التلاعب التركي بالسوريين: إردوغان يضغط على أوروبا باللاجئين ويهدد دمشق بعد مقتل جنوده اثناء دعمهم للارهابيين
هدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان السبت بالسماح لعشرات آلاف اللاجئين بالتوجّه إلى أوروبا بينما حذّر من أن دمشق “ستدفع ثمن” هجوم أودى بأكثر من 30 جنديا تركيا في سوريا.
في هذه الأثناء، اندلعت قرب الحدود التركية صدامات بين الشرطة اليونانية وآلاف المهاجرين الذين تجمعوا عند نقطة العبور إلى أراضي الاتحاد الأوروبي.
وألقى مهاجرون شباب الحجارة على عناصر شرطة مكافحة الشغب اليونانية وسط الغاز المسيل للدموع.
وأجرت تركيا وروسيا، اللتان تدعمان قوى متعارضة في النزاع السوري، محادثات لنزع فتيل التوتر عقب مقتل الجنود الأتراك في هجوم أثار مخاوف من اندلاع حرب أوسع وأزمة هجرة جديدة في أوروبا.
لكن إردوغان زاد من حدة القلق السبت متعهّدا بالسماح للاجئين بالتوجّه إلى أوروبا من تركيا التي قال إنها لم تعد قادرة على التعامل مع موجات جديدة من الفارين من سوريا. وتستضيف تركيا حاليا 3,6 ملايين لاجئ سوري.
وتصريحات إردوغان هي الأولى الصادرة عنه بعد مقتل 34 جنديا تركيا منذ الخميس في محافظة إدلب حيث تشن قوات النظام السوري بدعم روسي منذ كانون الأول/ديسمبر هجوماً واسعاً ضد مناطق تسيطر عليها هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أخرى وتنتشر فيها قوات تركية. وتمكنت القوات السورية من إحراز تقدم كبير على الأرض خلال الأسابيع الماضية.
وقال أردوغان في كلمة في اسطنبول “ما الذي قمنا به بالأمس؟ فتحنا أبوابنا”، مضيفاً “لن نغلق هذه الأبواب (…) لماذا؟ لأن على الاتحاد الأوروبي أن يفي بتعهداته”.
ووقعت تركيا والاتحاد الأوروبي اتفاقاً عام 2016 يهدف إلى وقف تدفق المهاجرين عبر الحدود مقابل تقديم بروكسل مساعدات بمليارات الدولارات لأنقرة.
وفي أثينا، عقد رئيس الوزراء كرياكوس ميتسوتاكيس اجتماعا طارئا لمناقشة مسألة الحدود.
وقال إردوغان إن 18 ألف مهاجر تجمّعوا عند الحدود بين تركيا وأراضي الاتحاد الأوروبي منذ الجمعة، مضيفا أن العدد قد يصل إلى 30 ألفا السبت.
ووقعت مناوشات بين آلاف المهاجرين العالقين في بازاركول عند الحدود التركية-اليونانية وعناصر الشرطة اليونانية السبت التي أطلقت الغاز المسيل للدموع في محاولة لإبعادهم، بحسب مصور فرانس برس في أدرنة (في غرب تركيا).
وأكد اللاجئ السوري أحمد برهوم أنه عالق عند الحدود منذ الجمعة. وقال لفرانس برس “إذا لم يفتحوا (الحدود) فسنحاول العبور بطرق غير شرعية. لم يعد من الممكن أن نعود لاسطنبول”.
وأفاد لاجئ مصري “آمل أن يسمحوا لنا بالعبور في نهاية المطاف لنتمكن من بدء حياة جديدة في أوروبا يستحقها البشر”.
– دوريات وغاز مسيل وطائرات مسيّرة –
وفي 2015، أصبحت اليونان نقطة الدخول الرئيسية إلى الاتحاد الأوروبي لمليون مهاجر، معظمهم لاجئون فروا من الحرب السورية. وانقسم الاتحاد الأوروبي بشأن كيفية التعامل مع تدفق اللاجئين.
وقال المتحدث باسم الحكومة اليونانية ستيليوس بيتساس السبت عقب الاجتماع الطارئ مع ميتسوتاكيس “تعرّضت اليونان بالأمس لهجوم منظّم وكبير وغير شرعي (…) انتهاك لحدودنا”.
