السودان
الخبز والوقود والغاز.. أزمات تهزم قرار حظر التجول الشامل في الخرطوم
كما توقع المراقبون، كشف اليوم الأول من حظر التجول الشامل صعوبة إلزام سكان الخرطوم بالبقاء في المنازل، وهو القرار الذي اتخذته الحكومة للحد من تفشي جائحة كورونا.
وفي ساعات الصباح الأولى من يوم السبت، أعلنت وزارة الصحة أن العاصمة السودانية سجلت أكبر حصيلة للإصابة بالفيروس المميت والبالغة 30 حالة دفعة واحدة.
ولفرض الحظر، اتخذت الحكومة حزمة إجراءات صارمة، بينها وقف المواصلات العامة وإغلاق الأسواق ومنع أنشطة الباعة الجائلين.
غير أن ذلك لم يمنع المئات من الخروج للاصطفاف أمام المخابز ومحطات الوقود والساحات التي يتم فيها توزيع غاز الطهي.
كما اكتظت بعض الأسواق منذ الصباح الباكر وبتدافع كبير للاستفادة من ساعات السماح (من 6 صباحا حتى 1 ظهرا) التي قررت فيها السلطات إتاحة فرصة التحرك للراغبين في الحصول على احتياجات أساسية داخل الأحياء والأسواق القريبة من مواقع السكن.
ورصدت “الجزيرة نت” ازدحاما لافتا أمام العديد من المخابز في الخرطوم حتى ما بعد الواحدة ظهرا، دون أن يحصل غالب المصطفين على حصتهم، بينما سارع أصحاب المخابز إلى إغلاقها بحجة انقضاء وقت البيع.
وبحسب سيدات كن يقفن تحت الشمس الحارقة لساعات طلبا للخبز، فإن حظر التجول لن يبقيهن في المنازل نظرا لضرورة وجود الخبز في وجبة واحدة على الأقل، وهو ما يضطرهن للمخاطرة في الزحام والانتظار، رغم إدراكهن أن التقارب والاختلاط ربما يكون ناقلا للفيروس.
وتكرر المشهد ذاته في عدد من محطات الوقود، حيث اضطر العاملون عليها لإغلاقها في الساعة الواحدة تماما دون اكتراث لمئات السيارات المصطفة.
المبيت أمام محطة الوقود
وقال صاحب سيارة يدعى محمد علي إنه في ذات المكان منذ الليلة الماضية، واضطر للمبيت في الشارع أملا في الحصول على وقود، ولكن دون جدوى.
وقال صاحب سيارة يدعى محمد علي إنه في ذات المكان منذ الليلة الماضية، واضطر للمبيت في الشارع أملا في الحصول على وقود، ولكن دون جدوى.
وتنامت حالات التذمر وسط المواطنين بعد مواجهتهم صعوبات في التمكن من قضاء احتياجاتهم خلال فترة السماح، حيث كان العشرات يكتظون أمام إحدى أجهزة الصرف الآلي، بينما بدأت قوات الشرطة في الانتشار لتفريق المتجمعين والشروع في تطبيق الحظر الكامل.
ومع ساعات المساء ارتفعت نسبة الالتزام بالبقاء في المنازل، وخلت الشوارع من المارة والسيارات عدا قلة كانت مضطرة للخروج تحت دواع مختلفة، بينما وسعت القوات النظامية وجودها في شوارع رئيسية، كما أغلقت الجسور الرابطة بين مدن الخرطوم الثلاث.
وفي غضون ذلك، اجتمع والي الخرطوم المكلف يوسف الضي بمعتمدي المحليات (البلديات)، وأصدر توجيهات بضرورة الالتزام بتطبيق الحظر بشكل كامل دون تساهل، ووضع ضوابط صارمة لمنح تصاريح المرور، بالإضافة إلى مضاعفة الجهود لتوفير السلع الضرورية للمواطنين في مواقع سكنهم، وهي: الخبز والغاز واللحوم والخضروات والدواء.
كما خلص الاجتماع إلى تفعيل المرسوم الصادر من رئيس مجلس الوزراء، وتطبيق العقوبات التي نص عليها في مواجهة المخالفين لأوامر الحظر.
وتقرر إيقاف تزويد وسائل المواصلات بالوقود اتساقا مع قرار وقف حركة النقل، علاوة على توجيه أئمة المساجد للالتزام الصارم بقرار وزير الإرشاد والأوقاف منع صلاة الجماعة.
وقبل يومين، وجهت لجنة تنسيق شؤون أمن محلية الخرطوم بالتشدد في إنفاذ حظر التجول الكامل، والتقييد الصارم للمواطنين في حدود وزمان التحرك المسموح بهما داخل الأحياء السكنية لساعات محددة.
وقالت اللجنة في تصريح صحفي إنها تتحسب للتفلتات من بعض الأفراد لكسر الحظر في الأسواق أو المواقع العامة، بنشر قوات شرطية وأمنية لضبط المتفلتين، وتسيير دوريات داخل الأحياء لضبط التجمعات المحظورة من البعض منعا لانتشار جائحة كورونا.
تخوّف المصرفيين
وقرر بنك السودان فتح المصارف لساعتين لإنجاز المعاملات المستعجلة، لكن تجمع المصرفيين السودانيين دعا في بيان إلى التراجع عن هذه الخطوة بعد وفاة اثنين من المصرفيين بسبب فيروس كورونا، كما التزم الحجر المنزلي أربعة آخرون، علاوة على حالات اشتباه عديدة.
وأشار البيان إلى أن القطاع المصرفي هو الأكثر عرضة للإصابة بحكم التداول النقدي وكثافة العملاء على كافة المصارف.
وأضاف “وصل الأمر إلى إغلاق بعض المصارف وتعليق العمل بها، وهذا دليل دامغ على أن المصرفيين هم الأكثر عرضة لمخاطر الإصابة بهذا الداء”.
وشدد البيان على رفض تجمع المصرفيين فتح نوافذ الجمهور لما تشكله من خطورة في المقام الأول بحكم تبادل المستندات والأوراق النقدية التي تعد من أخطر ناقلات فيروس كورونا.
ودعا البنك المركزي إلى قبول العمل بصورة المستندات بدلا من الأصل في حالة الاعتمادات البنكية التي يمكن توفيرها أيضا عبر النافذة الإلكترونية، دون الحاجة إلى حضور العملاء.