مصر

بعد فشل الحظر.. هل تنجح خطة التعايش مع كورونا بمصر؟

في محاولة للخروج من عنق الزجاجة اقتصاديا، وفي ظل عدم التوصل إلى لقاح أو علاج تستهدف الحكومة المصرية التعايش مع فيروس كورونا من خلال خطة على عدة مراحل بهدف إعادة عجلة الإنتاج، بعد أن تكبد الاقتصاد خسائر فادحة.

وانقسم المصريون بين مؤيد ومعارض لتلك الخطوة التي اعتبرها البعض بمثابة الانزلاق نحو ذروة تفشي الفيروس، واعتبرها البعض طوق نجاة من حالة السقوط في هاوية الانهيار الاقتصادي بسبب توقف الكثير من المناحي الاقتصادية.

وأقر مسؤولون وإعلاميون مصريون بما سموه عدم التزام المجتمع خلال فترة الحظر بالإجراءات الوقائية التي فرضتها وزارة الصحة خلال الشهور القليلة الماضية، مما أدى إلى تزايد عدد المصابين، وسط انتقادات لحالة عدم الاكتراث.

ولأول مرة منذ انتشار الفيروس تخطى عدد المصابين حاجز 500 حالة في يوم واحد، حيث أعلنت وزارة الصحة تسجيل 510 إصابات جديدة الأحد الماضي زادت إلى 535 حالة اليوم التالي، قبل أن تصل إلى مستوى جديد بـ720 إصابة أمس الثلاثاء، ليرتفع إجمالي الإصابات حتى مساء أمس إلى 13 ألفا و484 حالة، بالإضافة إلى تسجيل 18 ثم 15 ثم 14 وفاة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، ليرتفع إجمالي الحالات إلى 659 وفاة.

رواد وسائل التواصل الاجتماعي اتهموا الحكومة بالفشل في إدارة الأزمة، وأنها أجبرت المواطنين على خرق كل الإجراءات الاحترازية بعدم توفير وسائل الوقاية والحماية للشعب، وتكدس المصالح الحكومية، ووسائل المواصلات العامة.

وانتقد مغردون محاولة الحكومة تحميل المواطنين الفشل في إدارة الأزمة وتزايد انتشار الفيروس، خاصة بعدما انتقدت وزيرة الصحة هالة زايد قبل أيام ما سمته تراجع اهتمام المواطنين بالإجراءات الوقائية للحماية من فيروس كورونا، قائلة إنه “يجب على المواطن الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي وضعتها الدولة، وهناك أشخاص لم يستجيبوا لذلك”.

ولفتت الوزيرة في تصريحات تلفزيونية إلى أن زيادة عدد الإصابات تتسبب في إرهاق القطاع الصحي وتنعكس على الاقتصاد، مشيرة إلى أن زيادة الأعداد هي مسؤولية المواطن، وأن الدولة وفرت كل شيء، مضيفة “النظام الصحي المصري من أقوى الأنظمة الصحية في العالم، والتي استجابت لإجراءات مواجهة كورونا”.

وفي مؤتمر صحفي عقده هذا الأسبوع كشف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي خطة الحكومة للتعايش مع فيروس كورونا، حيث قال إنه سيتم اعتبارا من يوم 30 مايو/أيار الجاري السماح بفتح المحال والمراكز التجارية على مدار الأسبوع، على أن يبدأ حظر حركة المواطنين بدءا من الثامنة مساء وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، وذلك لمدة أسبوعين.

وأكد مدبولي الأحد الماضي أن المرحلة المقبلة ستشمل فرض ارتداء الكمامة في الأماكن العامة وجميع الأماكن المغلقة، وستكون هناك عقوبات لغير الملتزمين بها، ولن يسمح للمواطنين بالدخول إلى أي منشأة دون ارتدائها، وكذلك في وسائل المواصلات العامة والخاصة ومترو الأنفاق

وأشار رئيس الحكومة إلى بدء العودة التدريجية في كافة قطاعات الدولة اعتبارا من منتصف يونيو/حزيران المقبل، على أن تعود بعض الأنشطة الرياضية والنوادي ومراكز الشباب والمطاعم، لكن مع التشديد على الالتزام بتطبيق الإجراءات الاحترازية والوقائية.