وأضاف “أحبطنا أكثر من أربعة آلاف محاولة للدخول بشكل غير شرعي عبر حدودنا البرية”.
وأفاد مصدر في الشرطة اليونانية أن قوات الأمن أطلقت الغاز المسيل السبت باتّجاه مهاجرين كانوا على الجانب التركي من الحدود ردا على إضرامهم النيران ومحاولتهم إحداث فجوات في السياج الحدودي.
وانتشرت دوريات لقوات الشرطة المسلحة والجيش على ضفاف نهر إيفروس، الذي يعد نقطة عبور معتادة، و حيث استخدم عناصر الأمن مكبّرات الصوت للتحذير من دخول الأراضي اليونانية. واستُخدمت كذلك طائرات مسيّرة لمراقبة تحركات المهاجرين.
وقال وزير الدفاع اليوناني نيكوس بانايوتوبولس لقناة “سكاي” التلفزيونية “أعتقد أنه تمت حماية الحدود”.
وبحسب حرس الحدود اليونانيين، وصل 180 مهاجرا منذ صباح الجمعة حتى صباح السبت إلى جزر شرق بحر إيجه وليسبوس وساموس بحرا.
وأفادت الأمم المتحدة أن نحو مليون شخص، نصفهم من الأطفال، نزحوا وسط البرد القارس جراء القتال في شمال غرب سوريا منذ كانون الأول/ديسمبر.
– “ستدفع الثمن” –
الى ذلك، أعلنت تركيا أنها دمرت “منشأة للأسلحة الكيميائية تقع على بعد 13 كيلومتراً جنوب حلب (شمال)، فضلاً عن عدد كبير من الأهداف التابعة للنظام” السوري، في إطار ردّها على مقتل جنودها في إدلب.
وأكّد إردوغان أن القوات السورية “ستدفع ثمن” هجماتها ضد الجنود الأتراك. وقال “لا نريد أن تصل الأمور إلى هذه النقطة لكن يرغموننا على ذلك، سوف يدفعون الثمن”.
لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن ما استهدفته تركيا كان مطارا عسكريا في شرق حلب لا يحوي أسلحة كيميائية. ونفى التلفزيون السوري كذلك وجود هذه المنشأة.
وقتل 33 جنديا تركيا في غارة جوّية نفّذتها قوات النظام السوري المدعومة من روسيا الخميس، في أكبر خسارة عسكرية يتعرّض لها الجيش التركي في ساحة معارك منذ سنوات. ولقي جندي تركي هو الـ34 حتفه لاحقا.
وارتفع عدد الجنود الأتراك الذين قُتلوا في إدلب في شباط/فبراير إلى نحو 50.
ورفعت الحادثة الأخيرة منسوب التوتر بين أنقرة وموسكو، وسط انتهاكات لاتفاق أبرم بينهما في سوتشي سنة 2018 لمنع هجوم النظام السوري على إدلب.
ويهدد التوتر بتوسيع الهوة بين أنقرة وموسكو، التي تُعتبر الداعم الرئيسي للنظام السوري. وعلى الرغم من اختلافهما بشأن أطراف النزاع السوري، تنسق روسيا وتركيا في مسائل عدة على صلة بالملف، وتتعاونان منذ سنوات في مجالات الدفاع والطاقة.
وأقامت أنقرة بموجب اتفاق سوتشي 12 نقطة مراقبة في المحافظة، إلا أن قوات النظام السوري مضت قدما بحملتها لاستعادة المنطقة بغطاء جوي روسي.
وتحدّث إردوغان هاتفيا الجمعة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في محاولة لخفض التصعيد، بيما أفاد الكرملين أنهما أعربا عن “قلقهما البالغ” حيال الوضع.
وقد يتوجّه إردوغان إلى موسكو الأسبوع المقبل لإجراء محادثات، بحسب الكرملين. لكن الرئيس التركي واصل انتقاداته لروسيا السبت.
وقال “سألت السيد بوتين: +ماذا تفعلون هناك؟ إذا كنتم تريدون إنشاء قاعدة، فافعلوا ذلك، لكن ابتعدوا من طريقنا واتركونا نواجه النظام (السوري)”.