كتاب وآراء

ما الفرق بين كورونا سوريا، وكورونا العالم!

ماهر المونس*

يتمدد كورونا الوحش ويُمسك بأنيابه دول العالم، فيُطيح بها على حافة الانهيار، ولا يُميّز بين شعب وآخر، ولا يعي أعراقاً أو أدياناً أو حدوداً. مع ذلك، تبدو أعباؤه في سوريا مضاعفة لعدة نقاط، ألخصها فيما يلي:

1. الحرب: يزور كورونا سوريا، البلد المُنهك من تسع سنوات من الصراع، ودخلت الحرب فيه العام العاشر، الحرب تعني استنزاف المقدرات البشرية والمادية واللوجستية.. كورونا أنهك دولاً مُزدهرة اقتصادياً، أو على الأقل لا تعاني من أزمات كبيرة، فكيف هو الحال بسوريا؟

2. النظام الصحي: استنزفت الحرب النظام الصحي على مدار سنوات، ونفدت الكثير من الموارد الطبية الأساسية، أما المشافي والمستوصفات فقد تعرّض كثيرٌ منها للدمار أو التخريب، كُلياً أو جزئياً.

3. الكوادر الطبية: هاجر خلال الحرب آلاف الأطباء وطلاب كليات الطب إلى أوروبا وأميركا، ويُخشى من نقص في اليد العاملة الطبية، مقارنة مع دول تتزايدُ فيها أعداد الأطباء.

4. العقوبات: أعاقت العقوبات وصول الكثير من أصناف الأدوية إلى سوريا (قيود مصرفية، قيود تجارية، منافذ محدودة)، ومع إغلاق الهند لحدودها البحرية والتجارية، خسرت سوريا بلداً هاماً كان يورّد الأدوية متجاوزاً العقبات.
والعقوبات تشملُ أيضاً حظر سوريا عن مصادر المعلومات، فالكثير من المواقع تمنع وصولك إليها لمجرّد أنك مقيم في سوريا (الكثير من مواقع الترفيه التي فتحت أبوابها مجاناً من أجل تعزيز الحجر المنزلي الصحي غير مُتاحة في سوريا أيضاً).

5. مفهوم الخوف: خلال سنين من مجاورة الموت، ارتفعت عتبة الخوف أو مفهوم الخطر لدى السوريين، الناس اعتادوا ترك الأمور “على الله”.. من الصعب إعادة تصدير الفايروس على أنه خطر.. وقد عاش الناس لسنوات تحت وطأة انفجارات أو بجوار خطوط النار.. من الصعب إدارك خطورة “فيروس صامت غير مرئي.. وقاتل مستبد” في الوقت ذاته.. ربما الحرب أكسبتهم “مناعة” ضد الخوف!

6. الفقر: تتحدث الأمم المتحدة عن أرقام مخيفة في نسبة انتشار الفقر في سوريا بعد سنوات الحرب، وجملة مثل “نموت من الكورونا أحسن ما نموت من الجوع” قيلت وتُقال مراراً.

7. الجلوس في المنزل ليس (دائماً) خياراً: في الوقت الذي قد يشعرُ فيه البعضُ بالملل، أو الضجر جراء الجلوس في المنزل أو العمل من البيت، فإن كثيراً من السوريين لا يتمعون برفاهية هذا الخيار، وهم مضطرون ومجبرون للخروج والعمل من أجل تأمين قوت يومهم.

8. أخيراً، انفق السوريون كلّ مدخراتهم خلال الحرب، خسر الكثير منهم منزلاً أو عملاً، استنزفت مقدرات التحمّل، لم يعد في الجعبة أية ذخائر يُمكن الاستنادُ عليها، وهذا ليس استعطافاً أو طلباً للرأفة، وإنما توضيح لحالة شعب من شعوب الأرض.. يواجه كورونا مع أقرانه من بني آدم، لكن الفرق الوحيد أن القدر جعله في داومة الحرب.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى