ما الخيارات الشعبية والنيابية الأردنية لإسقاط اتفاقية سرقة الغاز الفلسطيني ؟
استنفاد الخيارات أمام الحملة الوطنية لإسقاط اتفاقية الغاز الإسرائيلي “غاز العدو احتلال” بات واضحا، بعد ثلاثة أسابيع من التظاهر والاحتجاج بالمدن والمحافظات.
وسعت الحملة خلال الفترة الماضية لاستخدام أوراق ضغط، منها تقديم بلاغ إلى المدعي العام ضد ثلاثة رؤساء حكومات ووزرائهم، منهم رئيس الحكومة الحالي عمر الرزاز، وتقديم شكوى لهيئة النزاهة ومكافحة الفساد لوجود شبهات فساد في الاتفاقية، بيد أن تلك الخطوات لم تنجح.
الخيارات الشعبية
الحملة -التي سعت خلال الفترة الماضية إلى استخدام أوراق ضغط ضد الاتفاقية لوقف تدفق الغاز الإسرائيلي- ترى أن ثمّة خطوات جديدة، حسب حديث المنسق العام هشام بستاني.
ويتحدث بستاني للجزيرة نت -بنبرة حادة- عن الخيارات القادمة، إذ إن الاحتجاج وسط العاصمة لم يعد كافيًا، ويضيف “لدينا خارطة لوقفات احتجاجية ومسيرات ضد اتفاقية الغاز، فـ التغيير يأتي من الشارع”.
ويصف خطوة النواب “بالكارثية” في ظل غياب وعود حكومية حقيقية بتقديم القانون والتعديل عليه، كاشفًا عن التواصل مع بعض النواب لتسريع تقديم القانون للمجلس قبل انتهاء الدورة العادية.
وأمام مجلس النواب خياران، الأول دستوري متمثل بانتظار عرض المقترح من الحكومة وتحويله إلى مشروع قانون، بالتنسيق مع الجهات المعنية لصياغته، وإرساله لديوان التشريع والرأي الذي بدوره سيقوم بدراسته.
بعد ذلك يعيد الديوان القانون -بعد إقراره من اللجنة القانونية الوزارية- إلى مجلس الوزراء ليُصار إلى إقراره وإرساله لغاية عرضه على مجلس الأمة.
وتظهر تخوفات نيابية -استمعت لها الجزيرة نت- من خلال مماطلة الحكومة في السير بإجراءات القانون، وشراء الوقت حتى انتهاء الدورة العادية الحالية في 10 مايو/أيار القادم، وهي الأخيرة من عمر مجلس النواب الحالي، في ظل حديث متصاعد عن قرب حل المجلس، إلا إذا دعا الملك عبد الله الثاني لعقد دورة استثنائية.
وتجبر المادة 95 من الدستور الحكومةَ على وضع المقترح النيابي في صيغة مشروع قانون، وتقديمه للمجلس بالدورة نفسها، أو التي تليها، بما يعني حصر النواب بضرورة التحرك لتقديم القانون خلال الدورة الحالية، لأن عمر المجلس ينتهي بنهاية سبتمبر/أيلول من العام الحالي، وترحيله للحكومة والنواب القادمين.
الطراونة: المجلس يمتلك أدوات رقابية ودستورية لممارسة دوره الحقيقي لوقف اتفاقية الغاز (الصحافة الأردنية) |
أدوات نيابية فعّالة
ولقي المقترح النيابي انتقادات شعبية واسعة، إلا أنه لم يلغِ اتفاقية الغاز المبرمة، ولن يسري بأثر رجعي، حيث نصَّ على أن “يحظر على أي من وزارات ومؤسسات الدولة والشركات المملوكة لها أن تقوم باستيراد الغاز أو أي من المشتقات البترولية من الكيان الصهيوني”.
ويعلق رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة على الانتقادات بالقول إنه لا يجوز وضع العصا بالدواليب، وأن نتهم الحكومة بالمماطلة، فـ المجلس لم يتأخر في هذه الخطوة كما تدعي بعض الأصوات.
ويضيف للجزيرة نت أنه في مارس/آذار 2019 قدم مجلس النواب مناقشة عامة لاتفاقية الغاز إثر مذكرة وقع عليها أكثر من مئة نائب، وأصر على موقفه الرافض للاتفاقية.
ويتابع الطراونة حديثه بأن “صفة الاستعجال غير ملزمة للحكومة دستوريًا، لكن المجلس يمتلك أدوات رقابية ودستورية لممارسة دوره الحقيقي، ومن حق رئاسة الوزراء أن تدرس تبعات القانون والتريّث لأخذ الاستشارات القانونية”.
ويتفق نواب على ضرورة إضافة جملة “بأثر رجعي” بهدف إلغاء اتفاقية الغاز مع “الكيان الصهيوني” أثناء عرض القانون على المجلس.
ووصلت أولى دفعات الغاز الإسرائيلي مع بداية العام الحالي، وتنص الاتفاقية على تزويد المملكة بنحو 45 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي بقيمة عشرة مليارات دولار على مدار 15 عامًا، اعتبارًا من الأول من يناير/كانون الثاني 2020.
وأكدت وزارة الطاقة في وقت سابق أن ثمن العودة عن تلك الاتفاقية يبلغ 1.5 مليار دولار تدفع مرة واحدة شرطا جزائيا، لافتة النظر إلى أنه “لا يوجد كلفة على خط الغاز على الأردن”.
إرادة سياسية
ولم يصدر عن الحكومة أي تعليق على مقترح النواب، ويشير مصدر رسمي للجزيرة نت إلى أن الحكومة ملزمة بالتعامل بالدستور مع مقترح القانون، من خلال دراسته وإرساله إلى ديوان التشريع والرأي، ثم إعادته وعرضه على النواب.
ويشير المنسي -خلال حديثه مع الجزيرة نت- إلى أن الاتفاقية سياسية بطبعها، ومحكومة بالظرف السياسي الإقليمي، والأهم العلاقة المتوترة بين عمّان وتل أبيب بوجود تحرشات إسرائيلية مستمرة من خلال التلميح والتصريح ضد المملكة.
ويختم قوله بأنه لا توجد رؤية واضحة لدى الحكومة الحالية للاشتباك السياسي مع مجلس النواب في ملف الاتفاقية، خاصة وأن الكرة اليوم في ملعبها، إلا أنها تنتظر إشارة من أجهزة الدولة للتعامل وفق الخطة الرسمية القادمة سواء باستمرار تدفق الغاز أو وقفه.