جنيه حمدوك.. حملة في السودان لدعم الاقتصاد المتهالك
مع تفاقم أزمة الاقتصاد في السودان واستحكام حلقاته، تداعى آلاف السودانيين في الداخل والخارج لتدشين حملة إسعافية تمكن من الإسهام في التغلب على الوضع المتفاقم، ومساعدة الحكومة التي يقودها رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لتعبر أزمتها المالية.
ودشن ناشطون هذا الأسبوع في مقر بنك السودان المركزي حملة شعبية لدعم الاقتصاد الوطني باسم “دولار الكرامة” للإسهام في استقطاب الدعم الشعبي، تهدف بالأساس لتوفير أموال بالعملات الأجنبية والمحلية لدعم الخزينة العامة للدولة، على أن تكون الحملة تحت ولاية وزارة المالية وإشراف بنك السودان المركزي.
ومنذ ظهور بوادر التغيير في السودان خلال احتدام الاحتجاجات على النظام السابق بفعل الضائقة المعيشية في أبريل/نيسان المنصرم، وبعد الإطاحة بنظام الرئيس عمر البشير، طرح شباب في ميدان الاعتصام بمحيط القيادة العامة مقترح الدعوة للمساهمة في دعم الخزينة العامة بحملة تبرعات من سودانيي الخارج، بالنظر إلى خلو بنك السودان من العملات الأجنبية.
لكن ثمة تعقيدات كثيفة حالت دون بدء الحملة بشكل فعلي، من بينها معاناة المصارف السودانية من عدم القدرة على التعامل مع نظيراتها الخارجية بما يحول دون إكمال التحويلات من الخارج، قبل أن يعمد بنك السودان قبل أيام إلى تنشيط الفكرة في أعقاب تأكيد مسؤولين أميركيين عدم وجود مشكلات تحول دون تعامل السودان مع المصارف الخارجية، والتي كانت تخشى الخوض في التعاملات مع الخرطوم بسبب وضعه على قائمة الدول الراعية للإرهاب.
وصادق البنك المركزي على فتح حسابين للحملة أحدهما باسم “دولار حمدوك” وآخر باسم “جنيه حمدوك” للتحويلات المحلية، وبالفعل بدأ المواطنون على الفور دعم الحملة ولاقت استجابة واسعة، كما شرع آلاف السودانيين في تحويل المبالغ على أرقام حسابات جرى تحديدها في بنوك بعينها أو عبر الهواتف النقالة.
ويقول المدير السابق للبنك الزراعي السوداني صلاح الدين حسن أحمد -للجزيرة نت- إن هذه الحملة لم تكن الأولى في تاريخ الشعب السوداني، حيث شهد على مرّ التاريخ دعوات شبيهة بينها “جنيه الكرامة”، وهي حملة أطلقت خلال عهد الرئيس السابق جعفر نميري، كما تداعى السودانيون للتبرع من أجل حفر قناتي مشروع “كنانة والرهد” خلال حقبة التسعينيات.
وتابع “في ظل الظروف الحالية للسودان، أصبح من الضروري إطلاق حملة لدعم حكومة الفترة الانتقالية خاصة مع تراجع الدعم الدولي، حيث لا يوجد دعم واضح حتى الآن، وربما يعود ذلك إلى المشكلات الكبيرة التي يعانيها العالم في ظل تراجع أسعار النفط وانتشار مرض كورونا، مما أدى إلى تراجع البورصات في العديد من دول آسيا وأوروبا إلى جانب دول الخليج التي شهدت خسائر كبيرة لتراجع قيمة الأسهم”.
إيجاد مخرج
وبات من الضروري في ظل الوضع الحالي -كما يقول صلاح الدين- أن تجلس الحكومة والاقتصاديون للتفكير في إيجاد مخرج للمحافظة على تماسك البلاد، في ظل المتغيرات المحلية والعالمية والخسائر الكبيرة التي بلغت أكثر من ستة تريليونات دولار خلال الأشهر الأخيرة بسبب فيروس كورونا.
وتعتقد الصحفية المهتمة بالشأن الاقتصادي عايدة قسيس أن دعم المواطنين وإقالة عثراتهم المعيشية هو واجب الحكومة، لكن البلاد في الوقت الراهن تمر بظروف استثنائية تتطلب التكاتف من كافة أبناء الوطن لدعم اقتصاد بلادهم والاستفادة من تراث الحملات والمبادرات السابقة لدعم البلاد.
وكما تقول للجزيرة نت فإن عددا كبيرا من أفراد الشعب السوداني المقتدرين بإمكانهم الإسهام في إنقاذ اقتصاد البلاد، وتشير في هذا الخصوص إلى مبادرة شبيهة أطلقها خريجو الإدارة والاقتصاد في جامعة الخرطوم الذين يعمل عدد كبير منهم في الخارج، تهدف لجمع مليار دولار لدعم الاقتصاد، وتوقعت أن تحصد الحملة نجاحا خاصة حال الترويج لها وسط مختلف القطاعات.
وغير بعيد من هذه المساعي، أعلن نائب مدير الشركة السودانية للموارد المعدنية السودانية مبارك أردول عن اعتزام وزارة الطاقة والتعدين إطلاق حملة وطنية تحت شعار “غرام للوطن”، لفتح الباب أمام المواطنين للمساهمة بما يعادل غرام ذهب واحدا من أجل الوطن، بحسب ما جاء في تغريدته.
وفي عواصم خليجية، طرح سودانيون في 6 مارس/آذار الجاري مبادرة أخرى لدعم الاقتصاد، بالدعوة لتأسيس شركة عامة لشراء الذهب وتصديره بالسعر العالمي وبالعملات الحرة، بحيث توفر عائدات صفقات الذهب التي ستبرمها الشركة العملات الصعبة التي تحتاجها الحكومة.
رؤية مختلفة
وبلغت قيمة السهم الواحد 500 دولار، غير أن الالتزام حتى الآن اكتمل بمبالغ تراوحت ما بين ألف و10 آلاف دولار للفرد الواحد.
ولخالد محمد -وهو موظف في إحدى المنظمات الدولية- رؤية مختلفة، مفادها أن الشعب السوداني عرف واستفاد من قيم النفير سواء في الحصاد أو المناسبات الاجتماعية، لكن أن تنسحب تلك القيم على إطلاق حملة شعبيه لدعم اقتصاد بلد كامل فالمعايير تختلف، بحكم أن دعم الدولة يجب أن تتوفر له آليات مخصصة تعتمد الشفافية والمصداقية.
ونبّه إلى ضرورة توضيح الغرض من حملة الدعم، بمعنى هل ستكون بمدى زمني معين أم طوال الفترة الانتقالية؟ كما لا بد من أن يكون هناك تعزيز للفكرة الوطنية الجامعة لضمان نجاح الحملة من أجل السودان وعدم ربطها باسم رئيس مجلس الوزراء عبد الله حمدوك.