واستباقا للزحام في عيد الفطر، أعلن مدبولي أنه اعتبارا من الأحد المقبل وحتى الجمعة 29 مايو/أيار الجاري ستغلق جميع المحال والمراكز التجارية، وكذلك المطاعم والأماكن التي تقدم الخدمات الترفيهية، والمتنزهات والشواطئ والحدائق العامة.

كما أعلن حظر حركة المواطنين بدءا من الخامسة مساء وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، وإيقاف وسائل النقل الجماعي والرحلات بين المحافظات.

وفي تصريحات صحفية، قال رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان حسين عيسى إن معظم دول العالم بدأت تسير باتجاه التعايش مع كورونا نتيجة صعوبة التعرف على موعد انتهاء هذه الأزمة، وذلك في محاولة لعودة ملامح الحياة الاقتصادية تدريجيا.

كما أيد رئيس جمعية مستثمري “نويبع- طابا” بجنوب سيناء سامي سليمان قرار بدء تشغيل الفنادق بحد أقصى 25% حتى 1 يونيو/حزيران المقبل، مؤكدا في تصريحات صحفية أنه “إحدى الخطوات الجادة من الحكومة نحو تنفيذ خطة التعايش مع الأزمة الراهنة”.

وبشأن مدى نجاعة تلك الخطة، قال المتحدث السابق باسم وزارة الصحة يحيى موسى إن “خطة التعايش مع الوباء التي أعلنتها الحكومة تمثل فصلا جديدا من التخبط والعشوائية، حيث تأرجحت توجهات الحكومة بين التهوين من آثار الوباء والتحذير منه، مما تسبب في حالة من اللبس لدى المواطن نتج عنها عدم الاكتراث بأي تحذيرات جديدة من قبل الحكومة”.

وفي حديثه للجزيرة نت، رأى موسى أنه يمكن تخفيف بعض الإجراءات الاحترازية في حال النجاح في تقليل الإصابات والوفيات، أما أن يتم رفع إجراءات الإغلاق رغم ازدياد معدلات الإصابة كما نشاهده في مصر حاليا فهو أمر كارثي ويمثل خللا كبيرا في ترتيب أولويات الحكومة بين إنقاذ الاقتصاد وإنقاذ الإنسان الذي يصنع الاقتصاد.

واعتبر أنه بالنظر إلى خطة التعايش ومراحلها فهي في الحقيقة بمثابة غض للطرف عن الجائحة والاكتفاء ببعض المظاهر البروتوكولية تجنبا للإحراج والانتقادات الداخلية والخارجية، وإلا فكيف يمكن للحكومة تطبيق إجراءات الوقاية ومكافحة العدوى داخل المباني الحكومية والمنشآت التجارية، في حين تفشل في تطبيقها داخل المستشفيات، وهي الأماكن المفترض أنها مجهزة ومعدة لذلك.

بدوره، قال البرلماني السابق أمير بسام إن القول بالتعايش مع فيروس كورونا إقرار بأنه مرض متوطن في البلاد، لكن الحقيقة أنه لا جدوى من هذا التعايش بدون جاهزية للكشف عن المرض، وأماكن عزل مناسبة ولائقة صحية ونفسيا، وتوفر بنية تحتية قوية للعلاج، وتوفير برنامج مالي لإعانة المصابين، سواء كان ذلك منزليا أو في أماكن العزل.

وفي حديثه للجزيرة نت، أشار بسام إلى أن إجراءات التعايش يجب أن توفرها الدولة، كتأمين المواصلات العامة، والمؤسسات الحكومية التي يتردد عليها ملايين المصريين يوميا، وتقليل الكثافة لتقليل فرص العدوى.

لكن بسام -وهو أستاذ في كلية الطب جامعة الأزهر سابقا- استدرك بالقول “للأسف، لا البنية الصحية ولا الاقتصادية مؤهلة لأي خطة تعايش، ولا إدارة الدولة تعير أي اهتمام حقيقي بالإنسان المصري”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى