ليبيا
الصراع الغربي الغربي على ثروات ليبيا … فاغنر” الروسية تتوغل في الإعلام اللي وتجمل صورة حفتر ونجل القذافي
لا تقتصر جهود شركة “فاغنر” الأمنية الروسية على إمداد قوات اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر بالمسلحين المرتزقة، بل تسعى إلى توجيه الرأي العالم بالبلاد من خلال التدخل في الإعلام.
وتعود ملكية الشركة الأمنية الروسية الأشهر إلى رجل الأعمال “يفغيني بريغوجين” المقرب من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويلقب بريغوجين بـ “طباخ بوتين” نظرا لأنه يدير شركة “كونكورد” التي كانت تنظم حفلات الاستقبال بالكرملين، وتخضع لعقوبات أميركية منذ نهاية 2016.
وتتولى فاغنر تنفيذ المهام الخارجية التي لا ترغب موسكو بتبنيها رسميا، حيث تعرف بدورها في ضم شبه جزيرة القرم، والانخراط في الاشتباكات شرقي أوكرانيا إلى جانب الانفصاليين، وكذا إرسال المرتزقة إلى سوريا للقتال إلى جانب قوات النظام السوري، كما فعلت الشيء نفسه في دول أفريقية.
وبرز اسم الشركة الآونة الأخيرة، مع احتدام الصراع في ليبيا، بين حكومة الوفاق الوطني المعترف بها أمميا وبين حفتر الذي يشن منذ أكثر من عام هجمات للسيطرة على العاصمة طرابلس.
وارتفعت أعداد المرتزقة الروس في ليبيا، بحسب تقرير لوزارة الدفاع الأميركية من مئتي عنصر في سبتمبر/أيلول 2019، إلى ما بين ثمانمئة و1400 نهاية العام نفسه، في وقت قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في فبراير/شباط الماضي، إن أعداد المرتزقة وصلت إلى 2500.
ولا تكتفي “فاغنر” بإمداد حفتر بالمرتزقة، بل تسعى لخدمة الأجندة الروسية، من خلال “خدماتها الاستشارية” الإعلامية والسياسية والمالية.
رأي عام موال لحفتر
تسعى شركة “فاغنر” إلى تشكيل رأي عام مؤيد لحفتر ولـ “سيف الإسلام القذافي” نجل الزعيم الراحل معمر القذافي، وفق دراسة نشرها “مركز السياسات السيبرانية” في جامعة “ستانفورد” الأميركية.
وأظهر تقرير أعدته مؤسسة “دوسير” للأبحاث، ومقرها لندن، أن شركة “فاغنر” أقدمت على أنشطة من قبيل “الدخول في شراكة بقناة (الجماهيرية) التلفزيونية التي تعود لنظام القذافي، والقيام ببث برامج لصالح حفتر وسيف الإسلام القذافي”.
كما أصدرت فاغنر صحيفة موالية لحفتر، وقدمت خدمات استشارية لقناة تلفزيونية مؤيدة له، وأدارت حسابات تلك الوسائل الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي.
واستندت المؤسسة في تقريرها إلى مراسلات حصلت عليها بشأن أنشطة “فاغنر” في مجال الإعلام بليبيا.
شريكة بقناة القذافي لدعم حفتر
ووفق التقرير، استحوذت “فاغنر” على 50% من رأسمال قناة “الجماهيرية” التلفزيونية، والتي توقفت عن البث عقب الثورة التي أطاحت بالقذافي، ومن ثم استأنفت بثها من مصر.
ولفت التقرير إلى أن القناة تطورت من حيث القدرات التقنية، عقب دخول “فاغنر” على الخط، وباتت تبث بانتظام بعدما كان ينقطع بثها كل شهرين أو ثلاثة.
وأوضح أن القناة أصبحت تتمتع بشعبية كبيرة بين أنصار سيف الإسلام القذافي، حيث يعتقد أن نحوستة ملايين شخص يتابعونها أسبوعيا.
كما أشار التقرير إلى أن القناة الموالية لسيف الإسلام، والتي كانت تنتهج نهجا يحن إلى عهد القذافي، في الأشهر الأولى من العام المنصرم، انتقلت تدريجيا للترويج لحفتر، سواء عبر شاشتها أو بحساباتها على مواقع التواصل.
وبيّن التقرير أن تغيير القناة لخطها التحريري لصالح حفتر أثار حفيظة أنصار القذافي، مشيرا إلى إنشاء عشرات الحسابات المرتبطة بالقناة على مواقع التواصل الاجتماعي، بعضها يضم مئات الآلاف من المشتركين.
وقبل نحو شهر، ذكرت وكالة بلومبرغ الأميركية أن شركة فاغنر أجرت لقاءات مع سيف الإسلام القذافي، بهدف تنصيبه زعيمًا لليبيا.
وقالت بلومبرغ إن سلطات حكومة الوفاق الوطني تمكنت العام الماضي من القبض على عميلين روسيين، وضبطت في حوزتهما ملاحظات عن لقاءات عقداها مع نجل القذافي.
ووفقا لتلك الملاحظات، أجرى العميلان الروسيان ثلاثة لقاءات مع سيف الإسلام القذافي المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، وشارك في أحدها مستشار انتخابات روسي.
كما تناقلت وسائل إعلام عالمية العديد من الأخبار حول أن خيارات روسيا لا تقتصر على حفتر في ليبيا، وأنها لازالت تبقي نجل القذافي سيف الإسلام بين خياراتها.
وبالعودة إلى تقرير مؤسسة “دوسير” أصدرت مجموعة “فاغنر” صحيفة “صوت الشعب” التي توزع مجانا. وأكد التقرير أن الصحيفة تنتهج خطا تحريريا مواليا لحفتر بشدة، ومناهضا لحكومة الوفاق.
كما دخلت في دائرة اهتمام مجموعة فاغنر قناةُ “ليبيا الحدث” -التي يملكها صدام نجل حفتر، والتي تبث من داخل ليبيا منذ 2015.
ووفق التقرير، فإن الخبراء الإعلاميين في “فاغنر” أجروا تقييما حول أداء المحطة، وقدموا توصياتهم إلى إدارة القناة.
ورغم إعلان قوات حفتر، في 21 مارس/آذار الماضي، الموافقة على هدنة للتركيز على جهود مكافحة فيروس كورونا، فإنها تواصل هجوما بدأته في 4 أبريل/نيسان 2019، للسيطرة على العاصمة طرابلس مقر حكومة الوفاق الوطني.
وردا على الانتهاكات المستمرة، أطلقت الحكومة، في 26 من مارس/آذار الماضي، عملية “عاصفة السلام” العسكرية ضد قوات حفتر التي تنازع الحكومة على الشرعية والسلطة في البلاد.
وضمن “عاصفة السلام” تمكنت القوات الحكومية، الاثنين، من استعادة ست مدن ومنطقتين إستراتيجيتين من قوات حفتر، أبرزها صبراتة وصرمان، مما يعني سيطرتها على كامل الساحل الغربي حتى الحدود التونسية.