استمرار الردود الفلسطينية الغاضبة على “الاتفاق الخياني”..
تواصلت الانتقادات الحادة للاتفاق الذي أبرمته الإمارات العربية المتحدة مع إسرائيل، والذي سيكون من بين بنوده، تبادل السفراء بين البلدين، بعد أن تذرع ساسة أبو ظبي بأن الاتفاق جاء لخدمة القضية الفلسطينية، بالرغم من إقراره ضمنيا بكل الخطط الاستيطانية التي تريد حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية تنفيذها، في وقت تواصلت فيه الفعاليات الجماهيرية الرافضة للاتفاق.
وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة: “إن العبث بالقدس ومقدساتها لن يمر”، مضيفا: “كما قال الرئيس محمود عباس، القدس ليست للبيع، فإن القرار الوطني الفلسطيني المستقل كذلك ليس للبيع”.
وأشار أبو ردينة إلى أنه لا يمكن السكوت على نسف مبادرة السلام العربية، وقرارات القمم العربية والإسلامية، وكذلك قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1515، أو التفريط بالحقوق الفلسطينية وعلى رأسها المقدسات، وقال وهو ينتقد خطوة الإمارات بتجاوز القيادة الفلسطينية بالحديث عن القضية الفلسطينية: “إن العنوان الصحيح لصنع السلام العادل والشامل هو رام الله والقيادة الفلسطينية وعلى رأسها السيد الرئيس محمود عباس، عبر إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وفق قرارات الشرعية الدولية، والسلام لن يكون بأي ثمن”.
وواصلت الفصائل الفلسطينية انتقادها للاتفاق، من خلال بيانات شجب، تلت عقدها اجتماعات مشتركة في عدة مناطق فلسطينية، حيث يجري في هذه الأوقات الإعداد للمزيد من الوقفات والمسيرات الاحتجاجية ضد اتفاق السلام بين الإمارات وإسرائيل، في مناطق الضفة الغربية وقطاع غزة، استمرارا للوقفات التي انطلقت الجمعة الماضية، وشهدت حرق صور محمد بن زايد، وتمزيقها، بعد أن داسها المشاركون بالأقدام.
وستنظم الوقفات بشكل متوافق عليه بين القوى الوطنية والإسلامية، خلال أيام الأسبوع الجاري، وفق برنامج يجري تجهيزه حاليا، ليغطي كل المدن الفلسطينية، والسبت نظمت وقفة في ميدان المنارة بمدينة رام الله، رفضا وتنديدا بالإعلان الثلاثي الأمريكي الإماراتي الإسرائيلي، بدعوة من قبل قيادة القوى الوطنية والإسلامية، التي اعتبرت في بيان أصدرته الاتفاق بأنه “خيانة”، وأضافت في بيان لها تقول: “لا يحق لدولة الإمارات أو أية جهة أخرى التحدث بالنيابة عن الشعب الفلسطيني”، وشددت على أن الاتفاق “نسف مبادرة السلام العربية وقرارات القمم العربية والإسلامية والشرعية الدولية”، وأنه يمثل أيضا “عدوانا على الشعب الفلسطيني”.
ترتيبات لتنظيم سلسلة من النشاطات الجماهيرية المناوئة للاتفاق
كما نظمت لجنة القوى والمؤسسات الوطنية في محافظة نابلس شمالي الضفة الغربية، مؤتمرا وطنيا رفضا لاتفاق تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، حضره نائب رئيس حركة فتح محمود العالول، ورجال دين مسلمون ومسيحيون.
وشهدت مدينة غزة وقفة جماهيرية دعت لها حركة حماس، تخللها هتافات وشعارات غاضبة ضد التطبيع، ولافتات تدعو الإمارات للتراجع عن اتفاقها مع الاحتلال الإسرائيلي. كما نظم في ساحة المجلس التشريعي في مدينة غزة، وقفة أخرى، أكد المشاركون فيها على رفضهم لاتفاق التطبيع.
إلى ذلك فقد قال الدكتور خليل الحية عضو المكتب السياسي لحركة حماس، إن اتفاق التطبيع الإماراتي-الإسرائيلي “هدية للاحتلال وانحياز له على حساب القضية الفلسطينية”، مؤكدًا أن “توقيته مشبوه”، وأكد خلال لقاء عبر فضائية الأقصى التابعة لحركته، أن ما أُعلن من اتفاق بين النظام الإماراتي والعدو الصهيوني “سجل صدمة وخطوة تراجع حقيقية من قبل هذا النظام العربي في دعم القضية الفلسطينية”، ودعا الحية الشعوب العربية والإسلامية إلى الضغط على أنظمتها لثنيها عن التطبيع، وأضاف: “سنعمل على إعلاء الصوت، وإجهاضه ما استطعنا إلى ذلك سبيلا”، مشيرا إلى أن التطبيع مع الاحتلال يعتبر “هدية لترسيخ أقدامه والاعتراف به وتجسيد وجوده على أرض الرسالات المقدسة”.
