوم “الدستوري”
واغتنم الحزب الدستوري الحر سليل النظام السابق فرصة اندلاع هذا الجدل ليشن هجوما شرسا ضد الغنوشي تحت ذريعة ضرب السيادة الوطنية، كما بدأ حملة حث فيها بقية الكتل على جمع 73 توقيعا لتقديم عريضة بسحب الثقة منه.

ولا تختلف هذه الانتقادات عن تلك التي يوجهها الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي الذي يقول للجزيرة نت إن زيارة الغنوشي إلى تركيا بصفته الرسمية كرئيس مجلس نواب دون المرور عبر القنوات الرسمية هو ضرب للسيادة الوطنية.

ويرى الشواشي أن تلك الزيارة كانت ضارة لصورة تونس بدعوى أنها تمس العرف الدبلوماسي وتشرع لممارسة دبلوماسية موازية تدوس على صلاحيات رئيس الجمهورية المكلف بالسيادة الخارجية للدولة، داعيا رئيس الدولة إلى اتخاذ موقف حيال “هذا الخرق”.

حلبة صراعات
ورغم إقراره بأن القانون لا يمنع احتفاظ رئيس البرلمان بصفته الحزبية أو ممارسة نشاطه السياسي، فإن الشواشي يقول إنه ليس كل ما يسمح به القانون يمكن السكوت عنه، معتبرا أن زيارة الغنوشي إلى تركيا تثير الشكوك وفيها ضرب للأخلاق السياسية.

وعبّر عن تحفظاته من تلك الزيارة التي قال إنها تأتي في وقت تشهد فيه الأوضاع الأمنية بليبيا توترات متصاعدة، ناهيك عن الجدل الذي خلفته الزيارة المفاجئة للرئيس التركي مؤخرا إلى تونس وبروز حديث بشأن محاولته استخدام الأراضي التونسية.

مهمة غامضة
من جهته، يقول النائب المستقل ياسين العياري إن زيارة الغنوشي كانت مبهمة وغامضة إلى تركيا، لكنه اعتبر أن تنظيم جلسة مساءلة حول تلك الزيارة مضيعة للوقت ولا تخدم التونسيين الذين ينتظرون تحسين أداء البرلمان عبر سن القوانين.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى العياري أن الغنوشي سقط ضحية قلة خبرته على رأس مجلس البرلمان بحجة أنه خلط بين مسؤوليته البرلمانية وصفته الحزبية، قائلا “هو لم يعد يمثل نفسه أو حزبه، وإنما أصبح يمثل البرلمان، لذلك أصبح عليه الالتزام بنواميس الدولة”.

وأقر العياري بوجود مساع سياسية لتعطيل سير الجلسات العامة وافتعال الأزمات وتغذية حالة الاستقطاب من أجل تسجيل نقاط سياسية ضد خصمهم حركة النهضة، معتبرا أن البرلمان قد تحول من فضاء لسن التشريعات إلى حلبة للصراعات والتجاذبات.

 جانب من جلسة مساءلة رئيس البرلمان الغنوشي (الجزيرة)
جانب من جلسة مساءلة رئيس البرلمان الغنوشي (الجزيرة)

الغنوشي يرد
ورفض الغنوشي الذي أدار بنفسه جلسة مساءلته الاتهامات الموجهة إليه، مؤكدا أن زيارته لمقابلة الرئيس التركي تندرج في نطاق زيارته الشخصية والحزبية، ولم يتم خلالها استغلال إدارة البرلمان أو موارده.

وأرجع الغنوشي ارتفاع حدة التوتر من زيارته إلى وجود حساسية أيدولوجية لدى بعض الأوساط السياسية ضد تركيا، داعيا النواب إلى التحرر من الاعتبارات الأيدولوجية والنظر إلى المسألة من جانب توطيد العلاقات خدمة لمصلحة البلاد.

وقال إن “هناك من ربط زيارتي إلى تركيا بعد يوم من عدم منح الثقة لحكومة الجملي وكأنني ذهبت لتقديم تقرير إلى أردوغان”، مشيرا إلى أنه أخذ موعدا منذ فترة لمقابلة الرئيس التركي بصفته الحزبية، وأن الموعد تقرر وفقا لرزنامة الرئاسة التركية.

من جانبه، يقول القيادي البارز بحركة النهضة نور الدين العرباوي إن هناك أطرافا سياسية لديها “فوبيا” من حركة النهضة ومن تركيا، وقد سعت إلى توتير الأجواء داخل البرلمان من أجل توجيه نشاطه في اتجاهات لا تخدم مصلحة البلاد والعباد.

وفي حديثه للجزيرة نت، استغرب العرباوي ما اعتبره تحاملا على رئيس البرلمان واتهاما له باستغلال صفته الرسمية، والحال أنه زار تركيا بصفته الحزبية، مؤكدا أن هناك إصرارا مكشوفا من قبل بعض الأحزاب على تسجيل نقاط سياسية ضد النهضة.

كما انتقد مساعي الحزب الدستوري الحر لسحب الثقة من الغنوشي وافتعال عديد الأزمات في البرلمان، قائلا إنه “يلهث وراء سراب، ويستحيل أن يحقق مبتغاه لأن حركة النهضة لديها الكثير من الأصدقاء”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى