غزة

متاجر إلكترونية بغزة.. اختراق للحصار الإسرائيلي وفرص عمل للشباب

تُغلَق أبواب الفرص أمام الشبان في غزة عندما يبحثون عن وظائف، حتى لو كانت مؤقتة، وأصبح الحصول على عمل شبه مستحيل في القطاع المحاصر.
لكن ثمة طرقا يمكن أن يعمل بها الشبان مستغلين التكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي وانتشارها، لخلق مساحة من الإبداع والتسويق والأعمال الحرة، كان آخرها انتشار الصفحات على مواقع التواصل في شكل متاجر.

قبل خمس سنوات، كانت الشابة الصحفية نور الحرازين (30 عاما) تعمل على تغطية الأحداث في قطاع غزة لبعض القنوات باللغة الإنجليزية، لكنها كانت تشعر أن عملها صحفية يمكن أن يتقلص في ظل أن عددا كبيرا من القنوات تغطي أحداث غزة في وقت الحروب الإسرائيلية، لذا قررت البحث عن مشروع يضمن لها دخلا جيدا.

أثناء رحلة سفر لها إلى الضفة الغربية والأردن وإسبانيا وفنزويلا، شاهدت نور أن بعض المنتجات -مثل منتجات التجميل والعناية بالبشرة- غير متوفرة في غزة، وعندما عادت إلى القطاع فكرت بتأسيس مجموعة على موقع فيسبوك لبيع بعض هذه المنتجات، وأحضرت في البداية كمية بقيمة خمسين دولارا وباعتها في المجموعة كتجربة أولية.

نجاح
نجحت نور في الحصول على ربح قدره عشرون دولارا في المرة الأولى، وتقول “في ذلك الوقت لم يكن هناك تسويق على مواقع التواصل الاجتماعي، نجحت واستمررت بالتسويق عبر إحضار منتجات بالبريد من الأردن أو مصر أو أميركا، وأصبح متجري (روح) من المتاجر المعروفة على فيسبوك”.

أسست نور قبل عامين صفحات عبر مواقع وتطبيقات فيسبوك وإنستغرام وسناب شات، وأصبح متجرها من المتاجر الإلكترونية المشهورة على مستوى قطاع غزة، فهي تحضر منتجات عبر المعابر تشحنها من أميركا وكندا وبعض الدول الأوروبية وبعض الدول الآسيوية مثل الهند وكوريا وبنغلاديش، وأخرى من الأردن ومصر.

تضيف نور “على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي يتابع المتجر عشرات الآلاف، أسست محلا خاص بي، وجميع زبائني هم من متابعي صفحتي، ويحضرون لاستلام المنتجات من المحل”.

وتتابع “المنتجات التي أدخلها غير متوفرة في قطاع غزة نظرا للظروف السياسية، وهنا اقتحمنا فضاء التكنولوجيا وأحضرنا منتجات من مختلف دول العالم  إلى غزة. وقرابة عشرة أفراد يعملون معي بشكل دائم أو جزئي دوري لإنجاح المتجر”.

 نور الحرازين تبيع منتجات للعناية بالبشرة غير متوفرة في قطاع غزة بسبب الحصار (الجزيرة)
نور الحرازين تبيع منتجات للعناية بالبشرة غير متوفرة في قطاع غزة بسبب الحصار (الجزيرة)

وتتحدث نور عما وصفته بالانتشار غير العادي للمتاجر الإلكترونية في غزة، خصوصا خلال العام الأخير، في ظل حاجة الشباب -حصوصا الخريجين منهم- إلى فرص عمل، وامتلاك بعضهم مهارات التسويق عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

لكن نور تنبه إلى أن بعض المتاجر تحاول تقليد أعمال بعض الصفحات بنفس المنتجات، بينما تنجح بعض الصفحات في تسويق منتجات مميزة غير تقليدية.

