إيران.. جدل حيال إطلاق قناة سويسرية لتأمين الغذاء والدواء
علق حاكم المصرف المركزي الإيراني على إطلاق سويسرا قناة لتأمين الغذاء والدواء والسلع الأساسية إلى بلاده، بالقول إن مجرد توفير آلية تقنية غير قادرة على نقل الأموال هو “إجراء غير كاف”، في حين رحب أحد أعضاء غرفة إيران للتجارة بالقناة وعبر عن أمله في أن تسهم في تسهيل نقل السلع الأساسية إلى البلاد.
وأعلنت السفارة السويسرية لدى طهران في صفحتها الرسمية على تويتر عن نجاح أول عملية نقل بضائع إنسانية تشمل مواد غذائية وأدوية بشكل تجريبي إلى إيران، في حين أعلنت متحدثة باسم وزارة الشؤون الاقتصادية السويسرية أن من المتوقع أن تعمل القناة الإنسانية بكامل طاقتها خلال أسابيع.
من جانبها، أعلنت الحكومة الأميركية في بيان مشترك مع نظيرتها السويسرية أن القناة بدأت عملها بالفعل، مما سيساعد في تزويد الشعب الذي يعاني المصاعب بالسلع السويسرية دون الاصطدام بالعقوبات الأميركية.
وقال البيان إن هيئة التنسيق السويسري لتجارة المواد الإنسانية (إس.إتش.تي.أي) تهدف إلى ضمان وجود قناة آمنة للدفع مع بنك سويسري، مقابل منتجات غذائية وطبية تصدرها شركات مقرها سويسرا إلى إيران.
وتزامن الإعلان عن القناة السويسرية مع فرض وزارة الخزانة الأميركية الخميس الماضي عقوبات على المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية ورئيسها علي أكبر صالحي.
وتشمل العقوبات الأميركية تجميد أصول المنظمة الإيرانية، وحظر جميع التعاملات معها من قبل الجهات الأميركية ومواطني الولايات المتحدة.
الموقف الرسمي
من جانبها، اعتبرت إيران تدشين القناة المالية السويسرية خير دليل على ما سمته “المزاعم الزائفة” بإعفاء الدواء والغذاء من العقوبات الأميركية.
وأضافت علی لسان المتحدث باسم بعثتها في الأمم المتحدة علي رضا مير يوسفي، أنه إذا كانت هناك إعفاءات لنقل الدواء والغذاء إلى إيران، فما الحاجة إذن إلى هذه القناة الخاصة؟ واتهمت الولايات المتحدة بممارسة إرهاب اقتصادي على الشعب الإيراني.
وفي السياق، ألقى حاكم المصرف المركزي الإيراني عبد الناصر همتي باللائمة على الولايات المتحدة لعرقلة الانتقالات المالية لمبادلة البضائع الأساسية ولا سيما الأدوية، وقال إن الجانب الأميركي إذا كان صادقا بشأن تأمين الدواء والسلع الزراعية، فعليه أن يقدم آلية مصرفية للتبادل المالي وشراء السلع الأساسية.
وتعليقا عن تغريدة السفارة السويسرية لدى بلاده، أوضح المسؤول الإيراني أن شحنة الدواء التي نقلت إلى إيران كانت تتويجا لمتابعات السفارة السويسرية وبطلب منها بقيمة 2.5 مليون دولار، تم تسديدها عبر أصول المصرف المركزي الإيراني في أحد المصارف السويسرية وعبر شركات هذه الدولة.
واعتبر همتي أن مجرد توفير آلية تقنية غير قادرة على نقل الأموال “إجراء غير كاف”، مؤكدا أن توفير آلية للنقل وتمويلها معيار مهم لتقييم مدى صحة المزاعم الأميركية، علی حد تعبيره.
من جانبه، رحب الناشط الاقتصادي عضو غرفة إيران للتجارة علي شريعتي بإطلاق القناة السويسرية للتبادل المالي، وأضاف أنه ينبغي ألا ننسی أن سويسرا هي راعية المصالح الأميركية في إيران وأن القناة بإمكانها أن تكون بشرى لحل مشاكل الأمراض في المرحلة الأولى، على أن تساهم في تسهيل نقل المواد الغذائية والسلع الأساسية إلى داخل البلاد في المراحل التالية.
وأضاف أن البعض قد يسخر من الآلية السويسرية بسبب منافعها المحدودة لإيران، مشيرا إلى عدم مصادقة بلاده على قانوني مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بعد مضي عام على مهلة مجموعة العمل المالي، وأضاف: عندما لا نتحدث مع العالم بلغة مالية دولية علينا أن لا نصوب سهام النقد الفارغ نحو القناة.
وذكر شريعتي أنه في خضم الضغوط المتزايدة على إيران إثر إسقاط دفاعاتها الجوية الطائرة الأوكرانية، فإن من الطبيعي ألا تلقى مثل هذه الأخبار صدى إيجابيا، بل هناك من لا يريد أن يسمعها داخل إيران.
وأضاف أنه بالرغم من جميع الصعوبات الموجودة، لكن على المستوى الإنساني لا بد من توفير أدوية الأمراض المستعصية والتي تعتبر ضرورية لزرع الأعضاء البشرية لإنقاذ حياة المرضى الإيرانيين، موضحا أن القناة تعتبر نقلة نوعية على المستوى التجاري وقد تساهم في تذليل العقبات عند استمرار عملها.
وكانت الخارجية الأميركية أعلنت في صفحتها الناطقة بالفارسية على تويتر أن الولايات المتحدة سمحت بتدشين المراحل الأولى من الآلية الإنسانية في سويسرا لمساعدة المرضى الإيرانيين، وأكدت أن نشاطات هذه القناة ستخضع لمراقبة دقيقة لقطع الطريق على النظام الإيراني من استغلالها.
وأكد المبعوث الأميركي الخاص بإيران برايان هوك أن ثلاث شحنات من أدوية السرطان وزرع الأعضاء أرسلت بالفعل إلى إيران عبر تلك القناة، وتم التعامل أيضا مع التحويل المالي.
وبالرغم من أن الغذاء والدواء غير مشمولين بالعقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على إيران بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، غير أن العديد من المصارف امتنعت عن التعامل مع طهران في إتمام الصفقات الإنسانية، بعد الإجراءات الأميركية التي استهدفت مبيعات النفط والنشاطات المالية الإيرانية.