وشدد الحية على أن “الاحتلال الصهيوني يجب أن يلاحق ويقاوم ويطرد من أرضنا، لا أن تمهد له الطرق وتفتح له العواصم”، لافتا إلى أن الاتفاق جاء إنقاذا نتنياهو الذي يعاني من الأزمة الداخلية، معرباً عن أسفه من محاولة تزيين هذا الاتفاق بمصلحة الشعب الفلسطيني، وحذر الدول العربية والإسلامية من الحذو حذو الإمارات بالتطبيع مع الاحتلال، مؤكدا أن التطبيع “ضربة لوحدة الأمة في مواجهة الاحتلال”.
وكان عضو المكتب السياسي لحركة حماس فتحي حماد قال: “إن طريق النجاسة الذي سلكه حكام الإمارات لا يمكن أن يؤدي إلا إلى الانتكاسات”، وقال: “فلسطين ستحرر، وسيذهب حكام الإمارات إلى حيث يستحقون في التاريخ”.
من جهتها، قالت رابطة علماء فلسطين إن ما فعلته الإمارات يمثل “مخالفة شرعية واضحة تفضي إلى موالاة الكافرين”، واعتبرت الاتفاق “دليلا واضحا على عمق العلاقة الأخوية الحميمية المتينة بين القيادتين الصهيونية والإماراتية”، وجاء في بيان الرابطة: “تابعنا بمزيد من الحسرة والأسى والأسف ما فعلته دولة الإمارات التي يفترض أن تكون دولة عربية شقيقة وتدعم الشعب وحقوقه وترعى الدين الإسلامي العظيم في عقر داره ومهده، وهو الأقصى وفلسطين أرض المحشر والمنشر”.
من جهته اعتبر الأمين العام للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس اللواء بلال النتشة، “الاتفاق التطبيعي” الإماراتي الإسرائيلي برعاية الولايات المتحدة، مكافأة للاحتلال على جرائمه المرتكبة يوميا بحق الفلسطينيين، وأضاف: “دولة الإمارات تخلت علنا عن الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وأعطت شرعية مطلقة للاحتلال، وكل جرائمه المرتكبة بحق أبناء شعبنا”.
وأكد أن هذا الاتفاق يضرب عرض الحائط مبادرة السلام العربية التي اشترطت إقامة علاقات تطبيع بين الدول العربية مع إسرائيل بإنهاء الأخيرة احتلالها للأراضي الفلسطينية المحتلة عام ٦٧، بما فيها القدس الشرقية، لافتا إلى أن الاتفاق “استخدم القضية الفلسطينية ذريعة لتمرير الخيانة”، ودعا شرفاء الأمتين العربية والإسلامية إلى إسقاط هذه المؤامرة.
وأدانت شبكة المنظمات الأهلية الاتفاق التطبيعي الإسرائيلي الإماراتي برعاية أمريكية، وتوقيع اتفاقيات تعاون مشترك في مجالات مختلفة، ورأت أن الاتفاق يعد “انزلاقا خطيرا نحو تنفيذ صفقة القرن، والتفافا واضحا على قرارات الإجماع العربي، بما فيها مبادرة السلام العربية”، معلنة رفضها استغلال القضية الفلسطينية، وادعاء تعليق الاحتلال ضم الأراضي الفلسطينية لتبرير الخطوة الإماراتية، والتي من شأنها إضعاف وتشتيت الموقف العربي في مواجهة الاحتلال.
كذلك وصفت حركة مقاطعة إسرائيل الاتفاق بـ”العار”، وأنه يكرس لـ”الخيانة بمباركة أمريكية”، وجاء في بيان نشرته: “إن خيانة النظام الإماراتي للقضية الفلسطينية، القضية المركزية لشعوب المنطقة العربية، أتت على مراحل وترافقت مع الجرائم ضد الإنسانية التي يقترفها النظام، مع شريكه النظام السعودي، في حقّ شعب اليمن الشقيق، بالإضافة إلى دعمه مجموعاتٍ مسلّحةً في دول عربية أخرى”.
وأضافت: “كما تأتي هذه الخيانة في الوقت الذي يبدّد فيه النظام ثروات الشعب الإماراتي على بذخ ثلةٍ من الأمراء الفاسدين، وفي خلق نظامٍ استبداديّ، يقمع معارضيه بيد من حديد”، لافتة إلى أن التبادل العسكري والأمني القمعي القائم بين النظامين سراً، خصوصاً في صفقات الأسلحة وتقنيات الأمن والقمع الإسرائيلية، لعب دوراً مهماً في تكريس نظام الاستبداد الإماراتي.
إلى ذلك فقد استمرت الحملات الإعلامية المناهضة للاتفاق، والتي حملت انتقادات قوية لحكام أبو ظبي وتحديدا لولي العهد محمد بن زايد، ووصفته بـ”الخائن”، وشارك الكثير من نشطاء مواقع التواصل على وسم “#التطبيع خيانة” حيث جرى نشر صور لبن زايد، عليها إشارة “x” وأخرى افتراضية لبرج خليفة في إمارة دبي، وهو مضاء بعلم إسرائيل.