750 متجرا إلكترونيا في غزة
أجرى الباحث المختص في مواقع التواصل الاجتماعي عز الدين الأخرس دراسة جدوى اقتصادية متعلقة بالمتاجر الإلكترونية في قطاع غزة، ورصد انتشارا واسعا لصفحات مواقع التواصل على شكل متاجر إلكترونية، إضافة لموقعي ويب أيضا، ليبلغ العدد 750 متجرا إلكترونيا في غزة.

يشير الأخرس في الدراسة إلى أن 95% من المتاجر تنشط على موقع إنستغرام أكثر من فيسبوك، لكون غالبية الزبائن من الإناث، كما أن الإناث يشكلن 60% من مجموع العاملين في التجارة الإلكترونية.

ويقول إن هذه الصفحات أصبحت بديلا جيدا للآلاف من الشباب والخريجين في غزة، وغيرهم من العاملين معهم، ويضيف “هناك شابات من غزة يسافرن إلى مصر لإحضار منتجات نسائية إلى القطاع للتجارة بها عبر صفحاتهن، إلى جانب بعض الشبان الذين يقومون يحضرون بضائع مختلفة”.

ويفسر الأخرس انتشار المتاجر الإلكترونية بالبحث المتواصل للشباب في غزة عن فرص وابتكار أفكار لتأسيس مشاريع يواجهون فيها البطالة المتفشية في مدينتهم، مستغلين في ذلك عامل التوسع المستمر للاستخدام سكان قطاع غزة مواقع التواصل الاجتماعي ساعات طويلة في اليوم.

 الأخرس: في غزة 750 متجرا إلكترونيا (الجزيرة)
الأخرس: في غزة 750 متجرا إلكترونيا (الجزيرة)

تصنع بيدها وتروّج في متجرها
غادة منير صالحة (26 عاما) باتت تعرض منتجاتها عبر فيسبوك وإنستغرام، بعد أن درست تخصص هندسة الديكور ووجدت أن فرصها ضئيلة في سوق العمل المنهار في غزة.

صالحة دفعها البحث عن العمل إلى السفر نحو مصر، وهناك تلقت دورات مختصة في طب الأعشاب والعطارة، وعندما عادت إلى غزة أنتجت مجموعة من الصابون الطبيعي وعرضتها في صفحتها على إنستغرام (Natural_Gaza).

بعد أن نجحت صالحة في بيع الصابون والحصول على تعليقات إيجابية من المستخدمين، بدأت تعمل مع شقيقاتها على سد حاجة الزبائن، ثم انتقلت لتصنع بعض منتجات البشرة والشعر والجسم كونها منتجات طبيعية وليست تجارية.

تقول صالحة “المنتجات الموجودة في الأسواق تحتوي على نسبة من الكيمياويات، وأصبح لدى الناس وعي بأهمية المنتجات الطبيعية، وأنا اليوم لديّ زبائن كثر، وأكثر من 34 ألف متابع، وعالم التسويق الإلكتروني خلق فرصة عمل جيدة لي وللكثيرين من الشباب”.

أما نبيل أبو حسنين (29 عاما)، فقد أسس صفحة منذ عام لبيع الأحذية والألبسة الرياضية وبعض معدات العلاج الطبيعي في غزة.

أطلق أبو حسنين صفحة على فيسبوك وإنستغرام باسم “منتجات رياضية من غزة”، بعد أن قضى أربع سنوات دون عمل عقب تخرجه من الجامعة من تخصص الإدارة المالية والمصرفية، ويعمل معه حاليا أربعة شبان من خريجي الجامعة كذلك.

يقول أبو حسنين “أقوم بإدخال بعض المنتجات من خلال شركات شحن بكميات قليلة حتى لا تحصل على ضرائب كثيرة، وأبحث عن منتجات بأسعار جيدة وجودة عالية للترويج لها في غزة، وهي بضائع لا تدخل غزة لأنها من أجود العلامات التجارية، بسبب الحصار الإسرائيلي، لكني وجدت عالمي وعملي في متجري”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى