إيران تعيد ببطء تحريك عجلة اقتصادها المتأثر بالعقوبات وكورونا
سمحت إيران بإعادة فتح الأعمال التجارية الصغيرة خارج العاصمة السبت، مشيرة إلى صعوبة إبقاء اقتصاد البلد الذي يعاني من العقوبات ويعد بين الأكثر تأثّرا بتفشي كورونا المستجد في الشرق الأوسط مغلقا.
وتحدّث إيرانيون في محافظات عدّة عن ازدياد كبير في عدد السيارات في الشوارع بينما عاد الناس إلى أعمالهم في حين رأى البعض أن تخفيف الحكومة للقيود يبعث برسائل متضاربة.
ويسمح لبعض الموظفين الحكوميين العمل من منازلهم لكن على العديد الحضور إلى المكاتب.
وقال مهندس البرمجيات من أصفهان (وسط) رضا ميرابي زاده لفرانس برس إن “الناس مربكون ولا يعرفون كيف يتصرفون. ليس إغلاقا تاما وفي الوقت نفسه ليس إعادة فتح فعلية” للأعمال التجارية.
وأضاف “عندما يطبّقون إجراءات صارمة يكون الناس أكثر حرصا ولا يخرجون إلا بالكمامات والقفازات”.
وتابع “لكن مع الإعلان عن مزيد من الأمور كهذه، يصبح الناس أكثر إهمالا معتقدين أن الأمر غير جدّي”.
ومع إغلاق مترو أصفهان على خلفية تفشّي الوباء، لوحظت زيادة حركة السير صباح السبت مع بدء الناس تنقّلهم، على حد قوله.
وأسفر المرض عن وفاة أكثر من 4300 شخص بين 70 ألفا أصيبوا به في الجمهورية الإسلامية بينما تسري تكهّنات في الخارج بأن الأعداد الفعلية قد تكون أعلى من ذلك.
وسارعت السلطات لاحتواء تفشي الوباء عبر إغلاق المدارس والجامعات وصالات السينما والملاعب وحتى المزارات الشيعية.
– اقتصاد هش –
وقوبل قرار إعادة فتح الأعمال التجارية “منخفضة المخاطر” بانتقادات من خبراء الصحة وحتى بعض المسؤولين الحكوميين، لكن الرئيس حسن روحاني قال إنه “لا توجد طريقة أخرى”.
وانكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 4,8 و9,5 في العامين الأخيرين، حتى قبل تفشي الوباء، بحسب صندوق النقد الدولي.
وتبدو توقعات البلاد بتحقيق نمو نسبته صفر في 2020 مستبعدة جرّاء تفشي الوباء.
وعانت البلاد من ارتفاع نسبة التضخّم وتراجع قيمة عملتها الوطنية بدرجة كبيرة خلال الشهرين الماضيين.
واستهدفت العقوبات الأميركية التي أعيد فرضها في 2018 قطاع النفط الإيراني الذي يعد غاية في الأهمية، ومع تراجع أسعار الخام عالميا، انخفضت العائدات بشكل أكبر.
وأفاد كبار المسؤولين أن هذا الأمر، مصحوبا بتراجع عائدات الضرائب، يدفع إيران إلى عدم إغلاق اقتصادها.
وقال روحاني هذا الأسبوع “نريد أن تتواصل الأنشطة الاقتصادية بقدر الإمكان بالتزامن مع مكافحة فيروس كورونا”.
وسيسمح كذلك بعودة النشاط الاقتصادي في طهران “بالتدريج” اعتبارا من 18 نيسان/أبريل.
وقال السبت إن “استئناف الأنشطة لا يعني تجاهل قواعد الصحة” داعيا الإيرانيين إلى التيقّظ.
وتشير إيران إلى اتّباعها “تباعدا اجتماعيا ذكيا” يشمل تسجيل الأعمال التجارية عبر الإنترنت لدى وزارة الصحة واتّباعها القواعد الضرورية للسماح بإعادة فتحها.
– “ترف الحجر الصحي” –
لكن تبدو إعادة فتح المتاجر خطوة مربكة.
وفي هذا السياق، يشير صاحب متجر لبيع الأحذية من أصفهان إلى أنه سمح له بالعودة إلى العمل. لكن بما أن متجره في شارع فرعي من النوع الذي طاله الحظر باعتباره مكانا قد يتجمع فيه الناس، فلا يمكنه إعادة فتح محله.
وقال طالبا عدم الكشف عن هويته “عندما يعلنون أنه بإمكاننا العمل، يتصل الأشخاص الذين استدنت منهم مطالبين بأموالهم. لكن لا يمكنني فتح متجري.”
وأظهرت صور نشرتها وسائل الإعلام المحلية الإيرانيين وهم يتسوّقون في مدينتي كرمان (جنوب شرق) ومشهد (شرق)، وبعضهم يرتدي الأقنعة الواقية والقفّازات.
وفي محافظتي إيلام (غرب) ويزد (وسط) فتحت العديد من المتاجر لكن عدد الزبائن بدا ضئيلا.
وقال محمد أذرنغ (26 عاما) إن محله لبيع الوجبات السريعة في إيلام مفتوح منذ أسابيع لكن “النشاط التجاري ضئيل”.
وأفاد أحد سكان يزد ويدعى مصطفى قاسمي ويبلغ 67 عاما أنه رأى أن العديد من “متاجر الأحذية والملابس وتلك المتخصصة في إصلاح السيارات” أعادت فتح أبوابها عندما كان في سيارته صباحا.
وأضاف الصيدلاني الإيراني “لكن لم يكن هناك العديد من الناس في الشوارع. لا يخرج إلا عدد قليل جدا للتبضّع”.
من جهته، أكد عبّاس جان أحمدي وهو مصوّر سينمائي مستقل إن “كثيرين أجبروا على الخروج والعمل. لا يملك الجميع ترف الحجر الصحي الذاتي”.
وأشار الشاب البالغ من العمر 28 عاما إلى أنه رفض عروض عمل على خلفية تخوّفه من الفيروس لكنه قد يضطر للاستسلام مع نفاد مدّخراته وتأخر الدفعات الواصلة إليه من التدريس والمشاريع الحكومية.
وأضاف “يمكن العيش على المدّخرات لكن لفترة محدودة. لا أعرف حقا ماذا أفعل”.