مدير المخابرات المصرية في الخرطوم.. بعيد محاولة اغتيال رئيس الوزراء السوداني
وعلى الفور، انخرط المسؤول المصري في مباحثات شملت كلا من رئيس المجلس السيادي الانتقالي عبد الفتاح البرهان ورئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك ومحمد حمدان حميدتي نائب رئيس المجلس السيادي، كل على حدة.
ونقل كامل رسالة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى البرهان أكد فيها “وقوف مصر وتضامنها مع الحكومة الانتقالية والشعب السوداني في مواجهة المحاولة الإرهابية التي تعرض لها رئيس الوزراء، ودعمها لاستقرار السودان”.
وبحسب تصريح مدير المخابرات السوداني الفريق أول جمال عبد المجيد مساء أمس الاثنين، فإن “لقاء مدير المخابرات المصري مع رئيس المجلس السيادي ونائبه الأول ناقش عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وضرورة التنسيق في المحافل الإقليمية والدولية”.
توقيف سابق
وأكد مسؤولون أمنيون تحدثوا للجزيرة نت أن هناك صلة وثيقة بين زيارة كامل المفاجئة للخرطوم وحادثة التفجير التي استهدفت موكب رئيس الوزراء، خاصة أن السلطات السودانية أعلنت الشهر الماضي توقيف عناصر تتبع لخلية “إرهابية” قالت إنها تتبع لجماعة الإخوان المسلمين المصرية أثناء تحضير عناصرها عبوات ناسفة في أحد المنازل بضاحية الحاج يوسف شرق العاصمة، وتتكون الخلية من مصريين وسوريين وأتراك وسودانيين.
وبحسب تقارير صحفية، فإن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على 8 مصريين، بينهم خبير متفجرات، وكانت خطة الخلية تنفيذ اغتيالات لبعض المسؤولين وقادة الأحزاب السياسية.
وبعد الإعلان عن محاولة اغتيال حمدوك قالت مصادر شرطية إن الأجهزة الأمنية اعتقلت أجنبيين وأخضعتهما للتحقيق على خلفية الانفجار.
وبحسب معلومات حصلت عليها الجزيرة نت، فإن أحد الموقوفين مصري الجنسية، بينما الآخر سوري يقطن بالقرب من موقع الانفجار، وكانت سيارته تقف قرب العربة التي تضررت بشكل كامل بسبب الانفجار، وتأكد الإفراج عن الرجلين بعد التحقيق معهما.
وقالت رئاسة الشرطة السودانية في أحدث تصريح مساء الثلاثاء “إن المادة المستخدمة في التفجير كانت عبوة متفجرة زنة 750 غراما تم زرعها على جانبي الطريق، وهي عبوة مصنعة محليا مكونة من مادة (أزيد الرصاص) N3 pb شديدة الحساسية التي تحدث أصواتا عالية عند الانفجار وحفرة بطول 90 سم وعرض 65 سم وعمق 25 سم”.
ويعزز هذا الإعلان فرضية العلاقة بين الخلية الموقوفة التي كانت تصنع المتفجرات محليا ومحاولة استهداف موكب رئيس الوزراء.
اختبار الخرطوم الجديدة
ويرى المحلل السياسي عبد الله رزق أن أمر الخلية المضبوطة في “الحاج يوسف ” الشهر الماضي يهم القاهرة بالدرجة الأولى، لذلك جاءت زيارة مدير المخابرات للخرطوم، خاصة مع علم القاهرة بأن النظام السابق كان يستضيف الإخوان المسلمين المصريين ويقدم لهم الدعم ويسهل حركتهم، وبالتالي نشاطهم المعادي الذي يجري داخل مصر.
ويقول رزق للجزيرة نت “إنه في وقت لاحق تم الإعلان عن أن الخلية تخطط للقيام بتفجيرات واغتيالات تستهدف ضمن آخرين عبد الله حمدوك، لذلك فإن المحاولة التي استهدفت الرجل يوم الاثنين تعيد للأذهان احتمال مباشرة عناصر غير مقبوض عليها حتى الآن في تنفيذ المخطط”.
ويتابع “بكل تأكيد، يهم مصر الاطلاع على معلومات الجانب السوداني، وما إذا كانت آثار الحادث ستمتد لمصر، وعما إذا كان ثمة مصريون ضالعين فيه، والأهم من ذلك مدى التزام الحكم الجديد في السودان بطرد عناصر الإخوان المسلمين المصريين من السودان وعدم إيوائهم وتسليم من تطلبه مصر، علاوة على التعاون الثنائي فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب ومراقبة الحدود المشتركة للبلدين”.
وتلك المطالب -كما يقول رزق- كانت تضعها القاهرة دائما على طاولة حكومة البشير ولا تجد سوى المماطلة في التنفيذ، لذلك فهي تسعى بين الحين والآخر لتختبر مدى التغير في سياسة الخرطوم باتجاه لعب دور أكثر إيجابية في إطار العلاقة مع القاهرة.
ويقول إن “زيارة مسؤول المخابرات المصري إلى جانب ما سبق الإشارة اليه تنطوي على محاولة لاستكشاف جديد فرص التعاون الثنائي في محاربة الإرهاب، على خلفية أن البلدين يواجهان نفس العدو، الأمر الذي يقتضي أوثق تنسيق ممكن بينهما”.
ملفات متراكمة
وبالنظر إلى ما هو من رائج في الأوساط السياسية والإعلامية عن علاقة المخابرات المصرية بملف العلاقة مع السودان منذ وقت طويل فإن زيارة المسؤول الأمني المصري لا يمكن حصرها في قضية واحدة.
فثمة ملفات أخرى لا تقل أهمية من زاوية الأمن القومي المصري، والتي يتعين التداول بشأنها مع الخرطوم، وتأتي في مقدمتها، مسألة سد النهضة، وآخر تطوراتها والتي أفرزت موقفا جديدا للسودان يبتعد عن الموقف المصري الذي حشدت له القاهرة دعم الجامعة العربية.
وهذا بالضبط ما يراه الكاتب الصحفي محمد حامد جمعة، حيث يعتقد أن زيارة اللواء عباس كامل للخرطوم وثيقة الصلة بملف سد النهضة، وأنها كانت مقررة ضمن مخرجات اجتماع اللجنة المصرية العليا لسد النهضة المكونة من رئيس الوزراء وأجهزة الأمن والخارجية.
ويعتقد جمعة أن الرئيس السيسي استقر رأيه على ابتعاث كاتم أسراره ومدير مكتبه السابق ثم مدير مخابراته إلى الخرطوم، للحديث مع السلطة الانتقالية وتحديدا المكون العسكري، مضيفا “لا أعتقد أن زيارة اللواء كامل استدعاها حادث الاثنين”.
ويقول إن “المؤكد أن ملف سد النهضة كان على أولى الأولويات إيضاحا أو معالجة، خاصة بعد أن استشعرت القاهرة تحولات لم تبد لها مريحة في الموقف الدبلوماسي للخرطوم من واقع ما ظهر في اجتماعات الجامعة العربية، وصدف وتزامن مع الزيارة حادث حمدوك الذي قد يكون أضاف نقاشات جدية مع الحكومة السودانية حول ضرورة الإحكام والسيطرة عسكريا”.