الإيرانيون يخشون موجة جديدة من الإصابات بالفيروس
فيما بدأ العديد من سكان العاصمة الإيرانية يستفيدون من تخفيف قيود الحد من تفشي وباء كوفيد-19، يخشى البعض من موجة عدوى جديدة في هذا البلد الذي لا يزال الأكثر تضررا بالجائحة في الشرق الأوسط.
وتمتم صاحب متجر يدعى منوشهر قائلا “طابور أغبياء” فيما كان ينظر بازدراء إلى زبائن وقفوا في صف طويل أمام محل صيرفة في حي صادقية بغرب طهران.
وكان العديد منهم يقفون على مسافة قريبة من بعضهم البعض ولم يضع جميعهم أقنعة واقية.
وقال شرطي مرور لوكالة فرانس برس إن طوابير كهذه باتت تُشاهد بشكل منتظم منذ إعادة فتح محلات الصيرفة. واشتكى من أن الناس قلما يلتزمون بالقواعد الأساسية لمنع العدوى.
وبدأت الحكومة بتخفيف الضوابط التي وضعت لاحتواء الفيروس خارج طهران في 11 نيسان/أبريل، معتبرة أن الاقتصاد — المنهك أساسا بسبب عقوبات أميركية — بحاجة لاستئناف الأنشطة الأساسية الضرورية.
وسمحت للأعمال التجارية الصغيرة في العاصمة بإعادة فتح أبوابها بعد أسبوع على ذلك، قبل أن تسمح لمراكز التسوق باستقبال الزبائن في 21 نيسان/أبريل والحلاقين يوم الأربعاء.
وسجلت إيران في الثاني من أيار/مايو 802 إصابة في أدنى حصيلة يومية للإصابات منذ مطلع آذار/مارس.
غير أن هذا الرقم اليومي الخطير عاد إلى الارتفاع متجاوزا 1500 إصابة السبت لترتفع الحصيلة الإجمالية إلى أكثر من 106 آلاف إصابة.
– يعرضون حياتنا للخطر –
باتت شوارع العاصمة وأسواق البازار ومراكز التسوق تعج بالحركة بعدما أقفرت تقريبا لأسابيع عقب فرض غالبية القيود في آذار/مارس.
وأبدى ميلاد، صاحب متجر في مركز تسوق، معارضة بشأن تخفيف القيود على التنقل.
وقال “جميع هؤلاء الزبائن الذين يدخلون يعرضون حياتنا للخطر — نحن المضطرون على القدوم” إلى العمل.
ويصبح مركز التسوق مكتظا جدا في المساء، حسبما أشار الشاب البالغ 22 عاما والذي لم يكن يضع أي لوازم حماية.
وأودى وباء كوفيد-19 الذي يصيب الجهاز التنفسي بحياة قرابة 6600 شخص في إيران منذ الإعلان عن أول وفاتين في مدينة قم في 19 شباط/فبراير، بحسب السلطات.
واعتبر نائب وزير الصحة إيراج حريرجي طهران بمثابة “كعب أخيل” إيران في الحرب على الفيروس.
فالمدينة يسكنها ثمانية ملايين نسمة وهي نقطة جذب لمئات آلاف العمال من محافظات أخرى.
وقررت الحكومة تخفيف الاجراءات حتى مع بقاء طهران في نطاق اللون الأحمر بحسب نظام ألوان يقيم درجة خطورة الوباء في مختلف المحافظات بالأبيض والأصفر والأحمر (من الأقل إلى الأكثر خطورة).
ولا تزال المدارس والجامعات ودور السينما والملاعب مغلقة للحد من العدوى.
– لا يكترثون –
قال خبير الأمراض المعدية في وزارة الصحة مسعود مارديني إن “الناس وعندما كانوا حذرين ساهموا في انخفاض أعداد الإصابات، لكن ما إن اعتبروا أن المرض أقل مدعاة للقلق، شاهدنا الحالات تتزايد”.
والارتفاع “يعود في جزء منه لإعادة فتح الأنشطة التجارية وخروج الناس للتسوق” وفق ما صرّح لوكالة إسنا شبه الرسمية للأنباء، لافتا ايضا إلى ازدياد حركة التنقل في محافظة طهران.
وتعهد مسؤولو الصحة بإعادة فرض تدابير صارمة في حال استمرت أعداد الإصابات في الارتفاع.
لكن العديد من الإيرانيين لا يزالون مصرين أن عليهم العمل لتجنب خراب مالي.
وقال حامد “الحياة تكلف المال” مضيفا “على الناس العودة إلى العمل لأن الفيروس معنا منذ نحو ثلاثة أشهر”.
والشاب البالغ 22 عاما كان من بين الذين خرجوا إلى الشارع من دون أقنعة واقية معتبرا أنها “غير فعالة إلى حد كبير”.
وقد قطع أكثر من 150 كلم قادما من قم إلى طهران لإنجاز أعمال مصرفية للشركة الخاصة التي يعمل لديها.
ويتعين عليه القيام بهذه الرحلة مرة كل بضعة أيام، ويقول إنه لا يستطيع أن يرفض ذلك خشية أن يخسر وظيفته.
وعلى بعد بضع شوارع كان مارة يشترون الخضار الطازجة والفاكهة المجففة، غالبيتهم من النساء أو الرجال الأكبر سنا، لكن هنا كان غالبية المتسوقين يضعون الكمامات.
وقالت زهراء البالغة 30 عاما وتعمل محاسبة “أعتقد أن نصف الناس فقط ربما يطبقون قواعد الصحة”.
وأضافت “الناس إما لا يكترثون أو لا يطيقون” وضع قناع واق.
واشتكى محمد مقاول البناء السابق من أن الكمامات غالية الثمن ومحدودة الكميات.
وقد يتراوح ثمن كمامة طبية يمكن استعمالها مرة واحدة بين49 الف ريال (30 سنت أميركي، بحسب سعر الصرف غير الرسمي) إلى ما يزيد بعشر مرات أو 15 مرة عن ذلك للكمامة ذات نوعية أفضل وللاستعمال المتعدد.
وقال الرجل البالغ 58 عاما والذي لم يكن يضع كمامة “كان ينبغي بهم توفيرها للناس مجانا”.
لكن أكثر ما يقلقه هو الاكتظاظ الشديد على متن الحافلات حيث كثيرا ما يتم تجاهل العلامات الحمراء الموضوعة على نصف المقاعد لمنع الجلوس عليها، ضمن تدابير التباعد الاجتماعي.
وقال إنه يشعر بالاستياء لدى مشاهدة حافلة “على متنها 40 شخصا” خلال رحلته الصباحية وحض السلطات على توفير المزيد من الخدمات.