إقتصادصحة وغذاءكتاب وآراء

الربح والخسارة من ازمة كورونا فرديا وجماعيا

د احمد دياب*

خفضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها للنمو لعام 2020 لجميع الاقتصادات تقريبًا. وقالت المنظمة أن النمو الاقتصادي المتوقع الذي ستحققه الصين سينخفض من 5.7 إلى 4.9، أما الاقتصاد العالمي فسينخفض متوسط نموه من 2.9 إلى 2.4، كما سيتباطأ قطاع التصنيع في الصين وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول التي اجتاحها الوباء، وسيترتب على ذلك انخفاض إنفاق المستهلكين تدريجيا بسبب حالة عدم اليقين مما سيقلص قطاع الخدمات مثل متاجر البيع بالتجزئة والمطاعم والفنادق والطيران والسياحة، كما سيؤدي انخفاض النشاط الاقتصادي العالمي إلى انخفاض الطلب على النفط ومن ثم انخفاض أسعاره، مع الوضع في الاعتبار أن الصين هي أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، كما أنها أكبر مصدِّر في العالم، ومسؤولة عن ثلث التصنيع العالمي.

كل ذلك يخلق حالة من عدم اليقين بين المستثمرين في أسواق المال العالمية تتسبب في انخفاض أسعار الأسهم، ورفع أسعار السندات، مما أدى إلى انخفاض العائدات في الاقتصادات الكبرى، مثل الولايات المتحدة، مما سيضطرها إلى خفض أسعار الفائدة. وسيضر ذلك بالشركات الصغيرة، وستزداد حالات الإفلاس والبطالة بسبب انخفاض الطلب وتوقف سلاسل التوريد وانخفاض كمية المنتجات السلعية.

هناك قيود كبيرة مفروضة في العديد من الدول الأوروبية، تراوحت بين إغلاق المدارس والجامعات وإغلاق المؤسسات الحكومية ودور المناسبات العامة والأوبرا والمتاحف، وعدم السماح بإقامة فعاليات اجتماعية أو رياضية تضم أكثر من 1000 شخص وإغلاق المطاعم والمقاهي ودور السينما ومراكز التسوق وحظر السفر ومنع استقبال مسافرين من البلاد التي ينتشر بها الوباء، وصولا إلى عزل البلاد بأكملها وتطبيق الحجر الصحي على جميع سكانها مثلما حدث مع 60 مليون مواطن في إيطاليا التي تعد تاسع أكبر اقتصاد في العالم. تلك الإجراءات والتدابير الاحترازية التي اتخذت لمحاولة الحد من انتشار الوباء، ستؤثر تداعياتها على المدى المتوسط والبعيد على الاقتصاد العالمي وتزيد من انكماشه وقد تصل به إلى حالة من الركود الذي يحتاج إلى وقت طويل حتى يتعافى.

يتوقف تقليل الخسائر الاقتصادية على سرعة إنهاء تفشي الوباء، وبالتالي توقف حالة الفزع العامة المبررة والغير مبررة بين المستهلكين، التي انعكست على فزع المستثمرين المتعمد والغير متعمد في أسواق المال التي ستظهر آثارها قريبا على الأوضاع الاقتصادية في كل الدول.

سواء كانت تلك الأحداث كلها ناتجة عن مؤامرات يحيكها كبار السياسيين والمسؤلين بالاتفاق مع أسيادهم من كبار لصوص المال أو أن جميع هؤلاء يحاولون فقط تحقيق أقصى استفادة وأعلى مكاسب من الوضع الراهن الذي وجدوا أنفسهم فيه، وسواء كنت أنت من الداعمين لنظريات المؤامرة المنتشرة أو من المناهضين لها، فإن هذا لن يعفيك أنت وأفراد أسرتك وأقاربك وأصدقاءك من التأثر بشكل مباشر أو غير مباشر بكل ما يحدث إما صحيا أو ماديا.

على كل حال، ستنتهي الأزمة وسيكون هناك رابحون وخاسرون، وما دمت لا تنتمي إلى طبقة الـ1% الثرية في مجتمعك أو على الأقل طبقة الـ10% ، فاحتمالية أن تكون من الرابحين تصبح ضعيفة جدا. هذا ما اعتادنا رصده دائما بعد كل أزمة اقتصادية، سواء كان حدوثها عفويا أو مفتعلا.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى