المقاومة الفلسطينية ضد الاغتصاب الاسرائيلي: “قامات”.. أفلام تخلد النضال الفلسطيني ضد الاحتلال
تتجه أنظار الشاب الفلسطيني أنس الأسطة (27 عاما) لمدينة إسطنبول التركية، لعرض مجموعة أفلام أنتجها تسرد تجارب كفاح ونضال عايشها فلسطينيون خلال فترات مختلفة.
واتخذ الشاب الناشئ في مخيم عسكر للاجئين بمدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية، من تجربة اعتقال والده في سجون إسرائيل منطلقا لتوثيق تجارب نضالية فردية خاضها فلسطينيون، بهدف تعريف الأجيال بها.
واعتقل سمير الأسطة، والد أنس، لمدة 17 عاما متواصلة في السجون الإسرائيلية، بتهمة طعن جنود ومستوطنين إسرائيليين، لكن تفاصيل قصة اعتقاله ظلت غائبة عن الكثيرين، حتى تمكن أنس من جمع وثائق وصور له، وعرضها في فيلم قصير.
وعلى المنوال ذاته، نسج الشاب أنس أفلاما تروي حكايات أخرى شبيهة بقصة والده، ليؤسس بعد ذلك “قامات”، وهي مؤسسة غير ربحية هدفها توثيق تجارب النضال الفلسطيني، من خلال أفلام توثيقية أو تمثيلية، وجمع وثائق وأرشيفات نادرة في هذا المجال.
نجح أنس مع فريق قامات، في إنتاج 10 أفلام قصيرة، تتطرق لسير حياة وتجارب شخصيات فلسطينية مختلفة، منهم معتقلون سابقون وجرحى ومبعدون، ونساء واجهن معاناة السجن واللجوء، وقال أنس لمراسل وكالة الأناضول التركية إن “قامات هي المؤسسة الأولى من نوعها في فلسطين، المختصة في توثيق التجارب النضالية الفردية عبر أفلام وثائقية وندوات”.
وأضاف الأسطة في تصريحه أن “الأفلام تأخذ بالحسبان توثيق شخصيات مغمورة، لم يمنحها الإعلام حقها، ونراعي التعدد المناطقي والديني والاجتماعي”، مضيفا أن أبرز من وثقت “قامات” تجاربهم حتى الآن، الفلسطينية أم جبر وشاح من قطاع غزة، التي عرفتها كل سجون الاحتلال خلال زيارة نجلها المعتقل هناك، والشيخ الكفيف علي حنون، الذي لم يشفع له فقدان البصر من التعرض للاعتقال المتكرر، والأسير محمد إبراش، الذي فقد عينه داخل السجون الإسرائيلية.
ويطمح أنس وفريقه إلى عرض أفلامهم في مدينة إسطنبول، لقناعتهم بحجم التفاعل والدعم الذي سيتلقونه هناك، كما يأمل الأسطة أن تتمكن مؤسسة قامات من إنجاز عرض مسرحي حول شخصيات ومناضلين فلسطينيين، وإصدار مجلة شاملة عنهم، والوصول لأكبر عدد من المتابعين من أماكن مختلفة.
يرى سعيد أبو معلا، الناقد الفني الفلسطيني وأستاذ الإعلام في الجامعة العربية الأميركية بالضفة الغربية (غير حكومية)، أن هناك حاجة قوية لمشروع مثل قامات، لتعريف وتذكير الأجيال الجديدة بالتجارب النضالية واستحضارها.
وقال أبو معلا في تعليقه للأناضول “قامات فرصة لإعادة بناء وترميم الهوية والذاكرة الفلسطينية، ولكونها جهدا شبابيا خالصا، فهي تمثل حالة نبيلة يستوجب دعمها ورعايتها”، ولفت إلى أن هناك تقصيرا على المستوى الرسمي، وعلى مستوى المؤسسات الأهلية، وحالة من الانكفاء عن الاهتمام بالتجارب والمشاهد النضالية الماضية، مما أفقد الأجيال الجديدة المعرفة بها، وضياع كل ما قدمت للقضية، حسب تعبيره.
أما صالح مشارقة، أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت (غير حكومية)، فاعتبر أن فكرة قامات جاءت في الوقت المناسب، وغطت مساحة لم تغطها أي مؤسسة رسمية أو أهلية فلسطينية، وأشار مشارقة في حواره مع الأناضول، إلى أهمية توثيق وأرشفة ذاكرة المعتقلين بالسجون الإسرائيلية، ومشاهد الانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987، وتخليد قصصها، وبثها في مهرجانات خارج فلسطين، خاصة في مخيمات اللاجئين.
وأضاف مشارقة أن هذا “عمل شجاع يسهم في حماية الذاكرة الوطنية، بما لم تفعله أي مؤسسة أخرى تحكمها شروط التمويل ومعاييره، مما يضع الكثير من المحاذير على طبيعة الأعمال التوثيقية”، مشيرا إلى أن الأهم هو تجاوز قامات التقسيمات السياسية والحزبية، وقفزها فوق تلك التصنيفات الضيقة، وأعرب عن أمله أن تتلقى المؤسسة دعما واهتماما من كافة الجهات، لأهمية الدور الذي تلعبه في حماية الموروث الثقافي الفلسطيني.