لماذا حذّر الرئيس الإيراني من وباء طويل الأمد بعد تفشي
تباينت الآراء في إيران حيال تصريحات الرئيس حسن روحاني عن احتمال استمرار وباء کورونا لعامين قادمين، بين من رآها ترمي لتهيئة الشعب لمواجهة أزمة طويلة الأمد، وآخرين أكدوا على ضرورة أخذها على محمل الجد، إذ تأتي بناء على تقارير موثوقة.
وقال روحاني أمس في اجتماع المجلس الوزاري إن بلاده تجاوزت ذروة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) في بعض المحافظات، وإن الوباء أخذ منحى تنازليا، داعيا إلى تهيئة ظروف المجتمع لمواجهة الجائحة والتعايش معها حتى توفرِ دواء أو لقاح.
وأضاف روحاني “أود أن أوضح لأبناء شعبنا أن قضية كورونا ليست أزمة يمكن أن تنتهي في أسبوع أو شهر في إيران أو في العالم، لقد جاء هذا الفيروس ودخل إلى المجتمع، ومن الممكن أن يبقى لسنة أو سنتين”.
هذا الحديث أثار قلق شريحة من المجتمع عبرت عنه على منصات التواصل الاجتماعي، في حين اعتبره خصومه السياسيون تبريرا لفشل الحكومة في احتواء الفيروس بعد فشلها في الحؤول دون وصوله إلى البلاد.
وباء طويل الأمد
غير أن الطبيب المتخصص في الأمراض المعدية الدكتور شهاب يوسفي فر دافع عن أداء الحكومة في مكافحة تفشي كورونا، قائلا إنه نظرا للإمكانات المحدودة المتوفرة لا سيما في ظل العقوبات الأميركية، فإن ما قامت به الحكومة حتى الآن فاق التوقعات، وقد سجل الطاقم الطبي الإيراني كفاءة عالية في مكافحة الجائحة العالمية.
وقرأ -في حديثه للجزيرة نت- كلام روحاني في دائرة التمهيد لمواجهة وباء قد تطول فترة تفشيه، معتبرا أن تصريحات روحاني تأتي بناء على تقارير الأطباء واللجان المتخصصة، ولا بد أن تؤخذ على محمل الجد.
ومن وجهة نظر الطواقم الطبية، أكد يوسفي فر أن الفيروس الجديد لا يزال مجهولا، ولا نعرف عنه الكثير، وعليه فإن العديد من الفرضيات قائمة بشأنه، منها عدم توفر لقاح له في المستقبل القريب، أو استمراره حتى في فترة الصيف، رغم احتوائه نسبيا، لكن لا يعني ذلك القضاء عليه نهائيا.
اتهامات وضغوط
سياسيا، يواصل خصوم روحاني انتقاداتهم لحكومته لما يعتبرونه فشلا في الحد من انتشار الفيروس، والتأخر في اتخاذ إجراءات احترازية كان من شأنها أن تحول دون انتشار الوباء في جميع المحافظات.
فقد أشار السياسي المحافظ الفائز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة نظام الدين موسوي إلى مقولة المحلل الإصلاحي عباس عبدي الذي عزا سبب تأخر حكومة روحاني في اتخاذ قرارات صارمة إلى اعتقادها بأن الوباء يشكل فرصة ثمينة لرفع العقوبات، واصفا رؤية الحكومة هذه بأنها كارثية أكثر من جائحة كورونا.
واتهم موسوي في سلسلة تغريدات له على تويتر، حكومة الرئيس روحاني بالتقاعس في التصدي للفيروس الجديد. وفي إشارته إلى تطبيق خطة التباعد الاجتماعي القاضية بوضع قيود على الحركة وتنقل المواطنين بين المحافظات، تساءل عن الجهات التي لا بد أن تتحمل مسؤوليتها في تزايد الإصابات وارتفاع الخسائر جراء التفشي.
كما انتقد أداء الحكومة في رفضها فرض الحجر الصحي الشامل لا سيما على المدن والمناطق الموبوءة، معتبرا عدم الانصياع لتوجيهات المتخصصين يشكل العامل الرئيسي في تفشي الفيروس واستمراره لفترة أطول.
وكان روحاني دعا خصومه السياسين إلى مؤازرة حكومته في التصدي للفيروس وتجاوز المحنة، مؤكدا أن الظروف الراهنة غير ملائمة للنزاع السياسي أو الحزبي.
رؤية روحاني
أما المحلل السياسي سياوش فلاح بور فرأى أن تصريحات روحاني الأخيرة تدل على وتيرة مواكبته للوباء على غرار نظرائه الغربيين حيث واجهوا الكارثة بعد رفض وإنكار فاعتراف، ثم الحديث عن أبعاد الكارثة لمواطنيهم.
وقال في حديثه للجزيرة نت إن الغموض الذي يلف الفيروس أدى إلى ارتباك العديد من حكومات العالم في التصدي له، وإن الانتقادات الموجهة لحكومة روحاني قد لا تكون في محلها، موضحا أن المراقبين في العالم يثنون على أداء السلطات الطبية في إيران.
وأضاف “لا يمكننا أن ننكر تأثير العقوبات الأميركية على شتى القطاعات الإيرانية منها الجهاز الطبي”، موضحا أنها عرقلت تنمية الجهاز الطبي خلال السنوات الماضية وتزويده بالمستلزمات اللازمة.
وبينما استبعد أن تؤدي مساعي طهران إلى رفع العقوبات عن إيران، أكد فلاح بور أن ما ورد على لسان روحاني بشأن احتمال استمرار الوباء خلال فترة قد تصل إلى عامين ليس رأيا شخصيا، وإنما هو توجه عالمي أصبح يردده الكثير من زعماء العالم.